قالت ابتسام محمد الحمدي – ابنة أخ الشهيد إبراهيم الحمدي، إن الشهيد كان يأمل لليمن أن تكون دولة ذات نظام وقانون وسيادة تتحقق فيها العدالة الاجتماعية لجميع أفراد الشعب مضيفةً ل «الجمهورية» في الذكرى ال«37» لاغتيال ثالث رئيس لليمن أن التعاونيات وبناء جيش وطني و بناء الدولة، مثلت ثلاثة مرتكزات استند عليها الشهيد في خططه الخمسية والتنموية، مشيرةً لعدم نية الأسرة رفع قضية ضد مغتالي الحمدي لأن اغتياله لم يكن بسبب انتمائه للأسرة ولكن لأنه كان رئيساً لليمن، مؤكدة على أن السياسة والحكم ليست حكراً على أسرة وليست ملكاً لقبيلة، وإنما هي للأقدر والأجدر والأنفع... التفاصيل في اللقاء: لم تتلق الأسرة كلها نبأ الاغتيال في نفس الوقت حيث كان في أوقات متفاوتة فقد أتى إلى الوالد شخصان كانوا يبحثون عنه ليبلغوه بمخطط اغتيال أخوه إبراهيم في وقت الظهر في حوالي الساعة الثانية وشوية والتي كانت تقريباً أربعة مخططات أولها كانت الاغتيال في بيت الغشمي فاتصل والدي ببيت إبراهيم وردت عليه زوجته وأخبرته بذهابه للغداء في بيت الغشمي وهناك تم الاغتيال. على مستوى الجانب الإنساني الكثير تساءل عن علاقة الشهيد الحمدي بإخوته وأخواته؟ على الرغم من أنه كان الولد الثالث قبل الأخير، فهم كانوا ثمانية أخوة واربع فتيات ولكنه كان يعتبر بمثابة كبيرهم وكانت علاقته معهم وطيدة ليس معهم فقط بل مع أقاربه والناس فقد كان قدوة. كيف كانت علاقته بأبنائه وأفراد أسرته الأقرب؟ كان حاضن لأخويه الصغار في بيته مع أبنائه وكانت علاقته قوية مع أبنائه على الرغم من كثرة انشغاله وكان إذا جلس معهم فيكونون كثيري الضحك لأنه كان صاحب نكتة أيضاً ويضفي المرح في المكان الذي يوجد فيه وكان يجلس مع الكبير بتقدير ومع الصغير كأنه في سنه فقد كان يتعايش مع الجميع. ربما بدافع الحب كان الكثيرون يتمنون انتماء الحمدي لهم فهل كان للشهيد أي انتماء سياسي؟ لا استطيع الإفتاء في هذا الموضوع بالذات لأن هناك كثير من الادعاءات وأنا لا استطيع أن أقرها أو أنفيها إلا أني آخذ بقول أحد أبناء عمومتي بأنه سأله إذا ما كان ناصرياً أو متحزباً فأجاب عليه وهو قد اصبح رئيساً للجمهورية فقال له “لا يصح يا ابني أن انتمي لأي حزب سياسي أنا رئيس الكل، ولكن من لم تكن لديه أفكار وحدوية أفكار قومية فكلما نهواه أن نكون موحدين أن نكون أمة واحدة ويكون الفكر عاماً للجميع لكن كرئيس جمهورية لا يحق لي أن انتمي لأي حزب”. هل ترك الشهيد الحمدي أي مذكرات؟ لا أعتقد أنه ترك أي مذكرات لأنه لم يكن له من يومه ما يسد به رمق عيشه فقد كان يومه مليء بالانشغال والأعمال فلم يكن يجد أي وقت لهذه الكتابات. هل أنصف الشباب الشهيد إبراهيم الحمدي وانصفوا ذكراه؟ لا أظن أنهم أنصفوه ولا أنصفوا أنفسهم حتى، لأنهم جعلوا أنفسهم أدوات بيد الغير، فإنصاف الشهيد الحمدي يكون برفع والسعي لتنفيذ ما أستشهد من أجله لا نريد رفع صورته لأنه أنزل صورته بنفسه وأمر برفع اسم الجلالة فكان اختيار إبراهيم الحمدي واستشهاده في سبيل بناء الدولة فلو كان هؤلاء الشباب رفعوا بناء الدولة وأسسها الذي وضعها الشهيد الحمدي لكانوا أوفوه وأنصفوه وكانت مخرجاً لهم. كثير من الحركات الشبابية خلال 2011 و ما بعدها رفعوا كثيراً من المبادئ التي كان يتمناها الشهيد الحمدي ويسعى إلى تحقيقها؟ الشباب ضاعوا لأنهم تفرقوا ولم يكونوا يداً واحدة فعندما لا يكونوا يداً واحدة بل متفرقين فيسهل التهامهم هذه واحدة. والثانية كم من الشباب والشابات شاركوا في مؤتمر الحوار فبالله عليك هل يوجد من طرح مشروع الشهيد الحمدي كبديل من البدائل الذي يمكن أن يخرج اليمن مما هي فيه. ذلك سيقودنا إلى مكان كان يأمله الشهيد لليمن؟ الشهيد كان يأمل لليمن بأن تكون لديها دولة ذات نظام وقانون وسيادة ويتم فيها تحقيق العدالة الاجتماعية لجميع أفراد الشعب وتكون لديهم مطلق الحرية ويكون هناك تكافؤ الفرص بين أبناء الشعب الواحد ولا فرق بين قوي وضعيف وهذا ما كان يسعى إليه الحمدي ووضع له الخطط التي ارتكزت عليها ولها ثلاثة مرتكزات المرتكز الأول: التعاونيات وهيئة التطوير التي كان أساسها تنموي بحت وشراكة شعبية فعلية في عملية التنمية وهذا كان من أهم الأسس وأنجحها في العالم ولم يكن لها مثيل في العالم والبنك الدولي والكثير من المنظمات الدولية أشادت بهذه الفكرة وبهذا الجهد وكانوا يرغبوا في أن يتم تعميمها على دول العالم الثالث لأنها عملية تنمية شعبية مشاركة وليست معتمدة على الدولة وهذه الفكرة تم إجهاضها، المرتكز الثاني عملية إصلاح الجيش وإعادته إلى جيش وطني وإخراجه من العصبيات ومن أصحاب النفوذ والقبليات، بحيث يكون للدولة جيش قوي وسلطة أو أمن قوي أيضاً يساوي بين المواطنين. المرتكز الثالث: عملية بناء الدولة من خلال الخطة الخمسية التي بدأبها العمل في عهده والتي كانت تقتضي بعد خمس سنوات تكون جميع البنى التحتية لليمن متوفرة كاملة من كهرباء ومياه وطرق وصرف صحي إضافةً إلى المنشئات الخدمية كالتعليم الذي يجب أن يكون مجاناً وللجميع والصحة إضافة إلى ذلك رعاية دار العجزة الذي بدأ بفتح دارين في عهده لرعاية العجزة وكان هذا من ناحية بنية الإنسان والأهم من هذا كله أنه كان يسعى إلى تأسيس المؤتمر الشعبي العام الذي كان يمثل الإطار والمظلة ليكون تحتها كل التنظيمات السياسية بحيث أنها في الناتج تخرج بشيء موحد لصالح البلد بدون الاختلاف الذي نراه اليوم حيث كل واحد يسعى إلى مصلحته فقط دون مصلحة وطنه فهذه كانت بمثابة مظلة تحتها جميع الأحزاب السياسية وغير السياسية وحتى القبلية مثلها الآن كمخرجات مؤتمر الحوار. هل تنوون رفع قضية ضد من قاموا بعملية الاغتيال؟ وإذا كان الأمر بنعم فهل استكملتم إثباتات الاتهام والدلائل الموثقة؟ لا ننوي القيام بذلك في الوقت الحالي لأنه ليس وقته الآن ولأن الشهيد إبراهيم الحمدي لم يتم اغتياله بصفته الشخصية لانتمائه لأسرته ولكنه اغتيل لأنه رئيس جمهورية، ولذا فإن واجب رفع قضية هو عليك وعلى الدولة وعلى اليمنيين جميعاً. بعد الاغتيال.. هل تعرضت العائلة لمضايقات أمنية وغيرها؟ بكل تأكيد، فبعد اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي، كان هناك ثلاث محاولات لاغتيال الوالد محمد الحمدي في القاهرة، إضافةً إلى أن هذه الأسرة بكاملها تم تهميشها تهميشاً كاملاً في الدولة ، ولأن الناس على دين ملوكهم فإن الكثير من الناس الذين كانوا يعرفونا وتربطنا بهم علاقات بدأوا يبتعدون عنا ويشيحون وجوههم اذا رأونا في مكانً ما كي لا يقال انهم أصدقاء لنا. هل لأنكم من أسرة ابراهيم الحمدي فيحق لكم المطالبة بمناصب في الدولة؟ لدينا من الكوادر في أسرتنا الكثير ونحن نرغب في أن يتحصلوا على حقهم في الوظيفة العامة كغيرهم من أبناء الشعب، ولوكنا نريد أن نكون رقماً صعباً في الحياة السياسية لقمنا بذلك منذ عام 1977، ولكن لأننا نؤمن بأن السياسة والحكم ليست حكراً على أسرة وليست ملكاً لقبيلة، وإنما هي للأقدر والأجدر والأنفع، ما أدى لعدم خوضنا في هذا المجال.. ولي أن أسرد لك من مواقف والدي محمد الحمدي حين كان في القاهرة ورفض عروضاً عدة من قبل الرئيس الليبي معمر القذافي في رسائل أرسلها له بأنه على استعداد لتمويل أي تحرك رافض للوضع الذي استجد بعد الاغتيال ولكنه رفض ذلك وقال لنا حين حديثه عن ذلك « ياأولادي وأخوتي وأسرتي لديِ عرض أكثر من مرة ليس فقط من معمر القذافي ولكن كذلك دول أخرى كانت مستعدة للتمويل».. فالقبول بهذه العروض كانت ستكفل للأسرة الأموال والتعليم العالي والعلاج، ولكن المقابل كان سيكون دخول اليمن في حرب أهلية يعلم الله كم ستدوم وكم سيذهب ضحايا لها.. فأنا أختار أن أحقن الدماء وأن لا أقبل بهذه العروض، وأنا أعلم بأننا سنتعب وسنشقى لأجل لقمة العيش والتعليم والعلاج”. مع مرور الذكرى السنوية للاغتيال.. ماهي الأعمال التي تقوم بها الأسرة؟ عدما يكون نشوان موجوداً في صنعاء فيكون هناك جلسة يقيمها في البيت، ونحن النساء نذهب إلى المقبرة لزيارته وقراءة الفاتحة عليه والدعاء له. ماهي الكتب والقراءات التي كان يقرأها الشهيد؟ كانت كتب القضاء والفقه والشريعة هي الكتب التي كان يقرأها، كما أنه حفظ القرآن عندما كان مسجوناً في مصر عام 1966، كما كان يقرأ في الاقتصاد كما كان يقرأ الشعر ويحبه. ألم تثمر أعمال وجمائل الشهيد إبراهيم الحمدي في إثناء قاتليه عن القيام بعملية الاغتيال؟ عندما يكون هناك مطامع وهناك من يدفع ويمول فالمطامع لا توقف الجمايل. على افتراض أن الشهيد لايزال رئيساً حتى الآن.. فما الذي كنا سنتوقعه لليمن؟ الشهيد كان قبل اغتياله ينوي اعتزال العمل السياسي بعد خمسة أشهر، وكان قد كلف الوالد بالذهاب إلى تونس لشراء بيت لأنه كان يعلم بأن المؤامرة عليه قد أصبحت من كل حدبً وصوب (داخلية وإقليمية ودولية)، وكان يرغب في تحقيق الوحدة اليمنية وأن ينشأ المؤتمر الشعبي العام كي يختار رئيساً له ثم يغادر البلد. أما إذا كان لايزال حياً ورئيساً إلى الآن فأعتقد بأنه سيستقيل نهاية الخطة الخمسية، والتي اذا تحققت لأصبحنا في مقدمة دول الجوار في مجالات القدرة والتنمية والتشييد والرفاه وفي كل مجالات ومستويات الحياة سواءً اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية. الأن الوضع الحالي يلقي بظلاله القاتمة على الشعب اليمني وحياته ما الذي يمكن أن تقوليه عن هذا الوضع؟ أقول لأخوتي اليمنيين (أيديكم أوكتا وأفواهكم نفخت)، فالكثير منهم تغافل عن المصلحة العامة واهتم بالمصلحة الخاصة، وبرزت عبادة الأصنام البشرية، وكلُ صنع له صنماً ويعبده ونسي أن له وطناً يجب أن يحميه لأن في حمايته حمايهً له ولأبنائه وللأجيال القادمة من بعده، فالتحزب بأشخاص واتباعهم وتقديسهم سواءً كانوا على صواب أم خطأ فهذا لن يقود إلا إلى الفساد، وزيادة الأعباء على جميع أبناء الشعب، وضيق العيش، واضمحلال الدولة واليمن وخرابها. كلمة أخيرة تودين قولها؟ هو نداء أخير لكل اليمنيين بأن يقدموا المصلحة العامة - لن أقول مصلحة البلد لأن كل واحد يعِرف مصلحة البلد من وجهة نظره – وإنما أقول المصلحة العامة والتي وإن كانت على حساب بعض الأشخاص أو الطوائف أو القبائل، وأقول لهم حكموا عقولكم كي تعيشوا أنتم وأبناءكم عيشاً كريماً بدلاً من العيشة التي نعيشها في هذا الوقت العصيب.. ورغم أنني أود توجيه كلمة للساسة إلا أنني لا أرى فيهم خيراً وهم لا يرون إلا مصلحة أنفسهم ولا يعلمون ما هو الحق من الباطل ولا الحلال من الحرام، فالمرحلة السابقة قد هدمت منظومة الأخلاق وجعلت الحلال حراماً والحرام حلالاً.