في أية مساحة من الأرض.. قد يأتي من يعلن عليه اسم وطن فيصبح الوطن دولة ويعرف العالم كله باسمه وموقعه إنما ستبقى كل مافي أعماقه حكايات لا يعرفها إلا أصحابها حتى القائمين على ذات الوطن يجهلون حكايات الألم التي تعتصر المئات وربما الآلاف ممن يدعوا مسئوليتهم عليهم تتولد عندها مفارقات المنجزات التي يصنعها بخطاباته المسئول لأبناء شعبه وحقيقة في الواقع تنفي وقائع الخطاب وتفرض بالصورة الحية كذبة المسئول بأن الأولوية في الرعاية للإنسان حكايتنا اليوم عن إنسان فقد الرعاية الصحية فولدت حكايته مع الحياة في وطن منجزاته ألم وأنين. شعار وحقيقة ضائعة ليس هناك من إثنين قد يختلفون من أن الوطن اسم مقدس في حياة أبنائه إنما من غير الممكن أن يفرض التقديس له جد استلهام وسائل الكذب في الإقناع للغير من ان الوطن يشبه لوحة جمال ارتسم معالم كمالها فنان لا يتجاوز بخط سيره ممرات مزروعة بالورود ذات الروائح الاريجية كون الكذبة في الحق العام نكسة لا يدرك المرء حجم كوارثها إلا عندما تتسع رقعة مآسيها في كثير من تلك الزوايا المتباعدة والمتقاربة من وطننا شواهد تنفي ان الدولة قد وضعت الإنسان اليمني في أولوية اهتمامها من كونه مرتكز التنمية والحصانة للوطن في كل خطوة قد تخطوها في اتجاه أي موطن في بلادنا ستجد حكاية ألم ولدتها كذبة الوهم التي روجتها أنظمة وحكومات يمنية سابقة ولاحقة بالرعاية للإنسان. الشاب.. أنس خالد عبدالله الحسامي وعمره “22” سنة والذي يعد واحداً من مئات الآلاف الذين أحال الإهمال الصحي للدولة حياتهم إلى معاناة ولا تزال مكننة إنتاج الإعاقات المختلفة تنتج العشرات شهرياً وسنوياً منهم بفعل عوامل كثيرة يشكل السبب الرئيس فيها غياب دور الدولة في الرعاية الصحية للمواطن العامل الأول الذي يحيل المجتمع إلى معاقين لنقرأ حكاية الشاب أنس ونحكم. الحمى مصدر إعاقته في إحدى قرى مديرية شرعب الرونة ولد أنس الذي كان لوالديه حلماً فيه وكان بالنسبة للوطن رافداً جديداً شهور خمسة وحياته وحركاته تمنح أبويه أملا بأن الغد سيكون معه أفضل وللغيب سر يجافي الأمل وربما أن وجد الفعل المساعد له يؤدي إلى قتله فجأة يتعرض أنس إلى الحمى تتصاعد درجتها يحاول الأبوان التفتيش والسؤال عن أقرب مكان ينتصب فيه مركز صحي لرعاية البشر. في وقت كان العالم قد تجاوزوا بسيرهم مسافات القمر بينما تفتقد مديرية سكانها مئات الآلاف من البشر عيادة أو مركز صحي بينما تتموضع فوق كل تلالها أحدث الوسائل التي أنتجتها مكننة الموت والدمار ومثل كثير من أهل اليمن البوساء.. أعاد الأبوان الأمر إلى الله ومشيئته وترك الطفل أنس يصطلي بحرارة الحمى القاتلة فأراد الله له الحياة لكن مرض الحمى انتزع من حقه بالحركة والأمل بأن يعيش كمثال أقرانه من أبناء جيله وقد تضمرت عضلات ساقيه كبر أنس بشهوره حاول الاعتماد على جدران المنزل ليقف لكنه كان يتهاوى وقد عطله ساقاه بعد سنوات خمس من عمره تدبر الأبوان أمرهما وقررا العودة به إلى الأطباء في المدينة سيقول البعض لماذا لم يفعلوها في حينها وأقول هل جربتم الفقر المدقع المهم ذهبوا بطفلهم وأعرضوه على الأطباء وياريتهم لم يفعلوا كل ما أقره الأطباء هي المهدئات .. عاد الأبوان وطفلهما إلى قريتهم واستمرا على يقين بأمانة الأطباء في تجريع ابنهما المهدئات أياما والساقان تزيدان ضمورا ولمشيئة الله سلّما أمرهما .. بلغ أنس ست سنوات إستحب حركة أقرانه الذين يراهم يذهبون إلى المدرسة كل صباح فقرر أن يكون زميلا لهم فوجد في أبويه خيرا داعماً ومشجعاً له.. حزم حقيبته الصغيرة على رقبته وذهب يحبو إلى المدرسة معتمداً على يديه السليمتين في ذلك.. بينما كان الأبوان يحاولا أن يخفيا مشاعر الألم عنه ويدفعا به للاعتماد على نفسه لكنهما في أحيان كثيرة لم يكونا يحتملان فيكشفان عم في أنفسهم من خلال وضعه في أكتافهما ليذهبا به إلى المدرسة بالتناوب ذهاباً وإياباً فاستمر الحال على ذلك إلى أن نال أنس شهادة الثالث ابتدائي ليمنح أبويه إجازة عن مساعدته ليواصل رحلته اللاحقة في اتجاه موضع العلم معتمداً على نفسه حبواً ليبلغ بالحبو اليومي في اتجاه مدرسة أخرى مرحلة من التعليم الثانوي لتبدأ رحلة الحبو نحو الأمل أكثر ثقة من أنه سيصل إليها كونه قد سمع الكثير من وسائل الإعلام الرسمية وخطابات القائد والمسئول عما تقدمه من رعاية واهتمام بالمعاقين فاستنهض همة أبويه على مساعدته في الولوج إلى أول بوابات انعاش الأمل لديه بالشفاء وقد سمع عن لجنة طبية عالمية ستصل إلى المستشفى الجمهوري بصنعاء.. مؤكداً لهم أن كل ماهو مطلوب توفير مصروفات رحلتهم وإقامتهم بينما العلاج سيكون على حساب صندوق رعاية المعاقين كما سمع تفاعل الأبوين معه ودبروا أمورهم وغادروا.. عند عرضه على اللجنة الطبية الأجنبية وجدت أن حالته يمكن علاجها ونجاحها بنسبة 70 % والمطلوب فقط تدليل وعلاج طبيعي وفي أي مركز متخصص في اليمن تفاءلوا بالخير وعادوا إلى صندوق المعاقين في تعز وأعرضوا تقريرهم الطبي وطلبهم تحمل نفقات العلاج الطبيعي أسوة بكثير من المعاقين الذين تم علاجهم بتلك المراكز وشفوا من الإعاقة بمساعدة الصندوق إلا أن رد الصندوق كان بائسا وهو يبرر عدم وجود مركز مكتمل لديهم للعلاج تؤارى أمل أنس. بمساعدة الصندوق في علاجه تركن طلبه بحق علاجه وذهب إلى تقديم طلب آخر للصندوق يدعونه إلى تسجيله في أي مركز متخصص حتى يتمكن من أخذ دورة بالكمبيوتر واللغة الإنجليزية وقريب من المنطقة كما هو الحال مع المعاقين الذين يقدم الصندوق لهم مثل هذه الخدمات ليكرر الصندوق تبريره بعدم وجود إمكانيات.. أنس حامل الأمل الغير قابل بالهزيمة ذهب وسجل نفسه في أحد المعاهد على حسابه الشخصي لكنه لم يكن يدرك المطلوب لذلك 1500 ريال كان يدفعها يومياً للانتقال من منطقته إلى المعهد مقابل مواصلات ومع ذلك الهم الإضافي تكبد مشاق الرحلة والمال فهزم الإعاقة وكذبة الأمل الإعلامي. وانتصر على اليأس وأهله إلا أن لرحلته بقية وهي رحلة قد لا تجيز لمسئولي صندوق المعاقين أن يبرروا عن مسئوليتهم من تنفيذها كحق لأنس ولكل معاق هم معنيين في تقديمها بنص القانون واللوائح التي تنظم وتحدد مهام الصندوق ووجباته تجاه رعاية وتأهيل المعاقين والتي تتمثل في رغبة أنس في إكمال دراسته الجامعية بجامعة تعز.. والذي يلزم الصندوق من منحه حقه في العون المادي والمعنوي الذي يمكنه من مواصلة دراسته الجامعية مثله مثل غيره من المعاقين الحاصلين على الدعم في الجامعات الحكومية والخاصة والمراكز التعليمية والتأهيلية الأخرى.. أنس هذا الشاب المعاق ذو الطموح الجميل الذي يفترض بالجهات المعنية برعايته ان تفخر به وتعمل على تشجيعه والدفع به لتحقيق غايته الرائعة التي ستنعكس في ايجابيتها على الصندوق وزملائه من المعاقين وليس عند هذا الأمر قد نتوقف في مطالبتنا للصندوق بدعم أنس وإنما هناك حقوق أخرى لهذا الشاب المعاق وهي حقه بالحصول على دراجة نارية ذات أربع عجلات تمكنه من الانتقال من قريته إلى الجامعة بأقل التكاليف.. في اعتماد كامل على نفسه أنس.. طموح وآمال.. تتجاوز بإرادتها قدرة الإعاقة على هزيمتها وحتى المنجزات المتبخرة لن تقف لتفرض بأدواتها لدى أنس حالة اليأس والإحباط.. وإنما في النوابغ والقدرات طاقات تفوق كل عوامل التعرجات ومطباتها من أن تهزمها وللرحلة سطور أخرى.