معلمون بنظام البدل.. نظام تعليمي ظهر مؤخراً وانتشر في بعض المدارس، حيث يقبع الكثير من المعلمين الأساسيين في المنازل وفي أعمال ومهن مختلفة بينما هناك من يعمل بديلاً عنهم مقابل أجور بسيطة يمنحها المعلمون الأصليون لهم، ومع احتفاظ مدرسو البدل هؤلاء بأسماء المعلمين الحقيقيين... هذه الظاهرة للأسف تُمارس وبعلم إدارات تلك المدارس. نظام البديل في تعليم الأجيال هي الكارثة في التجهيل، لأن من يقوم بدور المعلم الأساسي يفتقد لأدنى الأساليب التربوية والأغلبية هم من متخرجي الثانوية العامة سواء كانوا معلمين أو معلمات, ومثل هذا من النظام جاء كبديل لانقطاع المعلم الأساسي الذي لم تستطع مكاتب التربية والتعليم في الكثير من المحافظات أن تحد من ظاهرة انقطاع المعلمين ولكنها اليوم أمام ظاهرة تأثيرها أكثر سلباً في الأداء التربوي. خيانة كبرى في إطار ذلك يشير المواطن عبده فاضل محمد.. أحد أولياء عدد من الطلاب أن نظام الاستبدال للمعلم الأساسي بمعلم شكلي مقابل أجور مادية تعتبر خيانة كبرى يجب أن يُحاسب عليها كل من يثبت تورطه بذلك, باعتبار أن الكثير منهم غير مؤهل، وأنه نظام تحايلي على النظام التربوي والذي يضعفه ويصيبه بالوهن حين يكون المعلم التربوي المؤهل للتعليم غير متواجد إلا من ينتحل اسمه فقط، بينما هو منشغل بأعماله الخاصة. وقال: هذه جريمة بحق أبنائنا، لأننا نثق أن هناك معلمين أكفاء ومؤهلين ولديهم الخبرة المتراكمة في التعليم من طرق التدريس وغيرها، لكننا نتفاجأ أن من يعلم أولادنا في بعض المدارس هم من متخرجي الثانوية ومن الذين يبحثون عن عمل, ومستواهم التعليمي والتربوي ضعيف لايرتقي مستواه في الكثير منهم أن يطلق عليه لقب مُعلّم لأنهم حديثي التخرج ومستواهم التعليمي ضعيف جداً في مختلف المستويات. واختتم بالقول: لذلك لا نعرف من الذي أحل وحلل نظام المعلم البدل، ويجب على مكاتب التربية والتعليم في المحافظات عدم ترك هذه الظاهرة تتوسع والعمل على إنهائها. إهمال متعمد أما الأخ إبراهيم السماوي موظف قطاع خاص والذي كان جوابه متحمساً فأوضح أنه لايوجد تعليم كما كان سابقاً، مشيراً أن مسئولية ذلك تقع أولاً على عاتق مدراء المدارس الذين يجب أن يتقوا الله في الأجيال وأن يتم ضبط المعلمين المتلاعبين وإرغامهم على ممارسة المهنة التي ارتضوها لأنفسهم وهي التعليم وهي أمانه تحملوها إلى أن يلاقوا الله، وطالب المخلصين في التربية والتعليم أن يضعوا حداً لهذه الظاهرة باعتبارها تسيئ للتعليم وتعبر عن مدى الإهمال الذي وصل بالعملية التربوية والتعليمية وينذر بكارثة قد تترك أثاراً سلبية مستقبلاً. المعلم البدل دخيل على المهنة حاولنا معرفة انعكاسات وسلبيات المعلم البدل من وجهة نظر المعلمين أنفسهم،حيث قابلونا باستياء كبير باعتبار أن من يمارس مهنة المعلم البدل دخيل على المهنة, وأنهم لم يكونوا يوماً مقتنعين باتباع هذا الأسلوب للأمانة الملقاة على عاتقهم, وأن من يتبع ذلك الأسلوب هم من ضعفاء النفوس لارتباطهم بأعمال ومهن أخرى مادية أكثر مما هي مهنية بهم كمعلمين. أسلوب رخيص حيث يؤكد الأستاذ محمد أحمد مقبل سليمان أن هناك بعض المعلمين لا يعملون إطلاقاً ولهم سنوات وهم في غياب تام عن المدرسة, فقط معلمون من أجل الراتب آخر كل شهر، ولهذا يبحث عمن يقوم بالتعليم بدلاً عنه وبنفس اسمه من أجل فقط أن يحافظ على وظيفته ويمنح الشخص البديل مبلغاً مالياً من الراتب, وطبعاً هذا يتم بمعرفه إدارة المدرسة في عقد مثل هذه الصفقة غير الأخلاقية في تعليم الأجيال وهو أسلوب رخيص في الأخلاق والقيم التربوية والعلمية المتبعة في بعض المدارس. ويقول: صحيح أن من يعمل بنظام البدل يكون أكثر انضباطاً وهو أساساً يمثل المعلم الأساسي ولكن البعض منهم يكون تواجده كإسقاط واجب، أما من حيث الأداء التعليمي فلا يستطيع أن يوصل معلومة ليستفيد منها الطالب. ويضيف: وأعتقد أنه بانتشار مثل هذا النظام فليس هناك داعٍ لإنفاق وزارة التربية والتعليم المليارات على تأهيل وتدريب المعلم وغير ذلك, والأحرى أن يتم التعاقد وأعتقد أنه الأسلوب الأنجح مع الكثير من العاطلين عن العمل مقابل راتب زهيد، لأن الكثير من المعلمين لايهمهم تعليم الطلاب بقدر مايهمهم المبالغ التي يتقاضونها نهاية كل شهر, كما أن المعلم المتعاقد سيكون الأكثر انضباطاً وأداءً.. ولهذا أعتقد أن نظام التعاقد سيكون هو الأنجح في الأداء التربوي وسيكون المعلم المتعاقد أكثر حفاظاً على أدائه الوظيفي كمتعاقد لأنه يدرك أنه سيُستغنى عنه في أي وقت. عدم الاستفادة ويوضح ماجد أحمد مقبل خريج ثانوية أن مثل هذا النظام يؤثر بشكل مباشر على الطالب بعدم الاستفادة من الدروس في ظل غياب المعلم المتخصص, وأن معلم البدل لايستطيع أن يوصل المعلومة للطالب مطلقاً لافتقاده الكثير من الوسائل والأساليب التربوية وفي ظل غياب الخبرة للمعلم المتخصص. واعتبر أن هذه المشكلة بحد ذاتها جريمة كبرى، حيث أن من يعمل كمعلم يكون أحد زملائهم المتخرجين من الثانوية وممن يفتقدون لأبسط المقومات في الأسس التربوية.. وأرجع ماجد ذلك إلى فشل إدارة المدرسة، لأنها تعرف وتبارك ذلك, وطالب باتخاذ الإجراءات الرادعة لكل من يتاجر بمستقبل التعليم في بلادنا, معتبراً ذلك خيانة بحق التربية والتعليم في بلادنا. دور الموجه غائب باعتقادي الشخصي أن دور مدراء المدارس والموجهين يبقى قاصراً وغائباً إزاء هذه الظاهرة الخطيرة بحق التعليم ، ويؤكد أحد المعلمين الذي اكتفى بهذا الحديث عن دور الموجه التربوي الذي أصبح دوره كما يقول مقتصراً على الزيارة الاعتيادية وأحياناً كثيرة لايذهب إلى المدرسة إطلاقاً والبعض منهم يأتي للجلوس في إدارة المدرسة لتناول وجبة الإفطار ومن ثم كتابة التقرير ويذهب إلى عمله الخاص.. مع العلم أن الموجه الذي يأتي إلى مدرستنا (نتحفظ على عدم ذكر المدرسة) يعرف تماماً أن المعلم فلان أحد الزملاء غائب تماماً ولسنوات من المدرسة وأن هناك من يعمل بديلاً عنه بنظام الأجر الشهري, إذاً الكل مسئول ابتداءً من الموجه التربوي وكذا إدارة المدرسة التي لايهمها إلا أن يكون هناك «صنم» في الفصل يغطي فراغ المعلم الغائب!. مشكلة حقيقية الموجهين لهم وجهة نظر في ذلك وعن دورهم إزاء هذه الظاهرة يتحدث الأستاذ محمد حامد موجه تربوي في محافظة ذمار،حيث أكدً أن هذه الظاهرة أصبحت تشكل قلقاً ومشكلة حقيقية على مستقبل التعليم، خصوصاً أن المعلم أصبح لا يرغب في أداء عمله الوظيفي لظروف عديدة أغلبها بحثاً عن فرصة عمل وفي حالات قليلة للعلاج أو أن البعض أصابه الملل من الوظيفة فيبدأ بالتفكير والبحث عن معلم يقوم بتغطية حصصه مقابل راتب شهري يمنحه للمعلم البديل. ويقول: إن دورهم كموجهين يقوم على أساس الأمانة أولاً ولا يجوز الاحتيال والتلاعب بمستقبل الأجيال, وقد وجدت بعض هذه الحالات وتم الرفع بها وإلزام المعلم الأساسي أن يعمل والبعض لايزال منقطعاً وهذا ما نتعامل به من خلال نزولنا الميداني لمراقبة الأداء التربوي في المدارس المخصص لنا النزول إليها.. وأدعو الزملاء إلى العمل بجدية خصوصاً وأن المستقبل يتطلب منا ولاسيما القطاع التربوي بذل المزيد من الجهود لأن ارتقاء الوطن معقود بالأساس على التعليم ومخرجاته. انعكاس مؤثر الأستاذ أحمد محمد الوشلي مدير إدارة تدريب القيادات التربوية في مكتب التربية والتعليم محافظة ذمار, شدد على أهمية التدريب والتأهيل للمعلم من أجل أن يكون أكثر إيجابية في الحقل التربوي،حيث تقوم إدارته بتنفيذ عدد من الدورات التأهيلية لشتى المعلمين ومن مختلف مديريات المحافظة. وعن هذه الظاهرة أكد أن الدور يقع أولاً على مدراء المدارس وهم يتحملون المسئولية المباشرة, ولكن إذا وجد مدير مدرسة إداري ناجح ومخلص يهمه مستقبل التعليم فبالتأكيد سيرفض أي بديل لأي معلم كان والعمل على إلزامه والتشديد على الالتزام في أداء واجبه التعليمي إزاء طلابه.. وأكد الوشلي أن هذه الظاهرة تستهدف المستقبل لاسيما جيل الشباب لأن استهداف وتجهيل الشباب في الوقت الحاضر بالتأكيد ستكون عواقبه وخيمة مستقبلاً. وأوضح قائلاً: توسع مثل هذه الظاهرة التي أصبحت على مرأى ومسمع من الجميع تشعرهم بالأسف الشديد وتسيئ للتعليم في بلادنا, وباتت وكأنها موضة رغم أنها فوضى يتحمل مسؤوليتها وكما أكد مدراء المدارس الذين سمحوا لما يُسمى بالمعلم البديل. . وتطرق إلى عدد من الحلول الجادة وشدد على أن يكون الضمير التربوي والتعليمي حاضراً لدى الإدارات المدرسية والعمل على تكثيف اللجان الميدانية لاسيما من الموجهين من أجل التحري والمتابعة لمثل هذه التجاوزات غير المهنية بحق التعليم والمؤثرة على مخرجاته في المرحلة القادمة. مأساة على التعليم أما الأستاذ عبدالرحمن الصباري مستشار وزير التربية والتعليم، أكد أن ظاهرة المدرس البديل وجدت في بداية الأمر كضرورة في بعض المناطق ولكن للأسف الشديد أصبحت الآن منتشرة في أغلب مدارس الجمهورية ليس بالمدن ولكن أيضاً في المناطق الطاردة للمعلم التي لاتتوفر فيها الخدمات والأمن ووسائل المواصلات وخاصة المناطق النائية. ويضيف: وقد اتسعت هذه الظاهرة في المدن نظراً لارتباط وانشغال المعلمين بمهن أخرى.. مع العلم أن من يعمل بديلاً غير متخصص، وللأسف الشديد أصبح المعلم وكأنه يعمل بالمزاج وبعيداً عن أية التزامات ومسئولية, والأكثر مأساة أن المعلم البديل لايخضع لأي اختبار لتحديد مستواه والكثير منهم من حملة شهادة الثانوية العامة. الانضباط أو الاستقالة وأكد مستشار وزير التربية والتعليم أن مثل هذا الأسلوب كارثة على التعليم ويؤثر بشكل مباشر على مستوى الطلاب ويهدم الأسس والمفاهيم التربوية والتعليمية في بلادنا, وأدى إلى تدني مستوى ومخرجات التعليم وفتحت أبواباً كبيرة للابتزاز والاختلاس والارتزاق من أشرف مهنة بالمجتمع. واضعاً عدداً من الحلول لهذه الظاهرة عبر تشديد الانضباط الوظيفي للمعلم وتثبيت من ينطبق عليهم الشروط وفق الاحتياج بكل منطقة والزام المعلم الأساسي بالحضور أو الاستقالة من سلك التعليم. إذا لم تكن لديه رغبة من أجل الارتقاء بالتعليم أو الإجازة دون مرتب حسب ظروف المعلم غير المتواجد. وهذا مايترتب عليه أن تكون المسؤولية مشتركة بين المدارس ومكاتب التربية في المديريات والمحافظات والوزارة وبينها وبين السلطات المحلية في المحافظات والمديريات،حيث لابد أن تكون هناك موافقة رسمية بالمعلم البديل والذي يجب أن يخضع لعدد من الشروط والمعايير التربوية والتعليمية. أخر الكلام تبقى مهنة التعليم مهنة شريفة ورسالة سامية ومسئولية وطنية يتحمل عاتقها المعلمون لإيجاد جيل متعلّم ومتنوّر قادر على الإسهام الفاعل في التنمية الوطنية, وبالتعليم لاسواه نستطيع أن نقود الوطن والسير به نحو المستقبل المأمول.. وعلى الأخوة مدراء المدارس تحمل هذه المسئولية بجدية أكثر وأن يدركوا جيداً أن بالتعليم نستطيع أن نتغلّب على الكثير من القضايا والمشاكل الوطنية الراهنة ووضع حد لها حتى لا يتم تصديرها لأجيال المستقبل.