اللحاق بالدول التي سبقتنا في ميادين العلم والتنمية ومن ذلك نمو الصناعة السياحة لا يستوجب منا الدخول في ترف التعلم عن طريق المحاولة والخطأ ولا يوفر لنا الكثير من الوقت لاقتراف تجارب لاختراع عجلة السير واستهلاك الموارد المحدودة في ما لا طائل منه. ولكن علينا أن نقوم بدراسة منهجية لما قامت به هذه الدولة أو تلك لتصل إلى ما وصلت إليه من تطوير والمنهجية التي اتبعتها المؤسسات المعنية لتستغل إمكانياتها ومقوماتها المختلفة في خدمة وتقوية هذا القطاع والذي انعكس على تحقيق نجاحات اقتصادية وتصدر السياحة جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى بل وما قدمته السياحة ولا زالت تقدمه لتلك القطاعات من فرص حسنت كثيراً من الناتج الإجمالي لتلك الدول. وبالنظر إلى تجارب دول مجاورة نجد على سبيل المثال لا الحصر تجربة الأشقاء في سورية حيث قامت الدولة بالتنبه إلى ضرورة بناء البنية التحتية لإدخال السياحة في دورة الاقتصاد السوري لتكون واحدة من الموارد المدرة للدخل وميدان لامتصاص مئات الألاف من الأيدي العاملة على مستوى العشرات من الصناعات والخدمات والحرف ومن الوسائل التي قام بها الأشقاء هناك منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي التوجه إلى نشر المعاهد الخاصة بالفندقة والسياحة والتي تستقبل مخرجات التعليم الأساسي أي بعد السنة التاسعة أساسية إلى جانب المعاهد المهنية الأخرى معتمدين في ذلك على خبرات من الدول الصديقة وصولاً إلى إيجاد كادر محلي وإلى جانب ذلك شهدت عملية التعمير البدء في إنشاء المنشأة الفندقية بمختلف الفئات إلى جانب جهود أخرى بذلت في مجالات الترميم وحماية المقاصد الأثرية – التي ناسف لما تعرضت له ولا زالت حتى الأن من تدمير واستهداف أغلب الظن أنه متعمد لما يرقى إلى مرتبة الجريمة المعاقب عليها وفقاً للقانون الدولي الإنساني باعتباره استهداف للتراث الإنساني من قبل الجماعات المسلحة التي تتقاتل هناك والتي تقاطرت إلى سورية من أصقاع الأرض المختلفة. وليس بخافٍ على أحد ما حققته السياحة في دولة مثل سورية من نجاحات وقفزات أسهمت في النهوض الاقتصادي والأكيد إن هذا القُطر العربي قادر على استعادة ما تكبده من خسائر وتدمير رغم حجم الدمار الكارثي إلا أن الفينيق قادر على تضميد الجراح والتعافي والعودة إلى دوران عجلة التنمية والتقدم لأنه كأي شعب يمتلئ شغفاً بالحياة. إذاً علينا في اليمن أن ندرس إمكانية الاسترشاد بالتجربة السورية في مجال التعليم المهني عبر معاهد الفندقة والسياحة للحصول على مخرجات سيزداد عليها الطلب في سوق العمل وأن ننتهج معايير الجودة في ذلك لنوجد لتلك المخرجات فرص عالية للعمل في داخل أو خارج اليمن سيما وأن هناك تجربة مماثلة في عهد ما قبل الوحدة وهي وجود معهد للفندقة في عدن وهو في حكم المتوقف إن لم يكن شيء من الماضي. والواقع الذي نمر به حالياً يجعل الكثير من الجهود المبذولة لاستقطاب السياح وتحقيق انتعاش للسياحة الخارجية أمر بالغ الصعوبة في ظل وجود الجماعات الإرهابية وأعمالها الدموية والحرب على الإرهاب والمظاهرات والمسيرات شبه اليومية وبؤر التوتر التي تؤرقنا جميعاً وتجعل حكومات الدول تلجأ إلى تحذير مواطنيها من التوجه إلى اليمن. نثق بإن هذه الحالة لن تستمر طويلاً وأن القادم أفضل ولكن علينا حتى ذلك الحين أن نتوجه إلى حصر وترميم وحماية مقاصدنا السياحية من أماكن أثرية وطبيعية ومتاحف... الخ، والقيام بالاهتمام بالعنصر البشري المؤهل تأهيلاً عالياً. [email protected]