هل سمعتم عن شخصية “الحدودي “ وشخصية عكسها تسمى : “ألا حدودي” ؟! هما شخصيتان موجودتان في كل تجمع بشري, والملاحظ أن بينهما تجاذب يفرض عليهما أن يقيما معا علاقة ما ..! ويحدث بينهما صدام كبير عندما تكون علاقة زوجية ! الحدودي , والا حدودي يتسمان بسمات نفسية , وكل واحد منا قد يصبغ بإحداها وذلك حسب أسلوب التنشئة .. فمثلاً الشخصية التي تربت منذ طفولتها المبكرة بأسلوب التدليل وتكسير النظم , تصبح في كبرها شخصية لا حدودية , لأنها تعودت على عدم سماع كلمة “لا” وكذا اعتادت خضوع الأهل لرغباتها أي كانت ,فهي تظن بأن كل شيء مباحا لها , وأن ليس لأحد وضع سد في طريقها حتى لو كان لحمايته من تضخم ذات ألا حدودي ! وأما الشخصية التي تربت ببيئة منظمة, مقننة, فهي تصبح مثالاً للشخص الذي يعرف حدوده ويحرص على عدم انتهاكها , وكذا يحترم حدود الآخرين. عند الاقتران برابط الزوجية بين شخصية “حدودية “ وأخرى “ لاحدودية “ يظهر الأثر السيئ لسلوك الشخص ألا حدودي على مؤسسة الأسرة ,وذلك حين يبقى هذا الشخص يتصرف بطفولة معتمدا على حب الطرف الآخر له ,أو حاجته إليه ,أو خوفه منه ! فنراه يمارس على شريكه أساليب الإغواء والتهديد وربما بعض العنف ليسلبه حقه في تقاسم الأدوار في نطاق الأسرة .. وحقه في نيل الاحترام الكافي من شريك حياته ! نرى ألا حدودي يصر على تماهي المهام , والمقدرات , والأوقات بينهما , بل ويأخذ نصيب الأسد من كل شيء ! يتملص من كل اتفاق يقيم نظاما فعالا في البيت ويسهم في تطوير العلاقة من نمط : ( قوي مستبد مسيطر , مقابل ضعيف مستسلم مقهور) لنمط: شركاء متفاهمين , متوادين , يحترم كل منهما الآخر ,وخصوصيته , ويعترف له بحقوقه الإنسانية ! سبق وقيل لي بأن هذا كلاما كبيرا , ليس مكانه بيت الأسرة وعلاقة الزوجية وأن محله العلاقات الدولية ! لكن خبرتي في الإرشاد الزواجي وحل المشكلات الأسرية , أكدت لي بأنه لابد من ترسيم الحدود منذ البدء في العلاقة الزوجية ليعيش الاثنان بسلام , وحب , واحترام وتفاهم أبدي! والدليل على ذلك وضع فقه الزواج في قسم المعاملات بالدين الإسلامي ! في الأديان الأخرى يوجد مفهوم “أن الرجل والمرأة يصبحان شيئا واحدا بزواجهما “ ! حتى أنه يحرم الطلاق عند بعضهم , وتحرق الزوجة مع جثمان زوجها عند آخرين ! لكن ديننا , دين العقل والعدل والموضوعية يرفض ذلك ويجعلهما كما هما في واقع الحال اثنان ! وللحديث عن مفهوم ترسيم الحدود بقية ...