في مقر مكتب الأشغال العامة والطرق بمديرية المظفر ازدحم المواطنون داخل الغرفة الصغيرة المخصصة مكتبا للمدير, لمراجعة ومتابعة معاملاتهم وشكاواهم , وفيما ظل الكثيرون واقفين كل بانتظار دوره لدفع معاملته، أو طرح مشكلته جلس المهندس منصور صادق البحر مدير المكتب رابضا خلف طاولة أنيقة ' تارة منهمكاً بالاطلاع والتأشير بقلمه على الملفات الخاصة بمعاملات المراجعين المدفوعة أمامه ' وتارة أخرى يلتفت إلى البعض مستمعا توضيحات شكاواهم ومناقشاً إياها معهم بصدر رحب , مصدراً التوجيهات والأوامر المختلفة لمعالجة أو متابعة أو تنفيذ حل هذه المشكلة أو تلك. خلال الساعة والنصف التي مكثتها في المكتب جالسا على أريكة ملاصقة لطاولة مكتب البحر منتظراً تفرغه لأناقش معه عددا من التساؤلات المتعلقة بالتخطيط الحضري، وتنفيذ المخططات العمرانية في إطار واختصاص منطقته أعتقد أني استطعت تدوين ملاحظات مهمة استخلصتها مما كان يطرحه عليه المراجعون والمعاملون. شكاوى تقريبا معظم شكاوى المواطنين والقضايا التي يقومون بمتابعتها لدى المكتب تدور حول الإشكالات والمشاكل المرتبطة بالمداخل والممرات التي يحتاجها البعض للوصول إلى منازلهم ومبانيهم, أو ما تعرف بالممرات والطرق المتروكة على الطبيعة أو التي يجب تركها على الطبيعة؛ ليتمكن أصحاب المباني والمنازل الخلفية المتوارية عن الشارع من النفوذ والوصول إلى الشارع أو الطريق العام , وكان المواطن . عبد الواحد النجاشي أحد من قابلناهم، والذي أوضح أنه يتابع لدى المكتب لرفع الضرر عنه وعن أبناء حارته من جراء ما قال إنه اعتداء أحد المتنفذين يدعى (م ع ع ش)على ممر متروك على الطبيعة وذلك بالبناء فيه وسد وتضييق الطريق التي تركها البائع (والد المتحدث) على حسابه بعرض مترين ثم جاء هذا المتنفذ ليزحف بالبناء داخل الممر مترا؛ الأمر الذي الحق الضرر بالممر وأدى إلى تضييق الطريق, واتهم النجاشي مكتب الأشغال العامة بالتواطؤ مع المعتدين على الممرات المتروكة على الطبيعة، والسماح لهم بالبناء فيها وسد الطريق على المجاورين، بل والسماح لهم بارتكاب المخالفات والبناء خارج نطاق الترخيص لهم وعدم اتخاذ إجراءات صارمة ضدهم حسب قوله, وعرض علينا المذكور عددا من الأوراق والمستندات ومنها مذكرة من مكتب الأشغال إلى نيابة المخالفات بخصوص مخالفة المدعو (م ع ع ش) للترخيص الممنوح له برقم 60011 وقيامه بالبناء خارج نطاق الترخيص.....الخ ,ملتمسا أي مكتب الأشغال الاطلاع على المرفقات، واتخاذ الإجراءات القانونية, إلا أن النيابة أرجعت الأمر إلى المكتب حيث رد وكيل النيابة كاتبا في نفس ورقة المذكرة (حياكم الله إن كان هناك مخالفة لأحكام قانون البناء رقم 19لسنة 2002 ولا يمكن منحه الترخيص في العمل؛ فعليكم إصدار قرار إزالة في المخالفة طبقا للمادة 26من قانون البناء ), وأوضح النجاشي أن مكتب الأشغال لم ينفذ توصيات النيابة وتطبيق المادة(26)قبل البناء. وهذه القضية التي أطلعنا عليها المذكور سابقا ليست إلا واحدة من قضايا كثيرة تتزاحم في أروقة مكاتب الأشغال العامة, وبالطبع ليست هي الأكبر حجما، ولكن عرضها يرسم لنا صورة جانبية لبعض مشكلات التخطيط العمراني لتعز ولما تجري الأمور عليه في تنظيم أعمال البناء، وتنفيذ المخططات العمرانية التي لا تحدد سوى الشوارع الرسمية، وبعض الفرعية، ومواقع الخدمات العامة ولا تحدد للناس معالم أو كيفية للوصول إلى مبانيهم الواقعة في الداخل والوسط. حصارات ومحاولات حلها وإذا كان السابق (النجاشي)يشكو من قيام أحدهم بمصادرة نصف مساحة عرض الممر المتروك طبيعيا فهناك من وجدناهم يشكون من قيام الآخرين بمصادرة كامل الممرات وسد كل المنافذ والطرق أمامهم ومن هؤلاء(على سبيل المثال) شخص لم يتسن لنا معرفة اسمه وتسجيل حديث معه سوى ما التقطناه سمعاً من كلامه أثناء عرض قضيته على مدير أشغال المظفر, وملخص شكواه أن جاره سد كل الطرق أمامه، أو يحاول سدها ولم يترك له أي ممر أو منفذ إلى بيته وخلال حديثه إلى المدير كان خصمه حاضرا فدخل الاثنان في جدال ونقاش طويل وكان خلاصة قول الطرف الثاني (الخصم) أن الشاكي بنى على كل أرضيته، ولم يترك منها المساحة التي يجب عليه تركها لتكون جزءا من عرض الممر حتى يترك هو من جانبه مساحة تقابلها حسب القانون ليكتمل ليكون ممرا كاملا؛ ولذا ليس من المعقول أن يكون الممر المطلوب كاملا على حسابه ومن ملكه، دون أن يتحمل الآخر أي شيء حسب قوله, حسم البحر قضيتهما بعد نقاشهما بأن كلف مهندسين بالنزول الميداني وإسقاط أرضيتهما حسب وثائق التملك فإذا وجد أن الأول (الشاكي) قد بنى بالفعل في كامل أرضيته، ولم يترك من جانبه أي مساحة كافية لتكون نصفاً لعرض ممر مطلوب، فعليه أن يدفع للثاني قيمة مساحة نصف عرض الممر الواجب تركه, ووافق الطرفان على ذلك وانصرفا قبل أن نتمكن من الحديث إلى أحدهما. متر من كل ملكية في الحديث مع المهندس. منصور البحر مدير فرع الأشغال بمديرية المظفر كانت مشكلات الممرات إحدى الجوانب المتعلقة بإشكالات التخطيط العمراني التي ناقشناها معه, وحول مسألة الممرات أفاد أنها من أكثر الإشكاليات القائمة وأن الأشغال يتبع نظام فرض متر من كل ملكية لتركه كممر, حيث قال : بالنسبة لمشكلة الممرات والمداخل فالمعمول به لدينا في حال عدم وجود ممر عام في المخطط أننا نعمل بين الناس متر من جهة كل ملكية , فالمجاورون كل واحد يترك مترا من ملكيته فيترك مترين بين البيوت إلا إذا كان هناك ممر متروك على الطبيعة من المالك فهنا لا توجد مشكلة, ونحن ملزمون بفرض متر من كل جهة, وأحياناً تحدث مشاكل مثل لو غاب الشخص الآخر يقوم المجاور بالبناء في المتر الذي من جهته أو يحدث الناس مشاكل فيما بينهم, والبعض يعملون توانك وخزانات على الممرات، أو المنافس, وأكثر المشاكل التي نواجهها، والتي تصل إلينا تدور حول الممرات والمداخل وأغلبها تكون ناتجة عن شحة النفوس فبعض الناس يحاولون يسدون ويغلقون هذه الممرات حتى ولو لم يكن الواحد مستفيدا من إغلاق المساحة التي تركها من ملكه, أما في حالة وجود مخالفات بالبناء على الممرات أوضح المهندس البحر كيفية تعامل الأشغال معها قائلا:“ نحن مهمتنا أن نفتح هذه الممرات بقدر الإمكان وطبعا تفاهم الجيران هو الأهم؛ لأنه لا يوجد مخطط أو قانون يلزمنا بأن نفرض عليهم ممرات، إلا هذا المتر من كل جهة, وأكثر الإشكاليات الحاصلة الآن هي إشكالية الممرات والمداخل ' فهناك ناس يدخلون بالبناء في الممرات ويشتبكون بالمشاكل مع جيرانهم ', والمشكلة أننا لا نستطيع منع أو إزالة بناء في الممرات وإنما نحيلها للنيابة؛ لأن أغلبها يكون فيها تنازع على الملكية، ولا نستطيع فرض المتر ما لم يكن هناك إثبات لحدود الملكيات “ ابتزاز وحول ما طرح من شكوى تتهم مكاتب الأشغال بالسماح بالبناء داخل الممرات، وغض الطرف عن ارتكاب المخالفات قال البحر: “ كثير من المشاكل المرتبطة بالممرات والمداخل تكون بهدف الابتزاز فيما بين المتجاورين على سبيل المثال شخص يبدأ بالبناء ويجلس الآخرون يبتزونه طول ما هو يبني وعندما ينتهي من البناء نتفاجأ أن المجاورين قد جاءوا يشتكون من دخوله في الممر المتروك، أو أنه دخل في أملاكهم ويطلبون منا أن نزيل البناء, ونكتشف أنهم هم يكونون قد سمحوا له بالبناء وجلسوا يأكلون منه فلوسا طول ما هو يشتغل، ولما ينتهي ويقطع عليهم الفلوس يأتون إلينا شاكين معارضين, والحكاية حكاية ابتزازات وفلوس. المعاناة في قلب المدينة مديرية القاهرة وباعتبارها تضم كل المناطق والأحياء الواقعة في قلب مدينة تعز, وبالرغم من اكتمال التخطيط فيها وشموله كل مناطقها إلا أنها تعد من أكثر المديريات التي تعاني من مشكلات الممرات وتزداد فيها قضايا الخصومات المرتبطة بهذه الإشكالية,ويؤكد المهندس. محمد شائع - مدير أشغال مديرية القاهرة أن الخصومات بين المواطنين على الممرات والمداخل تمثل أغلب المشاكل التي يواجهها مكتب الأشغال بمديرية القاهرة والذي يصل إليه يوميا ما لا يقل عن خمس قضايا متعلقة بهذه الإشكالية, قائلا: أعتقد أن مديرية القاهرة من أكثر المديريات معاناةً من المشاكل المرتبطة بهذا الموضوع وكل يوم تصلنا أكثر من خمس مشاكل من هذا النوع وأحيانا تصل في اليوم إلى أكثر من عشر شكاوى أو قضايا نزاع حول الممرات, مع العلم أن هناك ممرات عامة موجودة ضمن المخطط وهذه الممرات نحن نمنع الاعتداء عليها باعتبارها ملكا عاما وهناك ممرات خاصة تعتمد على المواطنين ومرتبطة بتفاهمهم أو اختلافهم عليها، ونحن لا نتدخل فيها إلا إذا وجدت شكوى من قبلهم ونفرض الممر بحسب الوضع القائم، وإذا حصلت مشاكل على الملكية نحيلها إلى القضاء, ونحن في تراخيص البناء من الطبيعي أن نعمل بين الجيران مترا من كل جهة، وهذه المنافس لفتح شباك ولتمديد مجار ومياه وطريق, وإذا اتفقوا مع بعضهم أن كل واحد يأخذ حقه المقصي ولم يعودوا إلينا فالأمر عادي, أما إذا ظل الخلاف موجودا وطالما وجدت لدينا شكوى فنحن نتدخل ونفرض عليهم الممرات والمنافس وضروري كل جار يترك مترا لجاره. واجب غائب لماذا لا يتم إدراج الممرات والشوارع الفرعية القائمة على الطبيعة في المخططات العامة ؟ في رده على هذا التساؤل مهد شائع أولا بعرض الظروف التي يعمل فيها المكتب والنقص الحاد في الإمكانيات واللوازم رغم أنه من المكاتب الإيرادية في المديرية إذ قال: نحن نعاني معاناة غير عادية في المكتب رغم أنه أكثر مكتب إيرادي في المديرية فلا يوجد جهاز حاسوب ولا مكاتب(طاولات)ولا كراسي ولا قرطاسية وكل عملنا يتم بجهد ذاتي, فإذا كنت لا أستطيع أن أوفر للموظف الموجود كرسيا يجلس عليه فمن الصعب أن أفتح هذا العمل (إدراج الممرات في المخططات), والذي من المفروض أن يكون من صميم عملنا بقسم المرافق انه يتم إسقاط كل الممرات التي يتم الاتفاق عليها وإدراجها في المخطط العام بحيث إنه لا يستطيع أحد تجاوزها أو الاعتداء عليها.