يقال إذا أردت أن تنظر إلى وضع أي بلد فانظر إلى حال أطفالها.. سنوات وسنوات وأطفالنا يعانون الأمرين ويفتقدون لأدنى وسائل الترفيه، فأغلب الحدائق والمتنفسات العامة تخلو من هذه الوسائل، فالألعاب فيها قديمة وقد عفى عليها الزمن، وافتقدت للتجديد سواء في حديقة الثورة بأمانة العاصمة أو حدائق أخرى، الاستطلاع التالي يعرفنا أكثر على واقع تلك الحدائق.. دعوة للاهتمام يقول الطفل أصيل احمد قائد يوسف، أحد جيران حديقة الثورة بأمانة العاصمة، إنه ومنذ أن يعرف نفسه طفلاً لازالت الحديقة التي بقرب منزلهم كما هي، لم يطرأ عليها أي تجديد في الألعاب مطلقاً, حتى أن الطفل قد مل تلك الألعاب وسئمها. وأضاف في العاصمة لا توجد حدائق متميزة كما هو في بعض البلدان، وأن تلك الحدائق لا تتنافس فيما بينها لتبقى بلا تجديد, والأكثر من ذلك غرابة أن الكبار تراهم يتزاحمون مع الأطفال في بعض الألعاب, متناسين أن مثل تلك الألعاب أصبحت غير مقبولة أمام أطفال العاصمة, داعياً قيادة أمانة العاصمة الاهتمام بالحدائق والمتنفسات التي تليق بالأطفال. قديمة ومتهالكة فيما تؤكد الطفلتان رحاب أحمد مقبل وأمل عبده محمد أن ترددهما للحدائق أصبح شيئا مملا وغير مفرح، لأن الألعاب قديمة وتتكرر بذاتها كل عام دون تحديث، خصوصاً وإنهم يترددون إليها في كل المناسبات. ولكن ذلك لا يمنع بأن نذهب إليها لعدم وجود حدائق ومتنفسات أفضل منها إلا في مدينة السبعين إذ سينقضي الوقت أثناء الذهاب إليها لشدة الازدحام، وأشارتا أنه من المفترض إنشاء حدائق نموذجية استثمارية، إلا أنه وللأسف هكذا حال بلادنا وحال الطفولة، ولم يحظوا بأدنى اهتمام. وأضافتا أن تلك الحدائق المتهالكة رغم قدم ألعابها إلا أن الإقبال عليها بشكل لا يتصوره أحد, وهو ما تشكو منه سميرة وأسماء وحياة من الازدحام حول الألعاب، والأكثر من ذلك عدم الاستمتاع بأي لعبة لقلة الوقت من قبل القائمين عليها لا يتجاوز الدقيقة والنصف. واقع ترفيهي مؤلم الواقع مؤلم بالنسبة للأطفال وللأسر في أمانة العاصمة وفي كثير من المدن الأخرى إلا ما ندر من ذلك، وهو ما يحتم على الجهات المعنية والمستثمرين إيجاد حدائق نموذجية في كل المحافظات، وفتح الاستثمار في هذا المجال بدلاً من التوافد على ألعاب هشة في حدائق باتت متنفسات للكبار قبل الصغار, والتي أصبحت عبارة عن لوكندات مفتوحة لتناول القات ومعاكسة النساء ومرتعاً لفراغ الشباب، وهو ما تشكو منه الكثير من الأسر التي ترتاد مثل تلك الأماكن في المناسبات أو أثناء الإجازات الأسبوعية. ازدحام ومضايقات هذا ما أكدته أم سمية الوراتي التي اشتكت من ازدحام الكبار حول الألعاب ليس بغرض الألعاب بل المضايقات في كل مواسم الأعياد دون أدنى خجل أو حياء, وفي ظل غياب تام لأمن الحدائق في ضبط مثل أولئك المتسكعين، وتأمل ألا تشاهد مثل تلك السلوكيات مستقبلاً. أما عن وضع الألعاب أوضحت أن الألعاب الموجودة في حدائق أمانة العاصمة هي نفسها دون تحديث أو تطوير وإدخال لعب حديثة وجديدة. غير مرغوبة ويشدد الأخ عبده الشرفي أن على مالكي الحدائق إدخال ألعاب جديدة، حيث أصبحت الكثير من الألعاب الحالية في كثير من الحدائق قديمة, وعلى أمانة العاصمة متابعة ذلك من أجل الارتقاء بها وتطوير ألعاب الأطفال وتجديد بعض الألعاب والتي أصبحت غير مرغوبة ومملة لدى الأطفال. لوكندات مفتوحة أما الأخ إبراهيم على الشارف فقد أوضح أن الحدائق غير مؤهلة جيدا للأطفال، على اعتبار أن الحدائق الحالية تعمل بطرق بدائية, دون الزام الجهات المعنية لمالكي الحدائق بالتأهيل. وأوضح أن الأكثر من ذلك في موسم الأعياد يكون الوقت قصير جداً بالنسبة للعب الأطفال مقارنة بتكاليف اللعبة. إلا أن الشارف يؤمل كثيراً على إعلان حديقة 21مارس “مقر قيادة الفرقة الأولى سابقاً” بأن تكون نموذجية, وأن تطرح لتنافس شركات دولية وفق دراسات علمية في ذلك، من أجل أن تكون حديقة حديثة تتماشى وتتواكب مع أحلام وطموحات أطفالنا مستقبلا, لكن الوضع الحالي للحدائق هي مغالطة للأطفال والكذب عليهم فقط ليشعروا بالفرحة رغم أننا ندرك أنها أصبحت بحال يرثى لها, وهو الأمر الذي يؤلم الأسر اليمنية, التي تتعكر فرحتها بالعيد خصوصا الازدحام، والأكثر من ذلك تتحول تلك الحدائق إلى لوكندات مفتوحة. حديقة ذمار كان ذلك في أمانة العاصمة أما في محافظة ذمار باعتبارها مستقرا للأسرة والأطفال فحدث ولا حرج .. ورغم امتلاك مدينة ذمار موقعا للحديقة وبمساحة واسعة عند المدخل الشمالي للمدينة وتحديداً في جبل “هران” تصلح لإنشاء حديقة نموذجية إلا أن الإهمال وعدم الاهتمام بالاستثمار هو سيد الموقف منذ سنوات حيث يكتفي الأطفال ذكوراً وإناثاً ومعهم بعض الكبار من الازدحام حول بعض المرجيحات الحديدية المتهالكة منذ سنوات للعب قليلاً، والكثير منهم يعود دون أن يحقق مبتغاة من اللعب إلا أن الجبل المطل على الحديقة يغطي الكثير والذي تلجأ إليه الكثير من الأسر ليستقر بهم الحال هناك بين الصخور. قبل سنوات أبرمت السلطة المحلية بالمحافظة اتفاقاً حين جاءت زيارة الشركة الكورية لمحافظة ذمار وتم الاتفاق مع محافظ المحافظة على قيام الشركة بإقامة فندق ثلاثة نجوم في حديقة هران بمدينة ذمار، وإنشاء حديقة دولار وقد تم توقيع اتفاقية التفاهم مع المحافظ، وطلبوا إسقاط الخارطة الجوية لموقع المشروع وقد تم تجهيز الخارطة ولا نعرف إلى أين وصل ذلك الاتفاق وما مصيره ولماذا لم تعد الشركة الكورية لاستثمار حديقة هران, بالإضافة إلى تصريحات صحفية في 2006م عن وجود دراسات استثمارية بأن مشروع الحديقة سيتم تنفيذه ضمن الخطة الاستثمارية للمؤسسة الاقتصادية اليمنية في تلك الفترة. دون جدوى أحد مالكي الحدائق بأمانة العاصمة من خلال تواصلنا معه عبر الهاتف رفض أن يتحدث حول ذلك, واعتبر أن الألعاب المتواجدة في حديقته هي كباقي الألعاب في حدائق الدول الأخرى. حاولنا استيضاح دور الجهات المعنية.. ذهبنا إلى الإدارة العامة للحدائق والمتنزهات وحاولنا الالتقاء بالأخ حسين الروضي المدير العام لمعرفة دور إدارته في الزام المستثمرين في قطاع الحدائق والمتنسفسات من التحديث والتطوير عبر إدخال ألعاب حديثة وجديدة، ومدى خضوعها للمواصفات ووسائل الأمن والسلامة للأطفال, وما توجه إدارة الحدائق بأمانة العاصمة في إطار ذلك مستقبلاً, إلا أن عدم وجوده وانشغاله باجتماع في إحدى الجهات منعنا من الالتقاء به, حاولنا مراراً وتكراراً الاتصال به ولكن دون جدوى.