أكد وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي أن الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد عام 2011 ألقت بتداعياتها السلبية على مختلف المجالات ولاسيما الوضع الإنساني، بالرغم من التقدم الذي أُحرز على صعيد التسوية السياسية التاريخية، وما رافقها من استقرار نسبي في الوضعين الاقتصادي والأمني، إلا أن الوضع الإنساني في اليمن لايزال يمثل تحدياً كبيراً أمام الحكومة، ويتطلب اهتمام ودعم المجتمع الدولي الذي بدأ ينصرف اهتمامه بعيداً عن اليمن وصوب مناطق أخرى من مناطق الأحداث التي تشهدها المنطقة. وأكد الوزير القربي خلال تدشين خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2014م التي تتطلب دعماً يقدر بنحو 592 مليون دولار لمساعدة نحو 7.6 ملايين شخص في مختلف أنحاء اليمن أن استجابة الأشقاء والأصدقاء لتلك الخطة في اليمن لا يسهم فقط في بعده الإنساني وإنما يسهم في استقرار اليمن، ويظهر التزامهم بالوقوف إلى جانب اليمن في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد, مشيراً إلى أن اليمن تعد من الدول الأقل نمواً التي تواجه الكثير من التحديات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية، وتعاني من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والنمو السكاني إلى جانب محدودية الموارد الأساسية وضعف الاقتصاد الوطني وفقاً للإحصاءات والدراسات التي تدل على أن أكثر من نصف سكان اليمن لايزالون بحاجة إلى كل شكل من أشكال المساعدات الإنسانية، من بينهم 10 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في حين لا تتوفر المياه النظيفة والصرف الصحي لنحو 13 مليون شخص, كما أشار إلى أن أكثر من 8 ملايين ونصف المليون نسمة لا يتمكنون من الحصول بشكل كافٍ على الخدمات الصحية، بالإضافة إلى أكثر من 300 ألف نازح جراء الحرب في صعدة أو المواجهات مع عناصر تنظيم القاعدة، ولايزالون يعيشون في ظل ظروف إنسانية صعبة تتطلب تقديم العون والرعاية, وأن اليمن تحتضن أكثر من مليون لاجئ من دول القرن الأفريقي، بما يمثلونه على اليمن من عبء اقتصادي وتكلفة تقديم الخدمات لهم. وأوضح وزير الخارجية أن حكومة الوفاق الوطني تبنت برنامجاً طموحاً هدف إلى إعادة تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني بما ينعكس إيجاباً على الأوضاع الإنسانية في البلد, وأن الحكومة جعلت معالجة الأوضاع الإنسانية في مقدمة أولوياتها، وعملت على تيسير وتأمين وصول المساعدات الإنسانية والعاملين في المجال الإنساني إلى مناطق الصراع وتواجد النازحين, وكذا تقديم كافة التسهيلات للمنظمات العاملة في هذا المجال طبقاً للقوانين والأنظمة ذات الصلة, وأن مجلس الوزراء اعتمد يوم 26 يونيو 2013م وثيقة السياسة الوطنية لمعالجة النزوح الداخلي في الجمهورية اليمنية التي تعالج آثار النزوح الداخلي الناجم عن الكوارث الطبيعية أو النزاعات المسلحة ومعالجة النزوح في مراحلها المختلفة والتطرق لطائفة واسعة من الحقوق الأساسية للنازحين التي تضمن أدوار ومسؤوليات الجهات المختلفة بما في ذلك المجتمع المدني والمجتمع الدولي, واحتضان اليمن خلال شهر نوفمبر 2013م مؤتمراً إقليمياً حول اللجوء والهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن، والذي شاركت فيه دول مجلس التعاون ودول القرن الأفريقي، وتمخض عنه إعلان صنعاء الذي تضمن عدداً من التوصيات التي تسهم في إيجاد حلول لقضايا اللجوء والهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن, آملاً أن تتعاون الدول المشاركة في تنفيذه وأن يحظى بالدعم الدولي. وقال الدكتور أبوبكر القربي: إن النهوض بالوضع الإنساني في البلد كان أحد أهم القضايا التي كانت على بساط البحث في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي اختتم أعماله بنجاح يوم 25 يناير الماضي، وتضمنت وثيقته الختامية العديد من التوصيات ذات الصلة لاسيما تلك التي خرج بها فريق قضايا ذات البعد الوطني والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وفريق الحقوق والحريات التي ستجد طريقها في نصوص الدستور اليمني الجديد والقوانين النافذة، معبراً عن خالص شكره للأمم المتحدة ومكتب الأممالمتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية وكافة الجهات المعنية والمنظمات التي شاركت في إعداد هذه الخطة الهامة، مرحباً باسم الحكومة بخطة الاستجابة 2014 واستعدادها للمساهمة في تنفيذها, مؤكداً أن نجاح الخطة رهن بتوفير الدعم اللازم لها، آملاً أن تحظى بالدعم الكافي من قبل الدول والمنظمات المانحة ليتسنى للخطة الإسهام الفاعل في معالجة الوضع الإنساني في اليمن وإنجاح العملية السياسية الجارية, مشيراً إلى الدور الذي تقوم به الدول والمنظمات الإنسانية التي تقدم العون لليمن وتبذل كل جهدها من أجل تلبية احتياجات اليمن، إلا أن الإحصاءات أشارت العام الماضي إلى أن اليمن لم يستقبل إلا 53 % من المبالغ التي كانت مطلوبة لاحتياجات اليمن الإنسانية. وقال القربي: إنه من السهل أن تتوافر الأموال للصدامات المسلحة، على العكس ما يحدث للاحتياجات الإنسانية, وأن اليمن قدمت خلال السنوات الماضية تجربة ناجحة في الانتقال السلمي وفي الحوار الوطني الشامل وتحقيق بناء دولة مدنية حديثة كقصة نجاح يجب أن تدعم وأن لا يترك مصيرها بعد النجاح للمجهول أو لعدم توفير الدعم الكافي في المرحلة القادمة, وإلى افتقار الشراكة في تحمل اللاجئين ممن يمتدحون السياسة التي تنتهجها اليمن، وأنه بقدر ما ترجو اليمن من الأشقاء والأصدقاء ومنظمات المجتمع المدني لدعم احتياجاتها من الدعم الإنساني يجب أن نتحمل نحن كيمنيين المسؤولية؛ لأن النزوح ناتج عن الصراعات والمواقف السياسية الخاطئة التي لا تضع مصلحة الوطن في المقام الأول، وأن على اليمنيين في المقام الأول في هذا الوضع الذي تعيشه اليمن أن يتجهوا نحو اليمن الجديد وطي صفحة الماضي، كما قال فخامة الرئيس: إن على اليمنيين البدء بصفحة بيضاء لبناء اليمن الجديد. وأكد القربي أهمية أن تعمل المنظمات العاملة في اليمن بالشراكة مع الجهات المعنية في اليمن على تلافي شكاوى بعض الوزارات من بعض تلك المنظمات التي تعمل دون تنسيق معها, معبراً عن أسفه الشديد لرحيل الممثل المقيم والمنسق للأمم المتحدة في اليمن خلال الأسابيع القليلة القادمة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي عمل بكل إخلاص وقناعة، متمنياً له التوفيق وهو يصعد إلى أعلى سلم الأممالمتحدة. من جانبة أكد الممثل المقيم والمنسق للأمم المتحدة في اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أن اليمن تواجه تحدياً كبيراً في رجوع عدد كبير من المغتربين اليمنيين من البلدان المجاورة والذين يقدر عددهم ب 400 ألف مغترب، وأن العدد لايزال في تزايد, منوهاً أنهم كمنظمات إنسانية يرون أن الوقت ليس مناسباً وكذلك الطريقة التي يرحل بها اليمنيون، ما جعلهم في وضع إنساني صعب ما يتطلب أولوية خاصة, مشيداً بالدور الذي قام به اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني وحكمتهم، والنتيجة التي وصلوا إليها, مؤكداً عدم وجود الاستقرار في اليمن دون مواجهة قضايا البطالة والفقر والقضايا الإنسانية التي يجب أن تكون جزءًا من أولويات المانحين وحاضرة في أذهان الدول المانحة تجاه اليمن. بدوره أوضح وزير الصحة العامة والسكان د. أحمد العنسي أن الوضع الإنساني في اليمن لايزال يمثل تحدياً كبيراً نتيجة استمرار تدفق اللاجئين من القرن الأفريقي واستمرار معاناة النازحين في مناطق مختلفة من الجمهورية اليمنية تتمثل في الاحتياجات الإنسانية من المنظور الصحي لعام 2014م في تقوية وتعزيز الجهود المبذولة في مجال مكافحة سوء التغذية بالتركيز على المناطق والفئات الأكثر عرضة للمخاطر, ودعم جهود وزارة الصحة العامة والسكان في المكافحة والسيطرة على الأمراض الوبائية, والمحافظة على اليمن خالية من مرض شلل الأطفال ومن الأمراض الممكن الوقاية منها بالتطعيم, وسد فجوة الاحتياج من الأدوية والمستلزمات الطبية للمرافق الصحية؛ تلبية لحق المواطن في الحصول على الخدمات الصحية, وتعزيز الخدمات الصحية للاجئين والنازحين والفئات الأكثر عرضة للمخاطر, وتكاملية التدخلات الصحية الإنسانية التنموية وتقديم حزمة من الخدمات الصحية الأساسية، مع توفير مياه الشرب والصرف الصحي الملائمة، ودعم وزارة الصحة في مجال خدمات الطوارئ والإسعاف التي تفتقر إليها اليمن, مبدياً تخوفه من عودة مرض الملاريا بصورة أقوى إلى اليمن إذا حدث هناك أي انتكاس في دعم المانحين. كما أكدت من جانبها وزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور أن مشكلة الاحتياجات الإنسانية الحادة والملحة في اليمن ناتجة عن التداعيات السياسية الخاطئة, مستعرضة مجموعة من المشاكل التي تعانيها اليمن في الوقت الحالي، طالبة من المجتمع الدولي والأشقاء في الإقليم الذين يرعون عملية التسوية السياسية والوفاق الوطني أن يدركوا حجم التحديات التي تواجه اليمن، والالتزام مع اليمنيين بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني, كما طلبت من الحكومة الشفافية ومكافحة الفساد وأن تبدي الحكومة التزاماً بذلك، وأن توجد آليات وأدوات داخل الأجهزة الحكومية في مكافحة الفساد الذي أتى على حقوق الإنسان، ومنع المواطن اليمني من التمتع بحقوقه الأساسية في التعليم والصحة وفي حصوله على المياه النظيفة والآمنة, مؤكدة أن هيئة مكافحة الفساد ليس لها وصول إلى الأجهزة الحكومية، ولا تعلم ماذا يحصل فيها، وأن جهاز الرقابة والمحاسبة لا يراقب العمليات خطوة بخطوة في الإجراءات المالية الإدارية التي تحدث في كثير من الأجهزة الحكومية، مشيرة إلى وجود مجموعة من الصناديق لمكافحة الفقر إلا أنها لا تكافح الفقر, داعية المجتمع الدولي أن يتابع الحكومة اليمنية في إنشاء آليات الشفافية والرقابة والمحاسبة من أجل أن يتمتع المواطن بحقوقه. بدورها أوضحت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل د.أمة الرزاق حمد أن هناك مشكلة كبيرة وتحدياً كبيراً للعملية التنموية التي أعاقت مسار العمل التنموي في اليمن تمثل في المشكلات التي أدت إلى الأزمة السياسية والانتفاضة التي حدثت في العام 2011 نتيجة الفقر والبطالة التي ما ينظر غالباً إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على أنها مسؤوليتها, مشيرة إلى أن عدد الحالات وصل في الشؤون الاجتماعية إلى مليون وخمسمائة ألف حالة، وأن العدد الموجود على أرض الواقع يتجاوز بكثير ما يقرب من 8 إلى 9 ملايين يتلقون مساعدات الضمان الاجتماعي, وأن هناك حالات منتظرة في القائمة لم يتم اعتمادها، وأن هناك حالات جديدة تقدر بخمسمائة ألف حالة تم اعتمادها في عام 2010 لم يتم صرفها إلا بعد الحصول على دعم مؤقت من المانحين. نائب رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين محمد حرم أوضح أن مشكلة النازحين كبيرة جداً خصوصاً وأن المواجهات العسكرية مازالت جارية إلى الآن، وفي عدم قدرة الدولة والقبائل على ضبط النفس وإيقاف هذه الحروب, مؤكداً أن لديهم بيانات تؤكد أن عدد النازحين حتى نوفمبر 2013م ثلاثمائة وسبعة آلاف نازح في اليمن، لكن زادت من نوفمبر إلى الوقت الحالي 50 ألف نازح خلال ثلاثة أشهر؛ نتيجة للمواجهات في مناطق كثيرة منها العشة والقفلة وحوث ودماج وأخيراً في أرحب، مشيراً إلى أنهم يعانون مشاكل كثيرة في الصحة وانخراط أبنائهم في المدارس وغيرها. وقال: نحن نتفهم تقليص المبالغ المطلوبة في خطة الاستجابة لعام 2014م؛ نتيجة إعادة ترتيب الأولويات وهي 92 مليوناً، وأن ما يخصص للنازحين في اليمن هو اليسير جداً؛ حيث تم تقليص الحصة للأسرة الواحدة ما يقارب كيس دقيق و5 كيلو فاصوليا ولترين زيت؛ نتيجة إيفاء أو تقديم المانحين المساعدات لليمن. إننا نعرض مشكلة إنسانية وحساسة كبيرة جداً هي أن النازحين ليسوا لديهم المؤهلات والمهارات اللازمة للانخراط في المجتمع المدني، هم نازحون، ومعظمهم من مناطق نائية، وكل ما يعملونه في الزراعة والأعمال التجارية البسيطة، لذلك ندعو الحكومة والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإنسانية أن يكثفوا جهودهم لمساعدة النازحين بتوفير الحصة الغذائية الكافية.