هناك حقيقة لا تغيب عن أحد من المختصين والمهتمين عموماً و هي أن اليمن تتكئ على قاعدة عريضة من الخصائص و تتمتع بالمقومات المؤهلة لقيام صناعة سياحية واعدة متعددة الأنواع بيئية تاريخية، علاجية أو حتى رياضية ... الخ ولعل هذه المقومات من حيث الكم والكيف تضع اليمن في صدارة الدول المستقطبة للسياح إن لم يكن على مستوى العالم فعلى مستوى دول الإقليم ليس من باب جموح الخيال ولكن لأن ما يتوفر لدينا من المقومات السياحية المسلم بها لا يتوفر في أي من دول المنطقة وكثير من دول العالم. لكن الواقع يضعنا أمام حقيقة أخرى تجعل اليمن بكل ما تمتلكه من خصائص و إمكانيات طبيعية و حضارية تتوارى في مكان هامشي و زاوية مظلمة وظالمة على خارطة السياحة الدولية - للأسف - ففي موازاة انكفاء السياحة اليمنية و تأثرها الكبير من ظاهرة الإرهاب وما عاشته سابقاً من مظاهر سيئة كاختطاف السياح و ما تبع ذلك من نزاعات مسلحة في هذه المنطقة أو تلك وحالة من عدم الاستقرار و فوضى انتشار السلاح في المدن...الخ من المشكلات التي نعاني منها حتى اليوم مع إيماننا بأنها ليست قدراً لا يمكن تغييره أقول بموازاة هذا الواقع اليمني نتابع ما تقوم به دول محيطة بنا في إطار سعي حثيث لتنويع مصادر الناتج القومي و الإسهام في تقوية اقتصادها تطرق مجال السياحة فعلى الرغم من كونها دولاً نفطية إلا أن ذلك لم يقف أمام الالتفات للسياحة في سبيل إيجاد موطئ قدم لها على خارطة السياحة جندت الكثير من الطاقات ووفرت الأموال و جاءت بالخبراء و شجعت الاستثمار وعملت على فتح الباب أمام المشاركة المجتمعية وهو ما أفضى إلى تطور في النشاط السياحي عاماً بعد آخر من خلال إحياء الموروث الشعبي و الحرص على البيئة وتأصيل ذلك من خلال إقامة المهرجانات السنوية ذات الصلة بتراثها كسباقات الهجن، الخيول، السباقات البحرية، وحرصت على شق المعاصرة فتراها تحتضن الفعاليات السنوية في حقل الرياضة كالتنس و الراليات أو الثقافية كمهرجانات السينما وغيرها. كل ذلك و غيره له مردود على أكثر من جانب لتلك الدول و التنشيط السياحي في مقدمة الأهداف ولا شك. ولذلك نحن في اليمن و تداركاً لما تم هدره من وقت وفرص لسنا بحاجة إلى الكثير لبلوغ ذلك بل ولتجاوزه لتصدر المشهد السياحي في المستقبل المنظور لغزارة المنتج السياحي و تعدد مجالاته بحكم المزايا الجغرافية و الإرث الحضاري. و أهم ما يمكننا من ذلك هو الإرادة السياسية لدى صانع القرار و إخراج ملف السياحة من الأدراج و إماطة الغبار المتراكم عليه والبدء في العمل الجاد ،وبوابتنا الرئيسة لتدشين ذلك المارثون هي الأمن و الأمان.. قلنا ذلك و سنظل نردده دونما يأس فهو المطلب الحيوي ليس كمدخل لتطوير السياحة وتحريك عجلة الاقتصاد والتنمية في البلد وحسب لكنه حاجة وطنية أساسية لجميع اليمنيين للشعور بالأمان و بوجود دولة النظام والقانون المرتكزة على المواطنة المتساوية و العدالة الاجتماعية و خارطة الطريق للوصول إلى ذلك هي مخرجات الحوار الوطني الشامل المنجز الكبير لبناء اليمن المستقر والناهض على كل الأصعدة التي يترقب اليمنيون مغادرتها دفتي الكتاب لتتحول واقعاً معاشاً. [email protected]