كل منا له طريقته الخاصة التي يعيش بها في حياته، وما منا من أحد إلا وله ظلاله التي يعيش في أفيائها التي تميزه عن غيره منها ما هو إيجابي وارف ومنها ما هو سلبي قاحل، وابرز شيء في حياة الإنسان هو عطاؤه، وهو الشيء الوحيد الذي تتباين فلسفة الناس في تصوراتهم عنه، فمنهم من يرى في العطاء جسرا يصلهم بالسعادة ، ومنهم من يرى في العطاء قطارا يبلغ به دروب الحياة المستعصية، والبعض الآخر ممن قل ما في يده يرى فيه أمرا غير ذي طائل لسقوطه عنه ، وهذا الكلام غير صحيح، لأن العطاء موضوعه فسيح، وبابه واسع، فقط فكر ودبر وستهتدي إلى طريقة قد تتمكن من خلالها على العطاء أيا كان هذا العطاء المهم أن فيه منفعة للناس. إن الثابت غير المتغير في الموضوع أنه ما من احد منا إلا وبين يديه ما ينفقه للآخرين “تبسمك في وجه أخيك صدقة”، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، في بعض الأحيان كلمة واحدة قد تسلي بها عن محزون كان ينتظرها بفارغ الصبر، وكلمة واحدة أيضا قد تعزي بها عن مهموم تكالبت عليه الدنيا وألوت عليه من كل حدب وصوب، وكلمة واحدة محكمة وموجهة ويعني بها قائلها قد تعيد للبعض كثيرا من حياته المعنوية التي كان قد فقدها، المهم أن تكون ثقافة العطاء هي التي تدفعنا لذلك، ونقول لمن يتحججون بقلة ما في أيديهم ليس كل العطاء ما يدفع من مال لتيسير حياة الناس، بل إن هذا جزء من مائة جزء لحالات العطاء، وعلى من ينظرون للحياة من هذه الزاوية الضيقة والمعتمة نقول لهم دعوا عنكم مثل هذه النظرات السوداوية فالحياة فيها من العطاء ما يفوق تفكيرنا لأننا أجمل ما فيها فلماذا أنكادنا ما زالت تتحكم بحياتنا، وقد كان باستطاعتنا ان نعلل أسباب ذلك بأنه حكمة من الله يختبرنا هل نستطيع ان نكتشف لأنفسنا طرقا نسعد بها من هم بجوارنا من المحيطين والأقربين كما قال الشاعر : إن شرّ الجناة في الأرض نفس تتوقّى قبل الرّحيل ، الرّحيلا وترى الشّوك في الورود ، وتعمى أن ترى فوقها النّدى إكليلا هو عبء على الحياة ثقيل من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا جميلا ليس أشقى مّمن يرى العيش مرا ويظنّ اللّذات فيه فضولا أحكم النّاس في الحياة أناس عللّوها فأحسنوا التّعليلا كلنا يعرف قصة المتصدق الذي لما تداعى المسلمون للإنفاق في سبيل الله نصرة لدين الله وقد دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم لتجهيز جيش المسلمين الذي كان على أهبة الاستعداد للانطلاق إلى غزوة من الغزوات، حينها تداعى المسلمون يحثون الخطى للإنفاق إلا رجل معدم يحمل الكثير من المسئولية، عندما عاد إلى بيته فتش فيه عله يجد ما ينفقه في سبيل الله، لكنه عبثا كان يحاول، وعندما أوى إلى فراشه قال اللهم إنك تعلم أني لا أجد شيئا أتبرع به، اللهم من ذكرني بسوء في عرضي فإنني أتبرع بسماحي وعفوي عنه لجيش المسلمين، ونام وعندما أصبح الصباح نادى النبي صلى الله عليه وسلم أين المتصدق بعرضه، فقام الرجل متعجبا من سرعة الوحي الذي نزل على رسول الله، قال أنا يارسول الله، قال له لقد تقبل الله صدقتك فاستبشر الرجل الذي كاد يطير من الفرح. فقط أخي القارئ قليلا من التفكير الجاد والتوجه الصادق بعدها ستهتدي لا محالة إلى كثير من الطرق التي لو سلكناها لاستطعنا ان نمارس العطاء في أحلى صوره وابهى حلة.