د. عبدالملك العصار، رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة العنف والإرهاب اعتبر فرض هيبة الدولة أولوية في مسار بناء اليمن الجديد وطي صفحات الماضي والتحرر من العقلية القديمة ومنطق الاستقواء بالسلاح لفرض إرادة في مواجهة الدولة وتحقيق مصالح خاصة أو الحفاظ على امتيازات لجماعة أو فئة أو شخصيات ومراكز قوى بنت نفوذها على ثقافة الماضي. وأضاف العصار قائلاً: نزع السلاح من المليشيات والجماعات وفرض هيبة الدولة في مناطق تواجد السلاح غير الشرعي والعمل على الحد من انتشاره في أوساط القبائل تبعاً لأهواء ورغبات النافذين القبليين مسألة يفترض أننا قد فرغنا منها في مؤتمر الحوار الوطني ولطالما كانت هذه المسألة مصدر قلق وتساؤلات عبر عقود، والآن ونحن نعيش الذكرى ال 24 للعيد الوطني 22 لا يزال السؤال مطروحاً: لماذا لا ينزع السلاح الثقيل والمتوسط ممن بيدهم هذا النوع من الأسلحة؟ ذلك لأن سبب انتشار الظاهرة ومستجدات الفترة الأخيرة وتدفق السلاح إلى مليشيات وجماعات يقود إلى تراخي أجهزة الدولة الأمنية، وأسلوب تعامل الدولة مع الأحداث والمشاكل التي يكون طرفها جماعة أو قبلية أو بعض منها يتحدى الدولة وهيبتها وكثيراً تفاوضت مع خاطفين للأجانب وقاطعي طريق ومعتدين على منشآت وأملاك دولة وحتى الآن هناك صفقات بين الدولة وجماعات قبلية مدججة بالسلاح، لإنهاء مشاكل مثل قبول التحكيم والزامل وذبح الثيران وغير ذلك ما يشجع على التمسك بالسلاح وتوظيفه لابتزاز الدولة واعتراض هيبتها وتجاهل قوانينها وخيارات قواها المتفق. العصار استطرد بقوله: هذا ما يشعرنا بالحزن لأن جماعات باتت تمتلك أسلحة هي حكراً على الدولة صاحبة الولاية وما تزال الدولة تقبل التحكيم حتى عندما تعتدي جماعة على معسكر للجيش. والمضحك المبكي أن يكون هناك دبابات وصواريخ ومدافع مستخدمة في مناطق وبين قبائل تقودها شخصيات يفترض أنها ضمن قوى مدنية تسلم بنزع السلاح ولا يحصل تقدم.. فهل يريد هؤلاء ترك السلاح مع أنهم تحاوروا مع مختلف مكونات المجتمع، أم أنهم مازالوا مقتنعين بأهمية سلاحهم لأهداف خاصة؟. الحوثيون والمليشيات الحزبية والقبلية وجود السلاح المتوسط والثقيل بيدها يعكس خللاً عميقاً في كيان الدولة استغل لفترات، وإلا كيف وصل السلاح بهذه النوعية والكمية إلى الجماعات والمليشيات.. المعروف أنها لا تملك موانئ غير الموانئ الرسمية. أما التهريب وتجارة السلاح ورموزها فهم معرفون ولا شفافية في التعامل مع الموضوع الذي ساد لسنوات واليوم تبرز أهمية سيطرة الدولة على هذا السلاح لا أن تظل تتفاجأ. ويرى الأكاديمي والخبير د. محمد الدرة أن قضية السلاح في اليمن لم تعد مجرد مشكلة عادية، إذ تحول إلى أزمة أمنية حقيقية يجب مكافحتها من أجل الوطن وأمنه واستقراره وتعزيز الثقة بمخرجات الحوار في هذا الشأن. وقال د. الدرة:لابد من وضع خطة استراتيجية متكاملة تحدد فيها الدولة مؤسساتها ذات أدوار متكاملة بأنها مشكلة السلاح أولاً لدى الجماعات والمليشيات لأن الأزمة الأمنية والانفلات سببهما وجود السلاح سواء الخفيف أو المتوسط أو الثقيل، وأي دولة فيها مليشيات أو جماعات تمتلك الأسلحة المتوسطة والثقيلة أو شخصيات وأفراد ذوي مكانة لديها أسلحة لا يمكنها أن تفرض الأمن أو تحقق التنمية. والدولة في حال كانت جادة في فرض هيبتها ومكافحة الأسلحة وتسعى إلى تنظيم حمل السلاح الخفيف فيجب أولاً نزع الأسلحة الثقيلة ممن يمتلكونها من أفراد وجماعات من أفراد الأمن والقوات المسلحة، فلا يحق لأي شخص أو مؤسسة أو جماعة أو مليشيا امتلاك الأسلحة المتوسطة والثقيلة، لأن وظيفة الدولة وجيشها وأمنها حماية الحدود وحفظ الأمن والاستقرار في المجتمع ولا مبرر أن يكون السلاح خارج يد الدولة وأجهزتها المناط بها أمن وسلامة الوطن. وبالنسبة للسلاح الخفيف قال الدرة: نحتاج لخطة متدرجة سريعة لتنظيم حملة وفق لوائح وتحديد طريقة استيراده والترخيص له وترقيمه لا يمر شخص من نقطة أمنية إلا يحمل كرتاً يوضح رقم سلاحه الشخصي، وبذلك ستحد الدولة من انتشار السلاح الخفيف واستخدامه العبثي أو الخاطئ. أما في المتوسط فتحتاج لخطة توعوية توعي المواطن بمخاطر حمل واستخدام السلاح وخاصة المتوسط والثقيل وقيام الدولة باستخدام سلطاتها القانونية في تحقيق الأمن وحراسة الحدود من تهريب السلاح، وإذا تحقق الأمن وشعر المواطن بأنه آمن تحميه الدولة ولا تقطّع ولا اعتداءات لا يمكن أن يلجأ المواطن لحمل السلاح الشخصي. الخطط المستعجلة والارتجال ليس بعمل مؤسسي، ففي عام 2001م وعينا وأقيمت ندوات وقلنا ما يجب، لكن لا نتائج، فالعمل السريع لا يحقق نتائج وبوجود خطة استراتيجية واضحة ومزمنة يمكن مساءلة المسئول إذا قصر ويثاب إذا أحسن وتفعيل القانون على الجميع دون استثناء. اللواء محسن الآنسي عضو مجلس النواب أكد أن من الضرورة بمكان أن نفكر بعمق في مجمل المشكلات والحوادث والصراعات التي استخدم فيها السلاح للتأثير على الدولة أو لتأثير طرف أو جماعة على أخرى وكانت الدماء والأحقاد هي الحصيلة.. وبعد أن تحاور اليمنيون وتوافقوا وأدركوا ضرورة طي ملفات الماضي فإن تخلي الجماعات والمليشيات والقوى التي تمتلك السلاح واجب وطني ومسئولية تاريخية ينبغي أن تحركها قناعات من أجل فرض هيبة الدولة على ربوع الوطن. وقال الآنسي: اليمن الاتحادي يستحق أن يخلو من المليشيات والجماعات ومن الأفكار التي تحترم النضال السلمي لتعزيز مكانة من يحملونها. وأضاف:بلدنا تحتاج إلى نهضة لن تكون إلا بالأمن والاستقرار والعمل والإخلاص من قبل كل أبناء الوطن ونبذ المخاوف والكراهية والأطماع، والمبادرة بوعي وثقة إلى التخلي عن الأسلحة الثقيلة والمتوسطة أولوية لتطمئن الناس، فالصراعات أعاقت الوطن كثيراً واليوم هناك معركة مع الإرهابيين وعلى أصحاب النوايا الطيبة ومن التزموا في الحوار بتسليم الأسلحة للدولة أن يعوا حقيقة المشهد ويساندوا الجيش والأمن في معركتهما ضد من يحملون السلاح في وجه الدولة ويعملون ضد إرادة الشعب ولا مجال بعد الآن للمزايدات.. على كل القوى التي تؤمن بالسلاح أن تراجع نفسها وتتخلى عن سلاحها كي لا تكون سبباً في حصول ما نشاهده اليوم في بعض المناطق. الالتزام الصارم بالتوافقات في مؤتمر الحوار هو المحك، ويجب على الجماعات والمليشيات أن تحرص على مخرجات الحوار باعتبارها باتت ثوابت وطنية وأن يتسابق الجميع إلى دعم تنفيذ المهام اللازمة لبناء الدولة الاتحادية ومساعدتها على فرض هيبتها دون أن يضطرها طرف إلى مواجهة جماعات ربما هي لم تولد بعد. ومن البدهي أن نجد اليمنيين جميعاً صفاً واحداً إلى جانب القوات المسلحة والأمن في حرصها على الإرهاب، ونحن نشد على أيدي القيادة السياسية ووزير الدفاع ورئاسة هيئة الأركان ووزير الداخلية في هذا الوقت بالذات. د. عبدالله الشامي، الأكاديمي والقيادي في الثورة الشبابية: بالنسبة لفرض هيبة الدولة فهو الشغل الشاغل لأبناء الوطن، لكن موضوع السلاح إذا كان المقصود الربط بين سلاح أنصار الله وتنظيم القاعدة فالموضوع مختلف، ذلك أن جميع المكونات تحاورت على أساس أن القضيتين الرئيسيتين في البلد هما القضية الجنوبية وقضية صعدة وخرج المتحاورون بوثيقة تحقق عدالة ومساواة وشراكة لبناء الوطن ودولته. وقال الشامي: مراكز القوى لازالت مؤثرة وتعيق بناء دولة تحمي الجميع لا يكون في ظلها مبرر لأي طرف حمل السلاح أو امتلاكه هذا من جهة ومن جهة ثانية هناك القاعدة بمشروعها العدائي ضد الدولة والمجتمع ويحتاج الوطن إلى تكاتف كل أبنائه لمواجهة الإرهاب، والاستمرار في العمل الجاد والسلمي لاستكمال مهام بناء الدولة وفقاً لما تم التوافق عليه. ويؤكد أعضاء في مؤتمر الحوار الوطني من مختلف اللجان أن نظام الأقاليم الستة تحول مهم لاسيما على صعيد التعامل مع قضايا السلاح، لكن المشكلة في نزع السلاح الثقيل والمتوسط لدى الحوثيين والمليشيات المتوارية خلف الستار الحزبي والقبلي. وتؤكد أروى وابل عضو مؤتمر الحوار أن السلاح نقطة مهمة وقع الجميع على حلها وأجمعوا على أن السلاح الثقيل والمتوسط ملك الدولة وكان النقاش حول الأسلحة إحدى النقاط التي أخرت اختتام مؤتمر الحوار في عدن في 18/9/2013م وتم تحديده وتحتاج مشكلة الأسلحة في اليمن الآن إلى دعم حقيقي وتدخل من قبل الدول الراعية للتسوية السياسية وممارسة ضغوط على الجماعات والمليشيات كي تسلم سلاحها للدولة وتساعد الدولة في فرض هيبتها ودعم الرئيس هادي وجهوده الخيرة لبناء اليمن الجديد والذي اتفق عليه الجميع وأيدوا مخرجات الحوار بشأن السلاح. أيضاً القاعدة تمتلك أسلحة ثقيلة ومتوسطة وتحارب الدولة باسم الإسلام، ونعتقد أن ديننا الإسلامي لا يسمح بانحراف أو بإسالة دماء الناس لكنه السلاح كيف وصل بهذه النوعية والكميات إلى يد من يحملونه؟