ينفتح ما قد يبدو بديهياً وسطحياً في «المؤشر الجنسي» على حرارة التساؤلات الفلسفية، وتعقيداتها في الواقع الإنتاجي والنقدي للشعر العربي المعاصر، والمتمحورة حول مفهوم وماهية الجنس الأدبي، ومحدداته ومعاييره، في ظل وتيرة تطورات وتحولات شعرية متسارعة، تجترح المقومات والأسس التقليدية للجنس الفني، وتعمل على تحويرها وتوسيعها، وربما الخروج عنها في سياق واقع فني وإبداعي ينزع باطراد إلى تكامل الأجناس الفنية والأدبية، وتمازجها، واندثارها وتوالدها..، وفي حين تتغير المفاهيم، تبقى المصطلحات ثابتة أو تتحور، وفي كل حال فإن الواقع الأجناسي يظل حاضراً على أصعدة الممارسة والنقد الأدبي، كمجال للانتهاك والإبدال والجدل أكثر من أي وقت مضى. الشعر في مفهومه التقليدي العربي، ظاهرة عروضية، ( كلام موزون مقفى )، وهو تعريف بسيط عملي، يوصّف للمعايير البنائية للقصيدة العمودية، ولكنه قد يضم النظم التعليمي والقصصي إلى قائمة الشعر، وتلافياً لذلك، وأشياء أخرى، أضاف بعض القدماء والفلاسفة عناصر التخييل والمحاكاة، وتأثراً بهؤلاء لازم (حازم القرطاجني) في تعريفه للشعر بين المكون الإيقاعي، وعناصر الإقناع كالتصوير والتخييل.. (1)، وأياً كان الأمر، فقد أصبح العروض الذي يفترض أنه في أحسن أحواله وصف لأشكال الإيقاع الشعري آنذاك معياراً وإطاراً للشعر العربي في كل العصور وعلماً ( يعرف به وزن الشعر، واستقامته من انكساره) (2)، بمعنى أن ما لا يتوافق معه يخرج عن دائرة الشعر من حيث الوزن، وبالمثل إذا اختلّت القافية، يقول ابن سينا:(لا يكاد يسمى عندنا بالشعر ما ليس بمقفى)(3). مزيداً من التفاصيل