Boshra Abdullah ناوليني قدحاً من القهوة يا أمي ...أعينيني لألتهم هذا الصباح سريعاً ....فما عاد بوسعي التحديق بملامحه البائسة ...أشتاتي الممزقة كقصاصات الجرائد وهي تلف الخبز الساخن بيد طفلة تتقن التبختر بالفرح بين الأزقة والحارات! أخفضي صوت المذياع ...لا أظن أنه سيبدأ الكلام في وجه هذا النهار بصوت فيروز أو رومانسيات كاظم...لا أظن أنني قد ألتمس ضوء أيوب وهو يغني شيئاً عن الوطن.... أمي ألم تسمعي بالأمس عن المرأة الثكلى والأرملة؟...ألم تكملي وجبتك اليومية من الغيبة والنميمة؟...ألم تتحدثي أنت ورفيقاتك عن “ الشهداء” العائدين من معارك تدعي القدسية وصلتها بالإله؟! ألم تخبرك إحدى المتذمرات عن عزرائيل المتنقل على دراجته النارية في الشوارع وعلى مداخل الحارات وأبواب الجوامع....ألم تحدثك عن الموت الذي يصادف كل شيء على هذه الأرض لمجرد أن يختلف اللاعبون ؟. أمي دعيني أكمل يومي بنومة طويلة كنومة أهل الكهف ...وإستيقظ ويفزع الناس من عمري وشكلي ... ولا أفزع منهم أو من شكلهم ....لا أتوجس ...أو أتلطف ...بل سأحاول أن لا أشتم الجيفة التي تنبعث من حاضرهم. هل أواصل الموت يا أمي ...أم ستدلينني على طريق آخر للنجاة من كل هذا؟ عصام المقداد أمي أنا الآن في حضرة أمي ... أتهيب كثيراً عندما أنوي الكتابة عنها جمعت كل مفردات لغتي التي أعرف و رتبتها رسمت كل ماتعلمت من خطوط هندستي و زينتها فلم أستطع إيفاءها و لو جزء من بعض ما لها تأبى اللغة أن ترتقي إلى جمال أمي و تعجز الخطوط أن تبلغها أي شيء مني لن أقول أنها حملتني و أرضعتني و لن أدعي أنها هي من اهتمت بي و ربتني علاقة أسمى من كل الروابط تجمعني بها و روابط تتحدى كل العلاقات تشدني إليها آن لكم أن تتركوني وحدي ... فأنا الآن أكلم ... أمي .