تواصل الولاياتالمتحدة والعديد من الدول الأوروبية تشديد إجراءاتها الوقائية ضد انتشار فيرس إيبولا في ظل تزايد المخاوف من انتشار الفيروس خارج دول منطقة غرب افريقيا، وذلك من خلال مراقبة المسافرين القادمين إلى أراضيها من تلك المنطقة الموبوءة. وتفيد آخر الأرقام لمنظمة الصحة العالمية، بأن حصيلة الوفيات بالحمى النزفية التي يسببها فيروس إيبولا ارتفعت الى 4555 حالة من أصل 9216 حالة إصابة بالفيروس، خاصة في ليبيريا وسيراليون وغينيا. وبدأت فرنسا أمس الأحد تطبيق إجراءات مراقبة المسافرين القادمين من دول غرب افريقيا، في حين زودت المطارات الدولية الروسية بأجهزة خاصة لكشف المسافرين المصابين بفيروس ايبولا مباشرة قبل دخولهم الأراضي الروسية فيما كانت المطارات البريطانية هي السباقة في اتخاذ هذه التطبيقات. واتخذت روسيا هذه الإجراءات خلال اجتماع رئيس الوزراء دميتري مدفيديف بأولغا غولوديتس نائب رئيس الوزراء ووزيرة الصحة فيرونيكا سكفورتسوفا وكبيرة أطباء الوقاية الصحية في روسيا آنا بوبوفا حيث تم مناقشة المجتمعون تنظيم وطرق مكافحة انتشار حمى «إيبولا» وإعداد العاملين في مجال الطب وتعزيز الرقابة الصحية في المنافذ الحدودية، وقرروا تزويد المطارات بأجهزة إضافية خاصة للكشف عن الحمى. من جانب آخر تحدثت بوبوفا عن نتائج عمل المختبر الطبي الروسي الخاص في غينيا، والذي كان قد أرسل لمساعدة السلطات الصحية لهذه الدولة في مكافحة انتشار حمى «إيبولا» القاتلة، مشيرة الى رسالة الشكر التي بعثها الرئيس الغيني ألفا كوندي، والتي ضمنّها امتنانه لروسيا، مشيراً الى المستوى الممتاز لتنظيم العمل في مكافحة الحمى، ما يسمح باجتياز الأزمة الحالية الناتجة عن انتشار حمى «إيبولا» بجهود مشتركة. ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي اجتماعاً في لوكسمبورغ اليوم الاثنين للبحث في مكافحة ايبولا الذي قالت المنظمة البريطانية غير الحكومية «اوكسفام» انه قد يصبح «أكبر كارثة انسانية في جيلنا»، مشددة على «ضرورة وجود عسكري متزايد وتوفير المزيد من الأطباء والوسائل المالية لتجنب أخطر كارثة انسانية في هذا الجيل» مؤكدة أنها لا تطالب بالتدخل العسكري إلا «في النادر جدا». وفي لندن،وجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون رسالة الى الدول الأعضاء في المجلس الاوروبي ليطلب منها «الاتفاق على سلسلة جديدة من الاجراءات للتصدي لأزمة ايبولا». وقالت رئاسة الحكومة في بيان أن كاميرون شدد على ضرورة التحرك بسرعة، معرباً عن أمله في زيادة المساعدة التي تقدمها الدول الأوروبية لتصل الى مليار يورو.. كما اقترح «تعزيز التنسيق لمراقبة نقاط الدخول» الى أوروبا. وفي الإطار نفسه طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما من مواطنيه السبت الماضي «عدم الاستسلام للذعر او الخوف»، داعياً الى الاعتماد على الوقائع كما أعرب عن رفضه لمحاولة خفض عدد الرحلات القادمة من أو المتوجه الى غرب افريقيا. وأكد الرئيس الأمريكي أنه ليس هناك «وباء» في الولاياتالمتحدة، حيث أصيب اثنان من أفراد طواقم طبية عالجت مصابين وتوفي مريض ليبيري بالفيروس بعد عودته من بلده إلا أن أوباما اعترف لأن اصابات أخرى «معزولة» قد تسجل. من جهته دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الى حشد التبرعات لتمويل جهود مكافحة وباء إيبولا مشدداً على أن الأممالمتحدة ومنظمة الصحة العالمية ينقصهما التمويل اللازم لذلك. وقال كيري في تصريح صحفي: إن من أصل بليون دولار قدرت الأممالمتحدة الحاجة لها لمكافحة الفيروس لا يتوفر سوى أقل من الثلث وأنه ما لم يتم معالجة الوباء بالشكل اللازم فإنه قد ينتشر بشكل مشابه لانتشار مرض نقص المناعة المكتسبة «ايدز» أو شلل الأطفال وسيتطلب حينها عقود لمحاربته من قبل الجميع. وأشاد كيري بمساهمات دول مثل كوبا وغيرها في جهود مكافحة الوباء إلا أنه جدد أن تلك المساهمات تبقى غير كافية مناشداً المجتمع الدولي الانخراط في محاربة الوباء في الدول«المصدر» وفي ليبيريا وسيراليون وغينيا، حيث توفي أكثر من اربعة آلاف شخص منذ فبراير الماضي. ومع اقتراب موسم الانفلونزا في امريكا تعد المستشفيات والأطباء غرف طوارئ قد تصبح مليئة بالمرضى الذين يخشون الاصابة بالإيبولا وليس الانفلونزا، إذ تتشابه أعراض المرضين في مراحلهما الأولى مثل ارتفاع درجة الحرارة وآلام الجسم. وقال سامبسون ديفيز طبيب الطورائ بمركز ميدولاندز الطبي في نيوجيرزي: «أعتقد أنه سيزيد عدد الناس الراغبين في إجراء فحوص بسبب عنصر الخوف خاصة إذا زاد عدد الحالات المصابة بالإيبولا». وقال أطباء ومسؤولون بالقطاع الطبي مقابلات معهم إن الكثير من المستشفيات وضعت بروتوكولات تحد من فحوص الإيبولا وتقصرها على الناس الذين كان لهم اتصال مباشر بالمرض مثل العاملين في القطاع الطبي أو من سافروا في الآونة الأخيرة إلى ليبيريا وسيراليون وغينيا. وفي السياق نفسه، عرض الزعيم الكوبي فيدل كاسترو في مقال نشرته وسائل الإعلام الكوبية السبت على الولاياتالمتحدة التعاون في مكافحة فيروس ايبولا. وفي مقال بعنوان «وقت الواجب»، كتب كاسترو «يسرنا أن نتعاون مع الطاقم الاميركي في هذه المهمة». وأضاف: «ندرك جميعاً انه بإنجاز هذه المهمة بأعلى مستوى من الإعداد والفاعلية سنحمي شعوبنا والشعوب الشقيقة في الكاريبي واميركا اللاتينية وسنتمكن من تجنب وباء دخل مع الأسف الى الولاياتالمتحدة ويمكن ان يمتد». من جهتها قالت رئيسة ليبيريا ايلين جونسون سيرليف أمس الأحد: إن وباء الإيبولا في غرب افريقيا ينذر بكارثة اقتصادية تسفر عن «جيل ضائع» من الشبان في المنطقة وحثت على تعزيز التحرك الدولي ضد المرض. وذكرت جونسون سيرليف أن رد الفعل الدولي على الوباء الذي ظهر في مارس آذار في أعماق غابات جنوبغينيا كان في بادئ الأمر «غير متناغم ويفتقر إلى الاتجاه الواضح أو السرعة». وأضافت أن المجتمع الدولي أفاق على خطر الوباء على الصحة العالمية لكنها طلبت العون من كل الدول التي تستطيع المساعدة سواء بالتمويل أو الطواقم الطبية أو الإمدادات.