البيت اليمني للموسيقى الذي تم تأسيسه رسمياً في 8/1/2007م، ويحوي مجلس أمناء واستشاريين يعتبرون نخبة في هذا الجانب.. هذا البيت أسّس لأهداف أهمها رصد وتوثيق الأغنية الشعبية ورصد وتوثيق وإعادة إحياء أغاني ألعاب الأطفال وإعادة تسجيلها، إضافة إلى دراسات وبحوث متخصّصة لروّاد الأغنية الشعبية في اليمن، وجمع وحفظ جميع الآلات الموسيقية والإيقاعية الشعبية القديمة المشهورة. و كذا إصدار الكتب ونشر الوعي الموسيقي من خلال دورات فنية للهواة والموهوبين الراغبين، وذوي الاحتياجات الخاصة.. حول ما قام ويقوم به البيت اليمني للموسيقى والفنون يتحدث الفنان فؤاد الشرجبي، مدير البيت اليمني للموسيقى في الحوار التالي: حدّثنا عن بداية علاقتك الحميمية مع أدوات العزف والموسيقى وصولاً إلى فكرة إنشاء البيت اليمني للموسيقى؟ بداياتي مع الآلات الموسيقية كانت في مدرسة الصديق الإعدادية ثم مدرسة الفاروق الثانوية ثم فرقة مكتب الثقافة بتعز .. ثم مدير للفنون في مكتب الثقافة بتعز وبعدها ذهبت إلى سوريا لدراسة الموسيقى وعدت بعدها مديراً لإدارة الموسيقى بوزارة الثقافة ومن ثم مديراً عاماً لمركز التراث الموسيقي.. ثم (خليك في البيت) ، خلال هذه الفترة كوّنت في تعز فرقة موسيقية مصغرة بإسم الفرقة اليمنية وبعد ذلك فرقة الربيع الموسيقية ليتبعها إنشاء أول أستوديو ديجتال في اليمن باسم (استوديو الربيع) في صنعاء وشعوراً بالمسؤولية أسست البيت اليمني للموسيقى وهو مؤسسة مجتمع مدني غير ربحية تعنى برصد وجمع وتوثيق الغناء والموسيقى اليمنية كما نعمل على نشر الوعي الموسيقي من خلال دورات فنية متخصصة وإقامة فعاليات ومهرجانات وبرامج فنية شبابية في إطار الخدمة المجتمعية, وخدمة الفنون في اليمن.. وقد تم تحديث الإسم إلى (البيت اليمني للموسيقى والفنون) نظراً لتوسع نشاطنا الفني والتأهيلي في عدة مجالات فنية مختلفة. .. فكرة إنشاء البيت هل كانت هواية قديمة للمهندس فؤاد الشرجبي أم مجرد خاطرة عابرة؟ فكرة إنشاء البيت اليمني للموسيقى كان أساسها رصد وجمع وتوثيق الغناء اليمني الذي يكاد أن يندثر والذي يتعرّض للسرقة والنهب والتشويه.. والهدف الثاني هو نشر الوعي الموسيقي ودوره في التربية النفسية والروحية. .. كم عدد طلاب بيت الموسيقى.. والفرق الغنائية ومستوياتها؟ حتى تاريخنا هذا تجاوز عدد الطلاب الدارسين أكثر من تسعمائة طالب وطالبة لعدة آلات موسيقية مختلفة.. كما تجاوز عدد مدرّسي الأنشطة مئة وعشرين مدرساً ومدرسة من مدراس أمانة العاصمة ومدارس من عدة محافظات والذين أخذوا دورات مكثفة في التربية الموسيقية للفئات العمرية المختلفة. .. كم عدد الأغاني اليمنية التي قمتم بتوثيقها وحصرها حتى الآن؟ استطعنا أن نجمع حتى الآن أكثر من خمسة وأربعين ألف أغنية موزّعة ما بين الغناء التقليدي والغناء الشعبي القديم والحديث والمتوارث عبر الأجيال من مئات السنين.. مثل الأغاني الزراعية من المهاجل والمغارد وأغاني البتول وغيرها من الأغاني التي يرددها المزارعون أثناء عملهم لعدة مناطق تختلف ألحانها باختلاف بيئتها من المهرة إلى صعدة, وكذلك أغاني العمل والحرف والرعي وأغاني الصيادين والبحارة وغناء البدو الرّحل والمواويل والرزفات والزوامل وأغاني الأفراح الرجالية والنسائية وكذلك الإنشاد الديني والغناء الصوفي في زبيد ويفرُس وتريم. .. حدّثنا بصراحة عن طبيعة التفاعل الرسمي معكم ممثلاً بوزارة الثقافة؟ لا يوجد تفاعل إيجابي نهائياً كما يوجد تجاهل متعمد من وزارة الثقافة لدورنا.. وفي الوقت الذي تدعم فيه وزارة الثقافة الكثير من المؤسسات الوهمية تتجاهل البيت اليمني للموسيقى من أي دعم أسوة بالمؤسسات الثقافية الموجودة في اليمن. ما هي المحافظات التي تعطونها الأولوية عند قيامكم بالجمع والتوثيق؟ لا توجد أولوية لمحافظات، فالفن اليمني مسؤوليتنا جميعاً وبدون استثناء, ولكن هناك مناطق يمنية تعرضت للإهمال أكثر من غيرها ولا يزال فيها الكثير من الفنون المميزة لم تظهر على السطح.. مثل جزيرة سقطرى وريمة. لو تحدّثنا عن أبرز الفنون الغنائية التي تقومون بتوثيقها وما هي الطريقة المتبعة للقيام بذلك? جميع ألوان وأشكال الغناء اليمني تهمنا بالتساوي ولكن الغناء الذي تكتمل فيه حقوق الملكية الفكرية يكون له وضع أكثر ترتيباً وتنظيماً للحفاظ عليه من السرقة والتشويه.. لذلك أنشأنا قاعدة بيانات خاصة لتوثيق هذه الأعمال الغنائية, حيث تحتوي قاعدة البيانات على خانات الرقم التسلسلي, إسم الأغنية, مطلع الأغنية الشاعر, الملحن, المؤدي, لون الأغنية, المنطقة التي تنتمي لها الأغنية, المقامات المستخدمة في الأغنية, نوع الإيقاع واسمه, الوزن الإيقاعي, الآلات المستخدمة في هذه الأغنية, الموزع الموسيقي إن وُجد, زمن و تاريخ التسجيل, المنتج, المزود لنا بهذه الأغنية (وعليه نعتمد المعلومات الحقوقية). ما هي طبيعة العلاقة بين الواقع السياسي اليمني ومراحل تطوّر الفن وتراجعه؟ عندما يرتبط الفن بالسياسة يتغير صعوداً وهبوطاً بشكل طردي، فكلما كان هناك نضج سياسي تزدهر الفنون بشكل عام وعندما يكون هناك عهر سياسي يطفو على السطح مجموعة من المتسلقين الذين يشوّهون الساحة الفنية ويملأون الدنيا بالضوضاء والعبث.. وفي وسط هذا تبدأ المقاومة من فنانين أصيلين يخلّدون أروع الأعمال وبصمت وتنتشر بعيداً عن الإعلام لتشكّل كابوساً حقيقياً لفشل السياسيين. .. ما المانع أن تصبح لديكم فروع متعددة في المحافظات الأخرى للتدريب؟ أكيد من أولوياتنا أن يكون للبيت اليمني للموسيقى والفنون مراكز في عدة محافظات ولكن ما مرّ به الوطن جعلنا نصارع من أجل البقاء ونكافح لنسدد إيجار المقر والمصروفات التشغيلية والحفاظ على ما أنجزناه. هل لديكم تصوّر لمواكبة الفن الغنائي الحديث؟ بالطبع لدينا رؤى وخطط مستقبلية للنهوض بالأغنية اليمنية من خلال تأهيل كوادر شابة في المجالات الفنية ليكونوا عماداً لفرق فنية مؤهلة علمياً وفنياً ويتجاوزون بإبداعاتهم الحدود العربية والعالمية إن شاء الله وهذا يتطلّب تكاتف الجهود من الدولة والقطاع الخاص والمهتمين والغيورين على فننا اليمني الأصيل. .. هل انتهيتم من إعداد الموقع الإلكتروني الخاص بأرشفة كل أعمال التوثيق؟ ليكتمل الموقع بصورته المثلى نحتاج إلى الوقت والمال الكافي، لأن الأرشفة تحتاج إلى عدد كبير من الفنيين المدربين على تنزيل البيانات بشكل دقيق لحفظ حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لحق المؤلف لضمان عدم السطو على الأعمال الغنائية اليمنية وكذلك عدم السطو على الأغاني التي في قاعدة البيانات التابعة للموقع الإلكتروني للبيت اليمني للموسيقى والفنون. هناك محاولات لخلجنة الأغنية اليمنية ما صحة هذا الحديث؟ إذا استمرت وزارة الثقافة في الغياب عن دورها الحقيقي في تطوير الفنون والاهتمام بالفنانين ومتابعة حقوق الملكية الفكرية، وإذا استمر الإهمال في الحفاظ على موروثنا الثقافي والأدبي أكيد ستُطمس هويتنا في ظل اهتمام خليجي بموروثنا وتقديمه بشكل حديث وبوسائل متطوّرة ومتجددة ويصعب علينا بعد ذلك إقناع العالم بحقوقنا في هذه الأعمال (المسؤولية جماعية) وللأسف الشديد أسوأ وزارة ثقافة مرّت على البلد هي الوزارة الحالية. هل تتحمّل أيضاً شركات الإنتاج الفني أم وزارة الثقافة مسؤولية سرقة ونهب الفن اليمني؟ شركات الإنتاج الفني في اليمن هي أحد ضحايا غياب وزارة الثقافة في الحفاظ على حقوق هذه الشركات التي تشكّل الداعم الحقيقي للفنانين وانتشار أغانيهم وتأكيد حقوقهم.. طبعاً ليس كل شركات الإنتاج لأن هناك دخلاء أساءوا إلى الفن والفنانين في اليمن باسم الإنتاج الفني الهابط. هل أصبح اليمنيون اليوم مجبرين على الاستماع إلى الرصاص أكثر من سماعهم للفن والموسيقى؟ مهما علا صوت الرصاص ومهما تطاول أعداء الأمن والاستقرار والتطرف لن ينالوا من الجمال المزروع في داخل وجدان كل يمني أصيل، لن يسرقوا البسمة ولن يقتلوا الدان الحضرمي ولا ملالاة ريف تعز ولا قصيد البدوي ولن يشوّهوا أغاني أعراسنا وأفراحنا والبالة والزامل وستستمر رقصة البرع والليوة والدحفة والزبيرية والزربادي والشرح بجميع أنواعه خالدة خلود الروح الإنسانية النقية. ما هي أكثر الفئات العمرية ميولاً إلى الفن والحياة مع الموسيقى، الشباب أم الأطفال؟ خلق الله الإنسان وخلق داخله الإحساس بالجمال وتذوق الفنون بجميع أنواعها، فلا يمكن أن يكون هناك إنسان سوي مالم يشعر ويتذوق الفنون التي أبدعها الإنسان بنعمة من الرحمن. .. أخيراً ما هي رسالتك إلى كل موهوب وفنان ومنشد يمني في ظل هذا الواقع الذي تعيشه البلاد؟ أنصح كل موهوب وفنان ومنشد أن يتزوّد بالعلم أولاً والتدريب المتواصل والبحث الجاد عن كل ما هو جديد ليواكب عصره ويتزوّد بتراثه ويقدم الجديد دوماً ويبتعد عن الغرور ويتخذ التواضع والأخلاق طريقاً إلى الثقة بالنفس للنجاح والصعود إلى أعلى المراتب. .. هل ترغب بإضافة أي شيء آخر؟ جميعنا يعرف المهام الصعبة التي تواجه الأستاذ شوقي هائل، محافظ محافظة تعز والأولويات التي يجب توفيرها للمحافظة, لكن ما دامت تعز (عاصمة للثقافة اليمنية) أتمنى على محافظ تعز الاهتمام الأكبر وإعادة النظر في إدارة وآلية تفعيل الحركة الثقافية والفنية في (تعز عاصمة للثقافة اليمنية) من خلال اختيار مجموعة من كبار مثقفي وفناني تعزواليمن ليكونوا مرجعية حقيقية لإدارة واعية مكونة من نخبة من شباب تعز المثقفين، الفاعلين، والمؤهلين، والمواكبين لمتطلبات العصر الحديث وتقديم رؤى واستراتيجية واضحة المعالم تتناسب والطموح اللا محدود والمتجدّد في ظل تطور أشكال الميديا في العالم والخروج عن التقليدية والرتابة في إدارة الحركة الثقافية والفنية.