ظاهرة التسرب من المدارس موجودة في جميع البلدان. ولا يمكن أن يخلو واقع تربوي من هذه الظاهرة، إلا أنها تتفاوت في درجة حدتها وتفاقمها من مجتمع إلى آخر، ومن مرحلة دراسية إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى. كما أنه من المستحيل لأي نظام تربوي أن يتخلص نهائياً منها مهما كانت فعاليته أو تطوره. ومع تدني مستوى التعليم يلاحظ أن الظاهرة منتشرة في كافة المراحل التعليمية وبصورة متفاوتة، وفي معظم المدارس و بين أوساط أغلب الطبقات الاجتماعية والاقتصادية. يقول الأستاذ فهمي صلاح أن تسرب الطلاب من المدارس يؤثر سلبياً على جميع نواحي المجتمع وبنائه، فهو يزيد من حجم الأمية والبطالة ويزيد من حجم المشكلات الاجتماعية من انحراف الأحداث والجنوح كالسرقة والاعتداء على الآخرين وممتلكاتهم مما يضعف خارطة المجتمع ويفسدها. كما يؤدي تفاقم التسرب إلى استمرار الجهل والتخلف وبالتالي سيطرة العادات والتقاليد البالية التي تحد وتعيق تطور المجتمع مثل: الزواج المبكر والسيطرة الأبوية المطلقة. الأخت نوال سعيد تؤكد أن مشكلة التسرب ( آفة ) في نظامنا التعليمي وأسبابها اعتقد إنها لا تختلف من مجتمع لأخر وتدور حول ثلاث أسباب رئيسية وهي : السبب الأول: الواقع الاقتصادي الصعب فحاجة الأسر إلى المال قد تكون من أهم الأسباب التي تدفع بالطالب إلى ترك المدرسة والتوجه إلى سوق العمل من أجل تأمين لقمة العيش الكريمة له ولأفراد عائلته. السبب الثاني: هو الجهل وعدم إدراك أهمية التعليم، وبذلك يتخلى الطالب عن المدرسة بسبب أهواء شخصية أو نتيجة لعدم قدرته على الاستيعاب، مما يؤدي إلى عدم وجود رغبة في التعلم ويلعب الأهل هنا دوراً رئيسياً في الحد من أو زيادة تلك الظاهرة من خلال واقعهم التعليمي الذي يؤثر تأثيراً كبيراً على رغبات أبنائهم. السبب الثالث: يخص المدرسة فإنها تشكل عامل جذب للطالب أو عامل خوف وطرد، فبالرجوع إلى طريقة أداء المعلمين والإدارة يحدد الطالب ما إذا كان سيتفاعل معهم أم لا، ففي حال وجود عدم تآلف بين المعلمين والطلاب فإن عملية التعليم تؤثر تأثيراً سلبياً على الطالب. الدكتور كمال الدين يؤكد أن الصرامة الزائدة والقسوة وفرض أسلوب العقاب في التعامل مع الطالب وتحقيره بين أقرانه من الطلاب والتهديد بفرض إجراءات عقابية من أسباب التسرب لأن الطالب يبقى داخل الفصل قلق ومتوتر فاقد للأمن النفسي مما يضطره للهروب من المدرسة إلى الشارع وهذا له انعكاسات سلبية عليه قد يحوله إلى مجرم إذا اختلط برفقاء السوء وتتفاوت حدة أسباب التسرب من حيث درجة تأثيرها على الطالب المتسرب، منها ما تكون أسباباً رئيسية لها تأثير قوي ومباشر وتلعب دوراً حاسماً في عملية التسرب، وبعضها الآخر يكون تأثيرها ثانوياً، وأسباب أخرى ليس لها أي تأثير يذكر. .ومن جهة أخرى تلعب الأسر وأولياء أمور الطلبة المتسربين - في بعض الأحيان - دوراً رئيسياً ومباشراً في دفع أبنائهم إلى التسرب من مدارسهم. عن طريق إجبارهم على التسرب والخروج إلى سوق العمل، أو على الزواج المبكر، أو بسبب المشاكل الأسرية. وفي أحيان أخرى يكون لهم تأثير غير مباشر عبر عدم الاهتمام واللامبالاة والقلق الزائد على أبنائهم.. وغيرها. الأخت سعاد القدسي ترى أنه يمكن حل مشكلة التسرب باستخدام أساليب تعليمية ناجحة في المدارس, كاستخدام التشجيع والتحفيز للطلاب وعدم السخرية منهم..توعية الطلاب وتوضيحهم لأهمية الدراسة ومدى الاستفادة منها في المستقبل وذلك عن طريق مجلة الحائط - النشرات - المحاضرات - حصص توعية الأهالي بكيفية متابعة الأبناء في البيت والمدرسة والعمل على توفير حاجياتهم قدر المستطاع والاستشارة من قبل الطالب للمعلم / المرشد قبل التسرع في ترك المدرسة