في ظاهرة غير مسبوقة تفشّت مؤخراً العديد من المضبوطات التي تم تحريزها عبر ميناء الحديدة، وكلها بضائع مهرّبة وبعضها أخطر من بعض وخاصة فيما يتعلق بالأسلحة والمعدّات العسكرية والألعاب النارية والحشيش وأخيراً شحنة الكوكايين التي يتجاوز ثمنها 100 مليون دولار - حسب مصدر مسؤول في الميناء.. في ذات الوقت ضبط الميناء العديد من الحاويات التي كانت معدّة للتصدير وبداخلها آثار يمنية.. عُرف التهريب فيما مضى عبر المنافذ الطويلة التي تتمتع بها الحديدة, لكن أن يتم التهريب عبر المنافذ الرسمية؛ فهذه سابقة تفرض أكثر من تساؤل.. بمجرد أن تدلف باب الميناء بغية الدخول إلى هذا الصرح الاقتصادي المهم حتى تجد الإجراءات الأمنية المشدّدة والتي تتغلب عليها باتصال مع الجهات المسؤولة بعد تنسيق مسبق في مهمة البحث عن الحقيقة. نظرة متفحّصة للمكان تدرك مدى العشوائية التي تعتري ميناء الحديدة الذي يكاد يخلو من المظاهر المنظمة التي تتناسب مع عراقة هذا الميناء التاريخي لليمن، حيث تغلب الأرض الترابية على الأرصفة، وكل شيء في المكان يدل على الأقدمية ابتداء من المعدّات والآلات الخاصة بالميناء وانتهاء بالمطاعم والبوفيات، حيث تُربط أخشاب أسقفها بالحبال خشية وقوعها. للتعمق أكثر في ذات المكان تجد نفسك محاصراً بالعديد من التساؤلات الجديدة التي يفرضها عليك الواقع المعاش في هذا الميناء وبما يستوجب على المهنة الصحفية الولوج إليها والتقرُّب من معاناته كمهمة رئيسة في بلاط السلطة الرابعة. ليس تهريب البضائع ما تعانيه ميناء الحديدة وإنما هناك أيضاً ظاهرة الإتجار بالبشر، وهناك التجار والمخلصون الذين يشكون الجور الذي يمارس ضدهم من قبل الميناء والجمارك على حد سواء، وهناك إدارة الميناء التي تشكو القدم، وهناك إدارة الجمارك التي تشكو تداخل الاختصاصات الأمنية، وهناك إدارة الأمن التي تشكو المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان في عدم وضع حد للاضطهاد الذي يعانيه الأفارقة في اليمن. إشكاليات عديدة جعلت من نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة موانئ البحر الأحمر القبطان جمال عايش يشير إلى أن الميناء مهدّد بالتوقف على مدى خمس سنوات في حال عدم تطوير وتحسين الأداء وتحديث الميناء وتشديد الرقابة الأمنية.