يأتي المولود من عالم الغيب إلى دنيانا تقابله القابلة والأقارب بأغاني الفرح، متهللين بأناشيد الابتهاج والحبور ..يحييهم عندما يرى النور بالبكاء والعويل فيجيبونه بالتهليل والهتاف كأنهم يسابقون بالموسيقى الزمان على إفهامه الحكمة الإلهية» جبران خليل جبران هو صوت الموسيقى الذي وجد قبلنا، وجد مع الطبيعة في خرير الماء، حفيف الشجر والأغصان، صوت الرياح والهواء، وصوت المطر، هو صوتنا منذ صرختنا الأولى وخروجنا إلى العالم . وهو صوت الطبيعة، صوت الإنسان، صوت الروح، وفي بلادنا طالما جرى ويجري تجريم هذا الصوت وكأنه أداة شيطانية تلهي الناس وتدنس المعتقدات...الخ. لقد جاهرت الموسيقى بالظهور بعد الثورة، في الشطر الشمالي من البلاد سابقاً على الأقل وفي السبعينيات من القرن السابق لقيت الموسيقى اهتماماً أكثر من قبل الحكومة ووزارة الثقافة، وحتى وزارة التربية والتعليم، إذ حظيت باهتمام واضح في المدارس ويومذاك كان لافتاً انه جرى إقرار منهج خاص لتدريس مادة الموسيقى كمادة إلزامية في التعليم خصوصا في الجنوب سابقاً. لكن وللأسف لم يكتب لهذه التجربة الرائدة الاستمرارية والنجاح رغم ان التجربة القصيرة في هذا المجال كانت ناجحة وقد أخرجت العديد من المواهب الفنية التي أضحت فيما بعد أهم الرموز في ثقافتنا الغنائية غير انه منذ سنوات طويلة انه أحيطت مادة الموسيقى تجاهل “مريب” في حين لو كتب لها الاستمرارية فقد كان من الوارد أنها ستغير أشياء كثيرة وستحول دون الطوفان الكاسح لتجريم وتحريم الموسيقى وهو طوفان دمر هذا البلاد وجعله وحشاً يلتهم نفسه. لقد حضرتني هذه الخواطر بعد أن قمت بنزول ميداني لمجموعة من مدارس أمانة العاصمة لمناقشة سؤال: لماذا لا تغني مدارسنا؟ ولماذا صار معظم جيل هذه الأيام يستهجن الغناء وينساق إلى كتم أنفاس صوت الروح؟ وفي إطار نزولي الميداني كنت قد التقيت ببعض المدرسين ومدراء وطلاب خاصة في تلك المدارس التي خاضت بعض التجربة في مجال تدريس الموسيقى . كانت الآراء مختلفة في المدارس التي زرتها فهناك قلة قليلة من المدارس تحظى منها هذه المادة اهتماماً كبيراً وثمة مدارس أخرى تطالب وزارة التربية والتعليم بمنحها مدرسين والآت موسيقية ومدارس أخرى تعتقد أن الموسيقى ليست ضرورية بالمرة، وهناك ماهو أكثر أهمية وهذا رأي أغلبية المدارس في مختلف البلاد. مزيداً من التفاصيل