للذين يزايدون على الرياضة ويعتبرونها أمراً منفصلاً عن السياسة ودائماً ما ينتقدون اهتمام السياسيين ورجال الأعمال والصحافيين بحدث مشاركة منتخبنا الوطني العظيم في خليجي 22 ويصفونه بالانتهازي، إذ دائماً ما يردد هؤلاء: «لا تقحموا كرة القدم النظيفة بأغراضكم السياسية الوسخة»، أقول: لقد أضفت في فقرتي أعلاه مجموعة، رجال الأعمال، للجمهور المستهدف من الانتقاد، "فخبرتنا" المنتقدون الأشاوس أهملوا هذه الفئة. ومع إهمالهم لها رسموا أول مؤشر فاضح لعدم فهمهم بأشياء كثيرة منها الرياضة والسياسة بطبيعة الحال. كما أن العبارة التي قلت بانهم يرددونها هي من صنعي وهي اختصار مصاغ بلغة أكثر بلاغة وبفكرة أكثر وضوحا مما يرددون، وأتمنى أن يثمر معروفي هذا خيرا فيهم. للمتعلمين الجدد في هذا العالم، اقرأوا مانديلا وقصة حملته الواسعة في مناصرة ودعم فريق الرجبي بجنوب أفريقيا. وافهموا أنه حين تنجح أدوات السياسة التقليدية في صنع الشقاق والحروب، تنجح أدوات السياسة التقدمية- كالرياضة- في صنع الوحدة والتضامن والسلام. الرياضة ليست أداة سياسية تقدمية فحسب، بل إنها أداة للمقاومة وللنضال السلمي. كذلك، اقرأوا عن ابن بوركينا فاسو الجميل، سانكارا، وكيف استخدم هو الآخر الرياضة (كرة القدم) في فض النزاع بين الحكومة والشعب وفي إعادة بناء الثقة بينهم. اقرأوا عن دكتور البرازيل، سقراط، الذي حول مباريات فريقه ساو باولو الى مصنع لصنع الديمقراطية وإقامة أول انتخابات في البرازيل مع بداية الثمانينيات، بعد أن أطاح العسكر بالحكومة اليسارية المنتخبة في الستينيات. لقد قاد سقراط البلاد البلاد الى صناديق الاقتراع وفشل في إيصال منتخبه لكأس العالم. وإن كنتم غير قادرين على القراءة، وهذا أمر أتفهمه، أقترح بان تتصلوا بالنجم من ساحل العاج، دروجبا، فهو لايزال على قيد الحياة، وبإمكانكم أن تسألوه عن نشاطه في إيقاف الحرب الأهلية هناك مستخدما كرت الرياضة. ليس دروجبا وحده من فعل ذلك فجورج ويا نجم الكرة الليبيري وأفضل لاعب أنتجته القارة السمراء، ابن ليبيريا التي مزقتها الحروب الطويلة، فعل الكثير لأجل إحلال السلام في بلده. وفي 2005 خاض معركة الانتخابات الرئاسية لكنه لم يفز. لا تقرأوا ولا تكتبوا لأحد للسؤال، فقد يكون كلا الأمرين مرهقا بالنسبة لكم. لذا أنصحكم بأن تتبعوا فكرة مغنية البوب الامريكية الشهيرة، مادونا، عندما ترغب مادونا بقراءة أحد الكتب، يقوم فريقها الفني بتسجيله في شريط فيديو، وهي تقوم بمشاهدته والاستماع إليه، ويا دار ما دخلك شر! إذن، اشتروا أفلام مانديلا وسانكارا وما سجلته البرامج الوثقائقية عن دروجبا وبيلا وغيرهم.. شاهدوها واستمتعوا وادعوا لنا بالسلام مع أنه لا يوجد سلام أكثر من انشغالكم عنا وعن صفحات الفيسبوك وكتابة تلك المزايدات عن فصل الرياضة عن السياسة في مكان آخر بعيد. ولا تظنوا أن اليمن في وضعها السياسي الممزق اليوم أفضل حالا من بلدان افريقيا التي لعبت الرياضة فيها دور القائد السياسي في صنع السلام. ولكن لكم أن تظنوا أن اليمن يسبق تلك البلدان في أفضلية الشعب، وفي خسة القادة السياسيين. فالشعب في اليمن، لا القادة، هم من يصنعون الحدث السياسي، هم من يجعلون حدث مشاركة المنتخب الوطني في خليجي 22، مناسبة للاحتفال بوحدة الهوية بعد أن عبثت بها حروب القادة الكثيرة. والقادة في اليمن هم من يركبون الأحداث التاريخية التي يصنهعا شعب اليمن المعطاء دوما ويزاحمون في الظهور في الصورة. إذا قلتم هذا أولاً، يحق لكم حينها، في حدث رياضي كهذا، أن تقولوا للسياسيين: يا قادة النصب، كفاكم سرقة وكفاكم انضماما ثوريا!