انهيار جنوني للريال اليمني .. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز    "القسام" تعلن عن أسر جنود للاحتلال في كمين داخل نفق في جباليا    عبودية في صنعاء.. مكاتب لبيع البشر وعاملات بلا مقابل في ''فلل'' العاصمة    حصاد كهنة الآل لثمانية أشهر... بين استغلال المشاعر، واستثمار العاطفة!    قيادة «كاك بنك» تعزي في وفاة والدة وزير العدل القاضي بدر العارضة    لعبة المصارفة التي تمارسها الشرعية تحصل على الدولار بسعر 250 ريال يمني    ماذا يحصل على مذبحة سعر صرف؟!    السعودية: حالات اشتباه تسمم غذائي في حفر الباطن وإجراء عاجل من أمانة المنطقة    ريال مدريد يتعادل امام بيتيس في وداعية كروس    الميلان يودع حقبة بيولي بتعادل مخيب امام ساليرنيتانا    باير ليفركوزن يكمل الثنائية بالتتويج بكأس ألمانيا على حساب كايزرسلاوترن    باريس سان جيرمان يتوج بكأس فرنسا بعد تفوقه على ليون في النهائي    بوتين يكشف مفاجأة بشأن مقتل رئيس إيران    لودر بأبين ترتجف تحت وطأة انفجار غامض    الحرب على وشك الاتساع: صراع دامٍ بين الهاشميين بصنعاء والحوثيين!    "فاطمة محمد قحطان" تُدوّن جانباً من معاناة أسرتها جراء استمرار إخفاء والدها    هل هو تمرد أم تصفية؟ استنفار حوثي في صعدة يثير مخاوف من انقلاب داخلي    الحوثيون يواجهون وحشاً جديداً: جرائمٌ غامضة تُهدد صفوفهم!    الحكومة الشرعية تُشهر سيف "الخيار العسكري" لمواجهة الحوثيين    العميد طارق صالح يعلق على فوز العين الإماراتي بدوري أبطال آسيا والأهلي المصري بدوري أبطال إفريقيا    بتمويل سعودي.. العرادة يعلن إنشاء مدينة طبية ومستشفى جامعي بمدينة مارب بمناسبة عيد الوحدة اليمنية    قبائل الصبيحة تودع الثارات والاقتتال القبلي فيما بينها عقب لقاءات عسكرية وقبلية    غزة.. استشهاد 6 نازحين بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    البرلمان العربي: الاعتراف الدولي المتزايد بدولة فلسطين يمثل انتصاراً للحقوق وعدالة للقضية    الرئيس الزُبيدي يشدد على ضرورة اضطلاع الحكومة بمسؤولياتها في انتشال الوضع الاقتصادي والخدمي    الموت يفجع مخافظ محافظة حضرموت    مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي يقدم رؤية للحد من الانقسام النقدي في اليمن مميز    أيمن باجنيد "رجل الظل لدعم الارهاب و تعزيز الفساد في اليمن"    - لاول مرة منع دخول اجهزة إنترنت فضائي لصنعاء من قبل الجمارك فما هي اجهزة الإنترنت الفضائي    برشلونة يعلن إقالة تشافي رسمياً    اليدومي: نجاح التكتل السياسي الوطني مرهون بتجاوزه كمائن الفشل ومعوقات التحرير    الفريق الحكومي: المليشيا تتهرب من تنفيذ التزاماتها بشأن المختطفين عبر خلق مسرحيات مفضوحة    بعد تعادلة مع نادي شبام .. سيؤن يتاهل للدور 16 في كأس حضرموت ثانيا عن المجموعة الثامنة    بن ثابت العولقي: الضالع بوابة الجنوب وقلعة الثورة والمقاومة    البنك المركزي يشرعن جرائم إنهيار سعر الريال اليمني    34 تحفة من آثار اليمن مهددة للبيع في مزاد بلندن    شاهد: مراسم تتويج الهلال بلقب الدوري السعودي    الامتحانات وعدالة المناخ    مليشيات الحوثي تصدر بيانا بشأن منعها نقل الحجاج جوا من مطار صنعاء إلى السعودية    السعودية تعلن عن الطرقات الرئيسية لحجاج اليمن والدول المجاورة للمملكة للتسهيل على ضيوف الرحمن    كيف يزيد الصيف أعراض الربو؟.. (نصائح للوقاية)    حملة طبية مجانية في مأرب تقدم خدماتها لأكثر من 839 من مرضى القلب بالمحافظة    عالم يرد على تسخير الإسلاميين للكوارث الطبيعية للنيل من خصومهم    الفن والدين.. مسيرة حياة    عن طريق أمين جدة السعودية.. بيع عشرات القطع الأثرية اليمنية في لندن    أحدث ظهور للفنان ''محمد عبده'' بعد إصابته بالسرطان.. كيف أصبحت حالته؟ (فيديو)    دورة الانعاش القلبي الأساسي للطاقم الطبي والتمريضي بمديرية شبام تقيمها مؤسسة دار الشفاء الطبية    المهندس "حامد مجور"أبرز كفاءات الجنوب العربي تبحث عنه أرقى جامعات العالم    تصحيح التراث الشرعي (32) أين الأشهر الحرم!!؟    إعلان سعودي رسمي للحجاج اليمنيين القادمين عبر منفذ الوديعة    وزير الأوقاف يحذر ميليشيا الحوثي الارهابية من تسييس الحج والسطو على أموال الحجاج    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأديب الدكتور صادق القاضي:
مشكلة الثقافة في اليمن مركّبة ومُربكة

الحديث مع الشاعر والباحث الأكاديمي – صادق القاضي حديث ذو شجون، وحوار واحد هو أقل من أن يُطلع القارئ على رؤية الدكتور إلى الإنتاج الإبداعي والنقدي، لأنه يتشعب ويتنوع من حديث عن الشعر وأقسامه إلى حديث عن النقد وانشغالاته، إلى الحديث عن المسرح وأزمته الحادة وقد ينتقل إلى الكتابة والنشر ووصول الإصدارات إلى متناول القارئ، وإلى العراقيل التي تواجه المثقف اليمني من أزمة الدولة في توجهها الثقافي أو لنقل من دولة لا تمتلك مشروعا ثقافيا أصلاً وكل الإبداعات اليمنية اجتهادات شخصية، إلى أزمة المعيشة التي تشمل المثقفين، وإلى رواسب الثقافة المتخلفة التي تقف أمام المثقفين لينجزوا نقلة في الوعي والثقافة، للشاعر والباحث العديد من الكُتب التي أصدرها مثل (عتبات النص الشعري المعاصر) الصادر عن دار أروقة للترجمة والنشر، ومنها مازال حبيس الأدراج مثل التقابل والبلاغة التراثية رؤية جديدة.الحب والأرب في حياة العرب تحقيق عن مخطوطة، شجون فلسطينية مسرحية شعرية، وغيرها من الأبحاث والدراسات النقدية، إلى ((أشلائي)): ديوان شعري قيد الطبع الذي اخترنا منه نماذج في هذا الحوار، ونحن هنا إذ نطرق هذا الباب للحوار مع الدكتور صادق القاضي إنما نلقي نظرة علوية على إنتاجه ورؤيته النقدية والشعرية، وبالإمكان تخصيص حوارات أُخرى مع الباحث صادق القاضي لتناول هذه الألوان الأدبية والنقدية ولمناقشة مستفيضة للأزمة الثقافية اليمنية والعربية بشكل عام.
.. في البداية أستاذنا القدير نرجو أن تعطينا نبذة عن صادق القاضي الإنسان؟
صادق القاضي لا أدري! لقد خلفت ورائي أشخاصاً عديدين بهذا الاسم، في كل مرحلة كنت أترك شخصاً لم يعد يشبهني، كلهم كانوا أنا، وأنا لست الذاكرة بل الوعي بالحاضر المتخلق دائما، كائن متغير باستمرار.. ولتفهمني بشكل صحيح ليس في الأمر نرجسية، بل بؤس ومعاناة..
سوى هذا: أنا من مواليد 1972م، تعز، شرعب السلام، متزوج منذ 1990م، أب ل(5) أولاد ذكور، حسام، وأمين، وأكرم، ووسام، ومحمد.
باحث أكاديمي يعمل في مركز البحوث والتطوير التربوي، صنعاء، يمارس الكتابة، وبشكل حميمي كتابة الشعر والكتابة عن الشعر.
.. ما الشعر؟
لا أدري، صدقني، أعرف الشعر، لكن لا يمكنني تعريفه، ولا ترضيني التعريفات الأخرى، الجميع بما فيهم البسطاء وغير الهواة يعرفون ما هو الشعر خاصة في شكله التقليدي، لكن تعريفه إشكالية تخصصية صعبة، لأشياء كثيرة تحول دون هذا التعريف: أولها صعوبة تسييج المسيج بداهة، ومنها التحولات المتتابعة التي تحول دون ثبات التسييج.
في التراث العربي حدد بعضهم الشعر بالوزن، وقالوا: الشعر كلام موزون مقفى، أي ظاهرة عروضية، لكن الإبدالات الطارئة على أسس الرؤى وأشكال الممارسات الشعرية الحديثة والمعاصرة، صحّحت العلاقة بين الشعر والعروض في الوعي والممارسة الشعرية العربية، باعتبار العروض ظاهرة شعرية، وليس الشعر ظاهرة عروضية.
لقد أضاف بعض الفلاسفة كابن سينا عناصر التخييل والمحاكاة، للشعر، وتطرق الجرجاني إلى مبدأ العدول، لكن المشكلة الآن لم تعد في تعريف الشعر، كجنس أدبي، بل في رفض الأطر والمحددات النوعية والجنسية للممارسات الأدبية، وفي تفكك مفهوم الجنس الأدبي نفسه، في ظل واقع أجناسي تتحلل فيه الكتابة من أطرها التقليدية، بحثاً عن أشكال غير مستهلكة، وتجارب جديدة، والتوجه إلى المستقبل، لا الماضي، للبحث عن شرعية وملامح جنسية ونوعية، وبعبارة إبراهيم نصر الله فإن:
تعريف أيّ نوع أدبي, لا يكون في ضوء ما أنجز منه يكون.. في ضوء ما سينجز.
- هكذا نتقدم...
.. لماذا اخترت الشعر بالذات؟
لم أختره في تلك السنوات المبكرة من حياتي، لكنني فيما بعد ومراراً أحاول أن أكون صاحب القرار والاختيار.. وهذا أمر في غاية الأهمية لكل من وجد نفسه شاعراً عربياً، الشعر بالنسبة للعربي أشبه بالنزعة الجينية، عنصر جوهري في منظومة الثقافة والبيئة وطريقة التفكير.
الثقافة العربية ثقافة شعرية بامتياز.. والشعر هو الذي يفرض سلطته وتقاليده على الشاعر، في السياق التقليدي، لكن هذه المعادلة بدأت تتغير في الشعر الحديث، ترسخت سلطة الشاعر المعاصر، بتصاعد الممارسات الحداثية، وصولاً إلى درجة من الحضور قلبت نسق العلاقة بين المؤلف والنوع، فمن منهما يكتب الآخر الآن؟!
كان الشعر يقول أو يكتب الشاعر القديم، فيهيمن مفهوم الشعر، لكن الشاعر الحديث هو الذي يكتب الشعر، فتوهجت ممارسة الكتابة، وحضور الشاعر، حيث التجريب -لا المحاكاة- هو من يشكل التجربة الشعرية، ويعيد صياغة وتوسيع مفهوم النوع. لقد أصبح الشاعر المعاصر سيد الموقف الكتابي، في علاقته بالنص، وليس مفهوما اعتباطيا كما كان في الشعرية الكلاسيكية.
- في قصيدة ليلي من ديونك الشعر أشلائي تقول:
قالت عجوزٌ:... لعنةٌ
قال الإمام:.... الرِّجسُ
قال السندباد: كبائرُ الليلِ النهارُ
ليلى التوحُّدُ بالتناقضِ
والتَّبتُّل للظى
والمومسُ العذراءُ
والفقرُ النُّضارُ
.. لماذا ليلي، وكيف بإمكانها أن تختزل كل هذا؟
ليلى الاسم العربي الأكثر شيوعاً للحبيبة، وتكتنز أصداؤه التاريخية أبعاداً أسطورية وصوفية ملهمة، وما يزال واعداً، بمعنى ما يزال قابلاً للكناية عن محمولات حداثية أخرى كالحرية، الحرية بمعناها الأكثر رحابة وعمقاً، وهو ما أردته هنا..
- في قصيدة عادة في المساء تقول:
عادةً
يصحب الناسُ آهاتهم في زحام المساءِ
وكنت – كغيري-
أطوف وحيداً...
أكلّم نفسي...
أقيس المسافات بالأرغفة
.. تظهر بهذه القصيدة بالكثير من المفردات الصوفية: التوحد بيني وبين الحقيقة/ التحري/ التجلي/ قلق المعرفة.. هل كل شعر هو متصوف بطبيعته؟ وما الذي يُمكن أن تضيفه الفلسفة الصوفية للشعر؟
الصوفية هي العنصر الروحي النبيل في كل دين ومذهب وفن، التجربة الصوفية تجربة فنية بامتياز، أو تخرجان من مشكاة ميتافيزيقية واحدة، العنصر الروحي المحايث للجمال في الشعور، وتكثيف المعنى وتفجير الطاقة التعبيرية للغة والكلمة هو ما يوحد بينها، ويسري في النسغ العميق للجانبين.
ما دام الأمر كذلك فالشعر والصوفية لزيمان منذ البدء، العطاء وتبادل الأدوات بينهما يحدث دائما، لكنه يصبح أكثر وضوحا وإلهاما في مرحلة ما عنه في مرحلة أخرى، كما في التراث العربي، حيث البسطامي ورابعة والحلاج والنفري والسهروردي النتاجات العبقرية لذلك التكامل في العصر العباسي.. لقد كانت هذه النتاجات ملهمة بالنسبة للشعر العربي المعاصر، وتحولات الحداثة، منذ قصيدة النثر، العلاقة بين أدونيس والنفري مثلاً من الوضوح بمكان، حتى لقد سمى أدونيس مجلته النوعية الرائدة “مواقف” بعنوان كتاب “مواقف” للنفري، لم يخل عدد من أعداد هذه المجلة تقريباً من مقاربة التجربة الصوفية وعلاقتها بالشعر..
.. كتبتَ المسرحية الشعرية، ولديك مسرحية بعنوان:(شجون فلسطينية)، لماذا لم يتم عرض هذه المسرحية على خشب المسرح.. وما الذي يعيق المسرحية الشعرية عن غيرها؟
هذه المسرحية من أعمالي القديمة التي تراجعت عن أفكارها، وأحتفظ باعتزازي بها، لقد تم عرضها حينها في مسرح إسلامي متواضع، لكن لم تمثل ثانية في مسرح أرقى، لأنه لا يوجد مسرح راق في اليمن، مشكلة المسرح في اليمن تبدأ من النص وتنتهي بالجمهور، لا يوجد كتاب مسرح، لا ممثلين، لا مسارح، لا جمهور متذوق، لا ثقافة اجتماعية حاضنة .. مشكلة المسرح في اليمن ماثلة في كل شيء.
.. لديك الكثير من الدراسات النقدية والأدبية مثل (التقابل والبلاغة التراثية)، (العتبات والتراث العربي)، (عتبات النص الشعري العربي المعاصر) حدثنا عن قيمة هذه الدراسات، وما الذي ستضيفه للمكتبة العربية وللأكاديميين والباحثين ولماذا لم تر النور بعد؟
أزعم أن هذه الدراسات قيّمة في موضوعها، كمحاولات مختلفة للمساهمة بأيّ قدر، في رفع قابلية النقد العربي لإضافة أو استضافة الرؤى والمناهج النقدية الحديثة إلى رصيده النقدي، وتكييف المناهج الحديثة, وأرضنة مفاهيمها, وتأصيلها في التراث العربي، وترويضها لواقع الشعرية العربية، بشكل يتضمن الاتّكاء على البعد الإنساني للظاهرة والرؤي النقدية، ويضمن للشعرية العربية التعبير عن خصوصياتها الثقافية والفنية والحضارية.
.. ماذا عن عتبات النص الشعري؟
عتبات النص الشعري، تنقيبٌ يجري في صميم العملية الفنية والأدبية والشعرية.. في الشكل والمضمون والقيمة والماهية والوظيفة والخصوصية.. في الظواهر والأبعاد والقضايا والتحولات.. إنها مراهنةٌ على ظواهر ومظاهر كانت تقليديا خارج سياق الرؤية والملاحظة والوعي، كعلاقة النص بالقارئ والمؤلف والجمهور والنصوص المحايثة والوسيط والسياق والشكل والعناصر الكتابية.. هذه العناصر المغفلة تاريخيا تنتمي - وكانت كذلك دائما- إلى صميم النصّية والشعرية، وفي العقود القليلة المنصرمة -لا قبل- بدأت المناهج والتيارات النقدية والفلسفية والأدبية.. في سياق نموها وتكاملها ونضوجها، ومواكبتها لتحولات ثقافية وتقنية وحضارية موازية، تتمخض عن رؤى فنية ونقدية حداثية وما بعد حداثية، تعيد تشكيل خارطة الأولويات والمفاهيم في الحياة والفن، بالكشف عن الجوانب والقيم الهامشية والمُغيّبة، والانتباه والتنبيه على أهميتها، وإعادة الاعتبار للثانوي والمُغْفل تقليديا، بما يجعله في مكانه الصحيح، في مركز الاهتمام ومحور الرؤية والرصد النقدي.
.. بحكم دراساتك العليا في القاهرة، حدثنا عن سر هيمنة المشهد الثقافي والفني المصري على الوطن العربي؟
لا يوجد سر، توجد مؤهلات موضوعية كثيرة كمية ونوعية تتعلق بالكتاب وصناعة السياحة والبنية التحتية للثقافة والفنون والإعلام والسينما والمسرح.. هي التي تعتمد جدارة مصر، واستحقاقها أن تكون العاصمة الدائمة للثقافة العربية.. كما هي الشقيقة الكبرى على الصعيد السياسي.
.. كيف يمكن الارتقاء بالمشهد الثقافي اليمني؟
مشكلة الثقافة في اليمن، مركبة ومربكة، لا يمكن مقاربتها وحلها وتجاوزها.. باختزال الأسباب أو الحلول، في السياسة، أو الاقتصاد أو الثقافة الاجتماعية أو الإسلام السياسي.. فهي كامنة في كل ذلك، بجانب عوامل كثيرة أخرى، أبرزها الفساد المالي والإداري الذي ينخر القطاع الثقافي، فضلاً عن تصلب وبيروقراطية القائمين على شئون الثقافة، والمعتّقين الذين لم يعد بمقدورهم أن يقدموا جديداً للمشهد الثقافي اليمني المشلول الذي لا يمكن الارتقاء به، قبل معالجة عاهاته المزمنة.
.. ما تقييمك لقرار مشروع “تعز عاصمة للثقافة”؟
ليس بالقرار السياسي وحده تكون الثقافة، ما لم يترافق القرار بتوجهات عملية لتدشين عهد جديد للثقافة في اليمن عموماً، وإبراز خصوصية تعز الثقافية، بتفعيل مختلف الجوانب الفنية والثقافية والسياحية.. وقبل كل شيء وضع البنية التحتية اللازمة للثقافة من مسارح ومعارض ومكتبات ومطابع وكليات فنون.. وفنادق ومراكز ثقافية وسياحية.. لقب “تعز عاصمة ثقافية” ليس جديداً على هذه المدينة التي تتآكل بنيتها الثقافية كل يوم ومنذ عقود، انقرضت دوريات اتحاد الكتّاب، وانصرمت أيام “الثقافية”.. بقية مكتباتها صارت تبيع الستينات، بقية دور السينما صارت تعرض البورنو، أغلب مثقفيها هاجروا إما إلى الآخرة أو للمدن الأخرى.. كوابيس المليشيات والجريمة.. تداهم أحلام المدينة الحالمة، وتدمر كل شيء، كل شيء ثقافي ومدني تقريباً!.
.. كلمة أخيرة.
قد يبدو اليأس سيد الموقف ولكني أراهن على هذا الجيل في التغيير، هذا الجيل ببساطة جيل “شرير” لم يعد يقدس رجال الدين، ولا يرعب من السلاطين، ولا يمكن استقطابه، أو إلهاءه عن الخبز والحرية والحقيقة بشعارات التقوى والمظاهر الزائفة.. ولذلك تسرب ويتسرب تباعا وبكل عفوية من بين أصابع الجماعات الدينية، والتيارات الشمولية، ليغرقها لاحقا، لصالح الحرية والحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.