اليمن لديها الكثير من القضايا بحاجة ماسة إلى دعم الأشقاء والأصدقاء في سبيل إخراجها من وضعها المأساوي الراهن.. اليوم وفي العاصمة السعودية الرياض ينعقد مؤتمر المانحين لدعم اليمن والذي تشارك اليمن فيه بوفد حكومي رفيع المستوى برئاسة رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة ولأهمية هذا المؤتمر التقت”الجمهورية” بالخبير الاقتصادي اليمني البروفيسور محمد أحمد الأفندي رئيس المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية وتناولت معه هذه القضية فإلى الحصيلة: اليوم الثلاثاء سينعقد مؤتمر المانحين في الرياض وستطرح الحكومة اليمنية فيه برنامجها وأولوياتها.. وجهة نظركم لهذا المؤتمر وماهي انعكاساته على الواقع اليمني؟ أولاً أقول إن اللقاء الذي سيتم في العاصمة السعودية الرياض يأتي ضمن سلسلة اللقاءات لحكومة الوفاق الوطني مع ممثلي الدول الشقيقة والصديقة والمانحة لليمن والشريكة معه لمواجهة المرحلة الصعبة التي يمر بها في هذا التاريخ بالذات من الفترة الانتقالية من مسار التسوية السياسية, وبالتالي أعتقد أن هذا اللقاء سيكون ذا طابع فني لمناقشة وعرض الوثائق والبرامج التي قدمتها حكومة الوفاق الوطني لمواجهة التحديات الاقتصادية خلال الفترة الانتقالية وهي فترة عصيبة وأيضاً مناقشة الأولويات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة التحديات الراهنة, وأعتقد أن حكومة الوفاق الوطني وضعت رؤية كاملة وشاملة سيتم مناقشتها اليوم الثلاثاء في الرياض, وطبعاً هذا اللقاء سوف يمهد للقاء آخر في(26-27 سبتمبر) في نيويورك وهذا اللقاء أعتقد أنه سيحضره وزراء الخارجية والمالية للدول المانحة حيث سيتم خلال هذا اللقاء إعلان التعهدات لليمن من قبل المانحين وذلك وفقاً لخطة الحكومة وبرنامجها التي سوف تناقش في الرياض. أنا أعتقد أن هذه العملية محطة هامة من محطات العمل الوطني كونها تأتي في سياق برنامج الشراكة التي دخلت فيها اليمن مع أشقائها وأصدقائها بشأن التسوية السياسية في اليمن, وهناك دول شقيقة وصديقة قد بدأت بالإعلان عن دعمها وتعهداتها لليمن ومنها المملكة العربية السعودية والتي تجاوزت أكثر من ثلاثة مليارات دولار كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا زادتا من دعمها لليمن وبالتالي أعتقد أن هناك تفاعلاً إقليمياً ودولياً لدعم اليمن وتقديم العون الاقتصادي له خلال هذه الفترة لإخراجه من أزمته الراهنة وهي مرحلة تاريخية من تاريخ اليمن كون تجاوز هذه المرحلة سيؤدي إلى نجاح مسار التسوية السياسية في اليمن. برنامج الحكومة -هل تعتقد أن الرؤية أو البرنامج الذي ستقدمه الحكومة إلى مؤتمر المانحين في الرياض بإمكانه استيعاب التعهدات والمنح التي ستقدمها الدول المانحة لليمن؟ أعتقد أن الرؤية التي قدمتها حكومة الوفاق الوطني في برنامج وزارة التخطيط والتعاون الدولي كجهة مختصة تنسق جهود الوزارات المختلفة رؤية جيدة تمثلت في جهود عملية نقل السلطة ومايشمل ذلك من جهود توحيد الجيش والحوار الوطني ومتطلبات هذه المرحلة من تحقيق الاستقرار الاقتصادي بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية التي تضررت خلال العام الماضي 2011م وفي مقدمة ذلك الخدمات الأساسية كالكهرباء إضافة إلى برامج الإغاثة الإنسانية ورعاية الجرحى وأسر الشهداء, بالإضافة إلى برنامج الحماية الاجتماعية وشبكة الأمان الاجتماعي وماإلى ذلك من العمل على استدامة المال العام وإيجاد حلول لعجز الموازنة العامة للدولة. هذه المتطلبات هي متطلبات للفترة الانتقالية وبالنسبة لعملية الاستيعاب فإن الحكومة قادرة على استيعابها في ظل أمرين: أولاً شركاء اليمن الإقليميين والدوليين على دعم اليمن في هذه المرحلة وبالتالي أي تأخير في هذا الدعم أو أي إجراء بيوقراطي سيؤدي إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية وعليه فإن هذه المشكلة ستؤدي إلى عرقلة مسار العملية السياسية. أما الجانب الآخر فأعتقد أنه آلية تنفيذ هذه البرامج أصبحت آليات متعددة من قبل الجانب الحكومي أو من قبل المانحين ومؤسساتهم المتعددة كالصندوق الكويتي والبنك الدولي وغيرهما وهي مؤسسات لديها القدرة على تنفيذ هذه البرامج, وأعتقد أن الشيء الغائب الذي كان في الماضي هو تشكك المانحين من مدى قدرة اليمن بسبب الفساد وسوء الإدارة خلال الفترة السابقة, لكن هذه الأمور بدأت في الوقت الراهن تتغير في اتجاه مسار طور يمن جديد وبناء يمن جديد وبالتالي أعتقد أن هذه الإرادة الموجودة والحماس الفريد من قبل الدول المانحة الشقيقة والصديقة, كما أعتقد أن آلية التنفيذ لحكومة الوفاق الوطني ستمكنها من تنفيذ هذه المشاريع في ظل هذه الاعتبارات. توقعات -دكتور محمد مؤتمر لندن السابق اليمن طلبت من المانحين تقريباً خمسة وأربعين مليار دولار لتحقيق مسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية في البلاد, وحالياً الوضع في اليمن تغير وصارت المتطلبات أكبر بكثير فماالذي تتوقعونه من المانحين؟ أعتقد أننا خلال المرحلة الحرجة وفي ظل الأوضاع الجارية في اليمن لاتستطيع أن تستغني اليمن عن العون الإقليمي والدولي من مواجهة متطلبات المرحلة الانتقالية والأولويات العاجلة, لكن برنامج التنمية والنمو الاقتصادي متوسط المدى وطويل المدى لاشك أن متطلباته أكثر بكثير ومشاريعه أكثر وحجم التموين سيكون أكثر إذا أخذنا بعين الاعتبار الفجوة التموينية في العملية التنموية الألفية فالتنمية الألفية بحاجة إلى أكثر من أربعين مليار دولار فهذه بحاجة إلى وقت فيما الذي ستقدمه الحكومة إلى لقاء الرياض هو عبارة عن الأولويات العاجلة فقط وتنفيذها سيتم خلال سنتين فقط ، أما برنامج متوسط المدى وطويل المدى فهو بحاجة أولاً إلى استكمال متطلبات المرحلة الانتقالية وبالتالي هذه الخطط والبرامج بحاجة إلى أن تعتمد اليمن مقدراتها ومواردها الذاتية ثم بعد ذلك تقدر حجم التمويل والذي اليمن بحاجة ماسة إليه ونن نتوقع أنه سيكون هناك إدارة أرشد لإدارة الموارد خلال المرحلة المقبلة كانت تهدر في العهد السابق المرحلة الجديدة نتفاءل أنها ستكون أكثر قدرة على إدارة مواردها الذاتية وأكثر قدرة على تنميتها والاستفادة منها في ضوء التنمية السياسية والاقتصادية في البلاد وبالتالي نتوقع أن تقل الفجوة التموينية مابين اليمن والمانحين باعتماد اليمن على مواردها الذاتية في ظل اليمن الجديد الذي نتطلع إليه ونأمل أن نراه في المستقبل . تلبية الأولويات هل تعتقد أن دعم المانحين لأولويات الحكومة العاجلة سيعمل على حلحلة الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد ؟ - نعم هذه التعهدات هي لتلبية الأولويات العاجلة ولكن جزء من هذه الأولويات متوسطة المدى وطويلة المدى مثل الطاقة الكهربائية كونه أي زيادة في القدرة الكهربائية كونه أي زيادة في القدرة الكهربائية يعني الزيادة في تلبية الاحتياجات العاجلة والاحتياجات على المدى البعيد وكذلك في مجال البنى التحتية وإصلاح الطرقات والمباني التي تضررت وهي عاجلة وأيضاً للمدى الطويل ، وبالتالي أعتقد أن الحكومة إذا نفذت برنامجها بحسب ماهو متفق عليه وبدون مشاغبات من قوى النظام السابق أو أي قوى لا تريد لليمن الاستقرار اعتقد أنها سوف تحقق الاستقرار الاقتصادي ولكن هذا الاستقرار لايمكن أن يتحقق حتى ولو توفرت الموارد مالم يكن هناك استقرار سياسي واستكمال نقل وتوحيد الجيش لأن هذه البؤر هي التي سوف تسبب عدم الاستمرار الأمني والاقتصادي ، فالنجاح الاقتصادي والتنمية الاقتصادية لايمكن أن تؤتي أكلها إلا حينما تنجح التسوية السياسية كون مدارات التسوية لا تقف على رجل واحدة فقط وإنما على جوانب عدة من أهمها الجانب الاقتصادي فهو مهم لإنجاح التسوية السياسية واعتقد أن هذا المسار مدعوم من قبل شركاء اليمن كون هذه العملية مسنودة بالمبادرة الخليجية وبقرار دولي ويعمها شركاء اليمن وأصدقاؤها وهم مصرون على انجاح هذا المسار . القضية الثانية تلازم المسارات كونه لايمكن أن تنجح التسوية السياسية بدون تلبية احتياجات الناس وتحسين الخدمات وتوليد الطاقة الكهربائية وهي شروط لا بد منها لإنجاح المسار السياسي بالإضافة إلى عملية الإغاثة العاجلة وإيواء النازحين. القضية الثالثة هي أن أي تأخر في تقديم هذا الدعم أو وضع عقبات في طريق تنفيذ هذه البرامج سيكون ضربة قاتلة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة ، ومن هنا يكمن حرص أشقاء وأصدقاء اليمن على إنجاح هذه العملية من خلال الدعم الذي سيقدمونه وفقاً للخطة الحكومية التي اعتقد أنها قدمت رؤية متكاملة لهذه المرحلة . تفاؤل كبير ماالذي يجعلكم تتفاءلون بأن الحكومة الحالية قادرة على استيعاب المنح التي سيقدمها المانحون لليمن ؟ - أولاً للحاجة فالطاقة الكهربائية الحالية لا تغطي كون الموجود حالياً ثمانمائة ميجا وات ، بينما المطلوب أكثر من ثلاثة آلاف ميجاوات وبالتالي هذه الحاجة سوف تدفع إلى توفير إرادة قوية للتنفيذ . الأمر الثاني شركاء اليمن يستطيعون تنفيذ تعهداتهم بالأليات التي يرغبون بها سواء عبر صناديق متخصصة أو الأجهزة الحكومية الإرادة السياسية متوفرة وبالتالي هذه الإرادة والحرص سيمكنها من تنفيذ على الأقل ما نسبته 80 % من هذه البرامج والأولويات وطبعاً ستظل هناك مشكلات وسيظل هنالك تباطؤ في بعض القضايا لكن في القضايا الأساسية سيتم انجاز الشيء الكثير من هذه المتطلبات شريطة استكمال نقل السلطة واستقرار العملية السياسية والأمنية في البلاد . فإذا انشغلت الحكومة بهذه القضايا وظل هناك من يثير مشاكل سياسية وأمنية سيعمل حتماً على تعثر جهود الحكومة في استيعاب هذه التعهدات وتنفيذها على الواقع كون هذا القصور لن يكون مسؤولاً عن حكومة الوفاق لوحدها وإنما كل القوى السياسية . ماهي النتائج التي تتوقعون أن يخرج بها مؤتمر المانحين في الرياض ؟ - نحن نتفاءل بخير ونتمنى أن يكون هذا اللقاء مثمراً وسيؤسس أو يمهد للقاء الذي سيأتي بعده في نيويورك والذي سيكون فيه إعلان التعهدات النهائية والبدء بالتنفيذ خصوصاً وأن هذا اللقاء سيأتي كثمرة للقاءات التي عقدت في صنعاءوالرياض لمناقشة هذه التعهدات مع المانحين والأشقاء والأصدقاء والمنظمات الداعمة ولهذا أنا متفاءل رغم وجود بعض الأشياء التي يمكن أن تعكر صفو هذه العملية ولكن اعتقد أنه ورغم ذلك سيمضي بنا هذا المؤتمر نحو الأمام . عملية إيجابية ماذا يعني برأيكم إشراك الحكومة لمنظمات المجتمع المدني في لقائها مع المانحين؟ ونحن ننتقل إلى مسار بناء اليمن الجديد من خلال تأسيس علاقة شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني تقوم على أسس جديدة وتفاعل كبير ، فاعتقد أن إشراك الحكومة للمجتمع المدني سوف يمهد لهم المشاركة والمساهمة في البناء والإعمار خلال الفترة الحالية وأيضاً في المستقبل رغم أنه لم تشرك الكثير من منظمات المجتمع المدني في هذا اللقاء ولكن هذه العملية إيجابية من حيث المبدأ لكل الشركاء المحليين في الاتجاه نحو البناء والإعمار .