في 2008/2/18م غادرتنا مديحة النجمة المتلألئة التي أضاءت لنا المسرح بأروع إبداعاتها المسرحية؛ عندما تعتلي خشبة المسرح تشعر وكأنك تشاهد ملكة عظيمة من الملكات وهي تعتلي عرش الحكم، نعم لقد كانت رحمها الله تشعُّ ضياءً يملأ المسرح وقاعة العرض وإشراقة متوهجة لا يملأ مكانها أحد من بعدها.. غادرتنا الفنانة اليمنية الكبيرة مديحة الحيدري التي توفيت عن عمر لم يتجاوز ال45 عاماً، بعد أن قدّمت للفن اليمني الكثير والكثير، وتميزت بعطائها وإبداعاتها كل التميُّز. الجرأة كانت أهم ما ميّز مديحة الحيدري خلال حياتها الفنية، وهي ما وضعت لها فيما بعد مكانة متميّزة أسهمت إلى جانب السمات الفطرية الرائعة التي كانت تمتلكها في تمكينها من طريق النجاح والإبداع، شاركت في أغلب المسلسلات الدرامية والكوميدية اليمنية إضافة إلى حضورها الكبير كفنانة يمنية في عدد كبير من المسلسلات الخليجية. «وريقة الحناء» كان أول أعمالها في الشاشة والتي كانت «رحمها الله» تتقمّص الدور فيه بكل إتقان فينسى المشاهد أنها مديحة ويقتنع أنها فعلاً تلك الشخصية التي تتقمصها، إنها «وريقة الحناء» التي تألقت وهي تقف إلى جانب الفنانة المصرية الكبيرة أمينة رزق وكوكبة من نجوم ونجمات اليمن ومصر في المسلسل اليمني «وريقة الحناء» رغم أنها كانت في بداية مشوارها الفني حينها لكنها كسبت ثقة وإعجاب أمينة رزق التي لقبتها ب«سندريلا اليمن» ونالت إعجاب كبار النجوم والنجمات العرب وهي النجمة اليمنية التي تألقت وأبدعت وتشعشعت في الكثير من الأعمال المسرحية اليمنية منذ منتصف السبعينيات حتى توفّاها الله وهي في قمة عطائها وإبداعاتها. ولدت مديحة الحيدري في 14 أبريل عام 1965، بمنطقة المخادر في إب، وكانت انطلاقتها الفنية الحقيقية في العام 1976 بمشاركتها في مسرحية “الفأر في قفص الاتهام” للكاتب المسرحي عبدالكافي محمد سعيد، درست المسرح وحصلت على دبلوم فيه عام 1983، كما التحقت بالمسرح الوطني اليمني في وزارة الثقافة والإعلام. شاركت الحيدري في أعمال درامية كثيرة للتلفزيون والإذاعة، حيث شاركت خارج اليمن في مسلسل «أيام الندم» الذي عُرض في 1997م ومسلسلات تاريخية لإذاعة مسقط، وكذلك مسلسل «زهرة الجريح» في عمان و«خذ وخل» والمسلسل السعودي «دولاب الزمن» و«عواطف قاتلة» مع الممثلة الأردنية نجلاء عبدالله وإخراج محمد العوالي، و«سوالف حريم» للمخرج وائل فهمي عبد الحميد، ثمة الكثير من الآثار التي لن تنمحي من ذاكرة الدراما اليمنية بعد مديحة الحيدري، فقد أثبتت خلال رحلتها الفنية قدرتها على تقديم صورة واعية عن المرأة اليمنية التي يمكن لها أن تلقي عنها أغطية التخلف، والإقصاء والتهميش، وبوجودها في ساحة الفن أعطت نموذجاً يحتذى به عن قدرة المرأة على الحضور حتى في تلك الساحات التي يصعب على امرأة من هذا الواقع الحضور فيها، ومنذ بدأت بالتمثيل صار للمرأة اليمنية دور في الدراما والمسرح، ولم يعد قاصراً أو محدداً على الرجال أو بزمان ومكان معيّنين. شاركت في الدراما التلفزيونية منذ بداية الثمانينيات، وكانت ممثلة رئيسية في أول مسلسل يمني مصري مشترك حمل اسم “وريقة الحناء” ولعبت دورها أمام الفنانة المصرية إحسان القلعاوي والفنانة المصرية أمينة رزق التي أطلقت عليها لقب “سندريلا اليمن” وشاركت في مجموعة كبيرة من الأعمال التلفزيونية الدرامية وصل عددها إلى 97، منها على المستوى المحلي مسلسلات “الفجر”، “أسرار المجانين”، “سعدية”، “طشة وناشر”، “الثأر”، “الكنز”، “مقامات رمضانية”، “رماد الشوك”، “سيف بن ذي يزن” فيلم “القارب”، ومسلسلا “تلفزيون عبر العصور”، و“فنطزية”. شاركت في عدد كبير من المسرحيات ابتداءً من “سيف بن ذي يزن” للشاعر عبدالعزيز المقالح، ومسرحية “أقدام وسيقان” في دولة قطر للمخرج صفوت الغشم، كما شاركت في مسرحية “البوفيه” للكاتب المصري علي سالم، ومسرحية “شهرزاد” للكاتب علي أحمد باكثير، ومسرحية “الهوية المفقودة” للكاتب المسرحي عبدربه الهيثمي. حصلت مديحة الحيدري على جائزة أفضل ممثلة في “مهرجان المسرح اليمني الأول” في مسرحية “أصول اللعبة” للمخرج محمد الرخم، وشاركت في أوبريت «على شرفة القمر السبئي» للكاتب محمد الشامي، و«سهيل اليماني» للمخرج أحمد الزيادي إضافة إلى مشاركتها في عدد من برامج الأطفال في الفترة بين عامي 1982 و1987م، علاوة على مشاركتها في عدد من الأعمال الاجتماعية التي تستهدف التثقيف الصحي والعناية بالمرأة والطفل، كما شاركت في عدد من المسلسلات في الخليج العربي مثل مسلسل “أيام الندم” في سلطنة عمان للمخرج عبدالله حيدر، و“سوالف حريم” من إخراج المصري وائل فهمي عبدالحميد، و“دولاب الزمن” للمخرج محمد العوالي و“خذ وخل” للمخرج سائد هواري وغيرها. واشتركت في عدد كبير من المسلسلات الإذاعية وصل عددها إلى 120، مثل مسلسل “لطائف السمر”، “حكاية في قصيدة”، “قلوب على الأوتار”، “جزيرة الأحلام”، “إلا الحب”، “أحلام الفجر”، “شمعة في مهب الريح”، “أسأل مجرّب”، “خلوا لسعد حاله”، “لا مزوّج سلي ولا عزب مستريح”، و“همس السواقي” وكانت معظم هذه الأعمال من تأليف الكاتب علي السياني وإخراج عبدالرحمن عبسي. لمديحة الحيدري بنتان «روزا وريما» ويكفيها بعد موتها أنها ظلّت السبّاقة في تاريخ المرأة اليمنية حتى بعد رحيلها، فقد قامت الحكومة اليمنية - ولأول مرة - بنعي وفاة شخصية نسائية عبر وزارتي الثقافة والإعلام، وكانت الفضائية اليمنية وفي سابقة مشرّفة قد تبنّت بيان النعي وبثته في الأخبار الرئيسة مقدّمة التعازي الحارّة إلى الجمهور وأسرة الفقيدة وزملائها ومحبّيها.