رغم توحّد المسلمين في أساسيات العبادة في هذا الشهر الفضيل من صيام وصلاة وزكاة و... إلخ من الركائز والأصول الأساسية التي لا خلاف فيها أو عليها إلا إنهم يختلفون في طقوسهم من مجتمع إلى آخر ومن دولة إلى أخرى بل من قبيلة أو مدينة إلى أخرى. في اليمن تتنوع الطقوس الرمضانية والروحانية من مدينة إلى مدينة أخرى وتكتسب مدينة تعز عادات وتقاليد رمضانية خاصة ومميزة خلال الشهر الكريم حيث هنالك طقوس رمضانية خاصة يعيشها ويعايشها أبناء «تعز» يتميزون بها أو يتفقون ويتشابهون بها مع سواهم من أبناء المدن والمحافظات اليمنية الأخرى وتبدأ من أول أيام الشهر المبارك. فتحظى المساجد بمدينة تعز خلال أيام رمضان الكريم باهتمام متزايد من قبل مكتب الأوقاف والإرشاد وتدرّس فيها خلال ليالي رمضان المبارك علوم القرآن الكريم «تحفيظه وتجويده» كما تُقام به الندوات والمحاضرات الليلية بشكل يومي ومتواصل طيلة أيام الشهر الفضيل وتكتسب المساجد اهتماماً خاصاً من خلال توفير مياه الشرب وموائد الإفطار الرمضانية خلال الشهر الكريم ، وهناك ظواهر سلبية عادة ما تُقام في بعض المساجد تتمثّل بقيام البعض بإحضار إفطار الصائمين إلى المسجد وأضاف مدير الأوقاف بتعز: كما أن هناك تعميماً آخر تم توجيهه إلى مساجد مدينة تعز والمساجد المنتشرة على ضواحي المدينة بعدم رفع أذان صلاة المغرب إلا بعد سماع صوت المدفع الذي يعتبر محدّداً لإفطار الصائمين لجميع المساجد في المدينة وضواحيها. صلاة التروايح وتجمُّع الأسر ومثل بقية المدن لرمضان روحانيته، ففي مساجد تعز يتجمع أبناء المدينة بعد تناول العشاء لأداء صلاة العشاء ومن ثم أداء صلاة التراويح التي يتسابق ويداوم عليها الكبار والصغار وهناك مساجد محددة في المدينة تم فيها إضافة طوابق محددة لأداء النساء لصلاة التراويح . بعد ذلك تحرص العديد من الأسر التعزية على الالتقاء والتجمّع في منزل واحد يضم أكثر من عائلة للتزاور والسمر معاً خلال ليالي الشهر الفضيل. حلويات ووجبات رمضانية وخلال شهر رمضان تتميز أيضاً مدينة تعز بوجبات وحلويات خاصة.. فلا تخلو موائد الإفطار التعزية من«السنمبوسة» والشفوت وهي أكلات قلما توجد في بقية الأشهر. وكما أن هناك حلويات يتزايد الطلب عليها في مدينة تعز بل لا تصنع إلا خلال رمضان فمثلاً حلويات الشعوبية والرواني والطرمبة.. والمحلبية و...إلخ من الحلويات التي تحتويها موائد إفطار الصائمين بمدينة تعز. حيث تشهد شوارع المدينة منذ الظهيرة وما تلاها وخاصة في الفترة المسائية تناثر كبير للباعة المتجوّلين والمفرشين رغم الإجراءات التي اتخذتها مسبقاً المحافظة على نقلهم إلى أسواق خاصة لكن الباعة الذين يعرضون النباتات الطبيعية والتي بمقدورهم حملها على الأكتاف أو عرضها من خلال القرفصاء جوار المحلات التجارية فإن أكثر ما يلاحظ انتشار هؤلاء الباعة في كل الأزقة وحتى وسط الحارات كون ما يحملونه هاماً وضرورياً ويلبي احتياجات مائدة الإفطار التعزية، فهناك من يبيع نبات (الخوعة) التي تعطي الشفوت الرمضاني مذاقاً خاصاً، حيث يجلبونها كما يقول أحد الباعة من سفوح وادي الضباب وكذلك ضواحي تعز وأنها تجد رواجاً لدى المشترين، وعادة ما يتجاور مع هؤلاء الباعة آخرون يبيعون الليم والحقين البلدي وكذلك الكراث والبصل الذي لا غنى عنه في صناعة السنبوسة التي يتزاحم كثير من الأطفال لعرضها في صحون أكبر من حجمهم بغية الحصول على ما تيسر من نقود تعمل على سد احتياجاتهم وهو ما يجعل السنبوسة بضاعة رائجة لمعدومي الدخل تعمل على مساعدتهم في جلب الرزق والعيش دونما امتهان، وخصوصاً لدى الأطفال الذين ساعدهم هذا العام قرار تأخير العام الدراسي الجديد إلى شوال القادم، فتجدهم يشكّلون النسبة الأكبر من الباعة في العديد من شوارع تعز ، ولأن الشفوت يعد أهم عناصر مائدة الإفطار في تعز والذي عادة يعد عبر شرائح اللحوح الذي يعد أهم مكونات الشفوت ولا يحل في غيابه سوى الخبز الشامي، لذلك لا غرابة أن يلاحظ المرء في العديد من شوارع تعز كثيراً من الفتيات أو العجائز وهنّ يعرضن ما لديهن من لحوح مصنوع إما من الذرة الشامية أو الدخن وارتفع السعر هذا العام بين ال 100و150 ريالاً للشريحة الواحدة كل بحسب النكهة والمذاق ولكل بائعة زبائنها الدائمون ورغم أن اللحوح سهل صناعته في البيوت إلا أنه مطلب الكثير من العاملين والطلاب والأسر ذات الدخل المحدود فإنهم يلجأون إلى بائعات اللحوح لأخذ حاجاتهم بما يتناسب مع مائدة إفطارهم كما تنامت في العديد من أحياء المدينة ظاهرة متمثلة بإقامة الموائد الجماعية والمفتوحة في أغلبها للمقربين ومن سواهم فإن انتشار هذه الموائد ظاهرة طيبة تؤكد أن التضامن الاجتماعي والتراحم لايزال موجوداً في قلوب الناس حتى وإن بدا فقط في رمضان.