لقد أستطاع الزميل العزيز عبد المغني عبد الرحمن القرشي أن يدق أو يعزف على نفس الوتر الذي ضللت سنوات طويلة أحاول العزف عليه ولم أجد التوفيق حينها لموازنته وضبط ذالك الوتر حتى يتسنى لي بعد ذالك بالتغني والعزف على اللون الذي يريده عقلي ويطرق في مخيلتي نظراً لأن مشاغلي وهمومي العملية هي وحدها من كانت ولا تزال تتغلب على أفكاري الصحفية حيث أجد نفسي في أكثر الأوقات أحمل (وأعجش) في ذاكرتي عشرات المواضيع الصحفية والمهمة وكلما هممت أن أبداء بمغازلة المفردات ومسك القلم إذا بي اصطدم بشغلي الوظيفي يبرز أمامي (مطلب عملي إجباري) يتطلب مني إفراغ كل ذاكرتي وفرمتتها من كل ما يتعلق بها كون وظيفة الأرقام الحسابية تثقل كاهل العقل كونها تتنقل خلف صاحبها من كرسي العمل لتلاحقه حتى إلى فراش نومه مما تجعله ينسى ويترك كل الأمور الأخرى ليتفرغ لاستجابة هموم الوظيفة العملية ويعطيها حتى جزء كبير من صحته وحالته النفسية وهذا ما أعانيه أنا والكثير من أمثالي .. نعم سوف أعود لزميلي عبد المغني الذي كتب بهذه الصفحة موضوعاً سابق بالعدد رقم 15982تحت عنوان (أيوب طارش وأغاني الأعياد الدينية) حيث تطرق لغزارة الإنتاج الفني والغنائي الذي يمتلكه فنان الشعب وحنجرة الجمهور اليمني بالذات الفنان الكبير أيوب طارش نائف العبسي إلا أنه أتى يبحث ويسأل لماذا غابت من فكر هذا الفنان العملاق الأغنية ألعيدية الخاصة بالأعياد الدينية بينما يعتبر هو أكثر من أثرى وأعطى الأعياد الوطنية حقها من الأناشيد الحماسية والثورية وهو من أعطى الفلاح والراعي والمزارع والضيف والأعراس والمهاجر والبعيد عن موطنه وأهله وهو من أعطى المناسبات الرمضانية والصوفية وهوا من تغنى للعاطفة والحب والولاء وهو من ردد وطالب بأغانيه لوحدة الوطن حينما كان مشطراً وهو من تغنى ونادى الليل البهيم وناشد القمر ونجوم الليل بأن يبقوا ويضلوا سامرين لمسامرة الأحبة والعاشقين بل كان الفنان أيوب طارش هو الإنسان المرهف الذي حاور السماء ودغدغ بألحان أغانيه قطرات المطر ونسيم الفجر وتحسس خيوط الشمس عند شروقها وعند الغروب .. نعم لقد وزع هذا الفنان أحاسيس ونبرات صوته الرخيم لكل الحياة في هذا الوطن ليتوقف صدا صوته عند الأغنية ألعيدية الدينية وأن كانت له هناك بعض التوشيحات لكنها غير مرتبطة بيوم عيد الفطر أو الأضحى والتباشير بقدومهما كما هي حال الأغنية الوحيدة للفنان الراحل علي بن علي ألأنسي (أضحك مع الأيام) حينما يتغنى بها هو بلسانه وليس بلسان من أتوا بعده ولم تعطه حقها من النكهة والنشوة ألعيدية .. لكننا نعود لحنجرة الشعب ومبكي المهاجر والبعيد ومناجي الطيور الفنان أيوب طارش لنقول له أطال الله بعمرك وحفظك رمزاً لهذا الوطن أنت أيه الشحرور المغرد نقول لك لست بعاجز عن تحقيق مطلبنا ولا يمكن لفنان كبير بحجم موهبتك أن يصطدم بجدار غنائي لأي لون كان ليوقف عاجزاً أمامه ولم يجد محاكاته بلغته المعروفة لذا نقول ونتمنى أن يكون لك بالعمر بقية بمشيئة الله وبحوله وقوته لتقف أمام هذا المطلب الشعبي بكل حواسك لتقرأه بكل تأنٍ وتعطيه حقه من العناية والاهتمام وليس ببعيد أن تكون لديك أو عندك كلمات قديمة في أرشيفك المنسي لمثل هذه المناسبات أو تواصلك مع الشاعر الذي يرضي ذوقك وطموحك لتضيف لمكتبتك الغنائية أغنية عيديه بصوتك الرخيم لتكون ذكرى لنا ولمن يأتي من بعدنا وإن كان هناك بالساحة الغنائية الكثير من هذه الأغاني لكنها وجبات سفري أو غثاء كغثاء السيل كونها بعد أن تخرج من بين شفتي صاحبها ينتهي صلاحيتها وصداها في تلك اللحظة ومع احترامي وتقديري لكل فنان ربما تغنى بمثل هذا اللون .وقبل الختام أشكر زميلي العزيز مغني ألذي تطرق لهذا الموضوع الحساس وأيقظ فينا ما كان نائماً وسط ذاكرة المحبين لم تحركه ذكريات المناسبة نفسها رغم ترددها علينا في كل عام مرتين ونحن نفتقر ونحتاج كثيراً لمثل هذا العمل خاصة عندما تكون كلماته تحاكي أفراح العيد وتحمل النصح والنصيحة وتطالب برمي الأحقاد والدسائس والأوهام خلف الظهور كما هو حال الأغنية ألعيدية اليتيمة للفنان الراحل علي ألأنسي التي فعلاً تعطي الجانب الإنساني شيئاً من مراجعة النفس والضمير وتجعله يقرأ كل ما تركه مخزوناً في عقله من أحقاد وكُره وضغائن على الغير ليعيد حساباته مع النفس ويتصالح مع من ضل عاماً كاملاً وهو ينظر إليهم نظرة حقد وحسد ليبدلها بالتسامح والابتسامة والضحك مع الأيام .. فهل يستجيب فنانا أيوب طارش عبسي لهذه الفكرة ؟؟؟ نتمنى ذالك.