لعب الفن التشكيلي وفن الكاريكاتور دوراً هاماً في إبراز ثورة 11فبرايرالعظيمة والتي امتزجت فيها دماء وإبداعات الشباب اليمني العاشق لوطنه والحالم بمستقبل مشرق ليمن جديد, وحقيقة الأمر أن الثورة الشبابية أظهرت نجوماً كانت خافتة إلى ما قبل اندلاعها, وفجرت طاقات الشباب لإظهار مواهبهم التي أبهرت العالم, من تلك المواهب الشبابية والتي كان لها صدىً بارز الفنان التشكيلي مراد سبيع الذي حصل على عدة جوائز عالميه منها جائزة الفن من أجل السلام نظير ما قام به من جهود فنية إبان الثورة الشبابية, مراد سبيع الشاب الذي رسم بأنامله الثورية معاناة الناس ووجعهم وشكواهم من الظلم والقهر هو من أوائل من بادروا بالرسم على الجدران أو ما يعرف ب«الجرافيتي»,«الجمهورية» التقت به وخرجت بالحصيلة التالية: كنت من أهم الشباب الذين خرجوا في المظاهرات خلال ثورة 11فبراير, حدثنا عن دورك في بداية الثورة؟ خرجت في 2011 للمشاركة في الثورة كغيري من اليمنيين الذين حلموا بدولة مدنية يسودها العدل والسلام. لك تجربة بارعة ومحترفة في الرسم الحديث على اللوحات وبالتحديد في فن الرسم على الجدران “الجرافيتي و الجداريات” حدثنا عن شغفك الفني؟ الحديث عن تجربتي لازال سابقاً لأوانه حيث أني في بداية الطريق.. بدأت الرسم في 2001 بتشجيع من أسرتي، وأطلقت أولى حملات الرسم على الجدران عقب الصراع العسكري الذي حدث في أواخر 2011 إبان ثورة 11فبراير كان أسم الحملة “لون جدار شارعك” ونجحت لأن الكثير من اليمنيين شاركوا وساهموا في إنجاحها، والنجاح الأبرز كان مشاركة الصغير قبل الكبير وانتشار الفكرة لتمتد لمدن يمنية أخرى، عبر حملات فنية مختلفة. نفذت عدة حملات توعوية منها حملة “12 ساعة” وغيرها من أين جاءت فكرة تنفيذ حملاتك الفنية في صنعاء؟ كانت البداية مع “لون جدار شارعك” حيث كانت لغة الحرب سائدة وكأحد قاطني منطقة التماس بين المتحاربين خرجت للرسم بعد أن دعوت الناس للرسم معي، وما أن انقضى أسبوع حتى توافد اليمنيون للمشاركة، وكان هذا برهاناً على مدى حبنا نحن اليمنيين ومدى قابليتنا لإضافة الفن لحياتنا. كانت حملة “الجدران تتذكر وجوههم” لرسم وجوه المختفين قسراً هي الحملة الثانية وهنا كان الموضوع حقوقي سياسي للتذكير بضحايا الأنظمة السابقة، استمرت الحملة ل 7 أشهر ورسمنا خلالها أنا والأصدقاء الذين كانوا أساس نجاح الحملات بشكل عام، رسمنا خلالها 102 مختفي قسراً تكرر بعض وجوه المختفين لأكثر من عشر مرات، ونشاط الحملة امتد لمحافظة إب، تعز و الحديدة. كانت حملة “12 ساعة” هي الحملة الثالثة والتي ناقشت في كل ساعة قضية من قضايا المجتمع اليمني وهمومه عبر الرسم: السلاح، الطائفية، الاختطاف، العبث بوطن، الطائرات بدون طيار، الفقر، الحروب الأهلية، الإرهاب، تجنيد الأطفال، الخيانة الوطنية “العمالة”، الفساد وغيرها. استمرينا بالرسم لعام كامل. هذا العام بدأت حملة جديدة “منحوتات الفجر” لنشر منحوتات فنية في الشوارع، وكان أول مجسم لرمز يمني قديم “ألمقه” وهو رمز تكون الدولة اليمنية القديمة قبل 3000 سنه. وهو تذكير بأننا نحن اليمنيين شعب عريق ولسنا شعباً طارئاً لا يملك تاريخاً في بناء الدولة، وهو تذكير لأنفسنا وللعالم. أنت صاحب فكرة رسم صور المخفيين قسراً على جدران الشوارع في العاصمة صنعاء و عدد من المحافظاتاليمنية ,ما هو الدافع الذي جعلك تفكر في المخفيين قسراً؟ تابعت قضية المختفين قسراً من على صفحة الأستاذ والصديق العزيز سامي غالب، حيث كان يضع بعض قصص المختفين قسراً على صفحته في الفيس بوك وبعدها تواصلت معه لكي يمدني بملف المختفين قسراً الذي نشر على صحيفة “النداء” في عام 2007 والتي كان يديرها.. هنا فكرت بمناقشة القضية عبر الرسم وخصوصاً بعدما التقيت بأسر مختفين قسراً وعرفت عن قضيتهم أكثر. هل كنت تتوقع نجاح حملة “الجدران تتذكر وجوههم”؟ نجحت الحملة في تعريف الناس في الشوارع بقضية مهمة يتم التآمر عليها ومحاولة تجنب الحديث عنها من أصحاب القرار، حيث أنه مازال الأقوياء والذي تورطوا في جرائم الإخفاء القسري في السلطة وفي يدهم القرار. كان تفاعل الناس مع هذه الحملة ملفتاً ومهماً وخصوصاً أسر المختفين قسراً الذين استمروا بإرسال صور المختفين حتى بعد انتهاء الحملة. ألم تتلقى أية تهديدات أو مضايقات من أي طرف أو جماعة مناوئة لعملك؟ لم أتلق تهديداً من أي طرف وفي الأخير هذا عمل لأجل الناس وليس له أي غرض آخر. وبخصوص المضايقات كانت حملة “الجدران تتذكر وجوههم” حيث أنها مست موضوع حساس، قد تعرضت جداريات المختفين قسراً للطمس في عدة أماكن. كيف كنت تتصرف عندما تعرضت بعض رسوماتك للخدش في بعض أحياء العاصمة صنعاء؟ كنا أنا وأصدقائي في الحملة والمشاركون من أسر المختفين قسراً نعود لرسمهم من جديد. ماردك عندما يقال أن مراد سبيع نفذ أعماله الفنية بإيعاز من منظمات دولية تسعى لتفكيك النسيج المجتمعي في اليمن ,كما يقول بعض مناوئي أعمالك الفنية؟ حول سؤالك هذا فهذه أول مرة اسمع هذا.. مبدأي في الحملات ابتداء بحملة “لون جدار شارعك” و “الجدران تتذكر وجوههم” و “12 ساعة” وأخيراً “منحوتات الفجر” التزمت بتجنب تلقي الدعم من منظمات أو شخصيات نافذة لكي لا يتم تجيير الحملة لأي طرف وأيضا لتكون لنا الحرية أنا وأصدقائي في العمل، حول الدعم كان الأصدقاء ومن يهتم ويشجع عملنا هم المساند الأكبر بهذا الخصوص وأيضاً أسرتي الحبيبة. كنا نعمل أنا والأصدقاء بإمكانيات متواضعة جداً. مؤخراً صنفت في أمريكا بانك من الناس الأكثر تأثيراً في العالم، وتبوأت المرتبة الخامسة, برأيك إلى أي مدى يمكن للفنان التشكيلي التأثير في وعي الناس؟ كان هذا تصنيف في جامعة “سانت جورج” الأمريكية من قبل الباحثة كارليويست، حيث صنفت حملة “12 ساعة” كخامس أهم عمل يسهم في التغيير السياسي بعد كل من فنانيين امريكيين و صيني وتشيكي. الفن وسيلة تعبير مهمة وخصوصاً عندما يعبر عن هموم وأوجاع الناس، وكان الشعب اليمني داعم مهم لهذه الحملات التي اعرف أنها جهد متواضع ولكن خروج الفن للناس كان تأسيس لما أؤمن به بأن الفن من الناس وإلى الناس، وليس بمعزل عنهم. كيف تفسر تفاعل الناس مع الفن الذي تقدمه بالرغم أنه ما يزال حديث النشأة في اليمن؟ الفن ليس بمعزل عن الناس وهو من الناس وإليهم.. وتفاعل الناس معه لأنه كان معبراً عنهم ومشاركة الإنسان في الشارع من الأطفال وبائع الجرائد وعامل النظافة إلى الصحفي والشاعر والحقوقي كان برهاناً على مدى حب الشعب اليمني للتغيير وعمق ارتباطه بالفنون منذ قديم الأزل. حصلت على عدة جوائز عالميه منها جائزة الفن من أجل السلام للعام 2014م , وجوائز أخرى؟ حدثنا عن شعورك عندما تسلمت تلك الجوائز؟ كانت جائزة “الفن من أجل السلام” التي تمنحها مؤسسة فيرونيزيه كل عام لفنان أبدى التزامه بثقافة السلام في العالم اعتراف جميل بجهد كل من شارك في إنجاح الحملات الجرافيتية الفنية في اليمن وهي هدية أهديتها لكل من كان له إسهام في هذه الحملات في مقدمتهم أصدقائي الرائعين وإلى الشعب اليمني.. وبالطبع كان شعوراً جميلاً ورائعاً وخصوصا حفاوة اليمنيين بهذه الجائزة والذي في نظري أن تلك الحفاوة هي جائزة أكبر. بما تختزل به ذاكرة الفنان التشكيلي مراد سبيع خلال ثورة 11فبراير؟ الأمل هو ما أتذكره من ثورة 2011، على الرغم من قساوة انتكاسة الثورة، والعمل ثانياً فالسلام وبناء الدولة المدنية التي ننشدها جميعا لن يأتي بدون “الأمل والعمل”. يتساءل الكثير أين الأعمال الجديدة لمراد سبيع؟ حملة “منحوتات الفجر” هي الحملة الرابعة والتي اطلقتها منتصف يناير هذا العام، ولا زال العمل فيها في بدايته. ماهي مشاريعك المستقبلية؟ أنوي تطوير قدرتي الفنية بالدراسة في الخارج في حال توفرت فرصة لي، حيث اني لم أتلقى أي تعليم فني اكاديمي بعد، وأتمنى أن نلتفت إلى بلدنا ونحافظ عليه قبل أن يصير في خبر كان، وان يضغط الشعب على كل القوى لوقف العبث الذي يقومون به، فهذا بلدنا وليس لنا سواه. وفي الأخير ليكن هذا هو موقفنا جميعاً “يعيش اليمن وشعبه”.