تمتلك بلادنا أكبر ساحل بحري يزيد عن الألفين كم، وكعادتنا في هذا البلد لم ننجح في استغلال هذه المقومات, والثروة البحرية بلغة الاقتصاد مورد اقتصادي مهم، الا انه وللأسف أصبح ثروة مهدرة طالها الإهمال والعبث والاستنزاف، عانت العشوائية خلال الفترة السابقة وتلاحقت الانعكاسات على الاقتصاد الوطني, مما جعلها غير فاعلة في الإنتاج والدخل القومي.. في هذا اللقاء يتحدث المستثمر المحلي في قطاع الأسماك الحاج/ حسن ناصر الوشلي رئيس مجلس إدارة مؤسسة عالم البحار لتسويق الأسماك، عن وضع الثروة السمكية من زاوية الاستثمار المحلي, مؤ كدا ان الإهمال وعدم وجود إستراتيجية برؤية وطنية وغياب الدعم والتشجيع للاستثمار المختلف في قطاع الأسماك أسهم والى حد كبير في غيابه وإفراغه من منظومة التنمية المجتمعية والخدمية، وعدم الإسهام في رفد الاقتصاد الوطني. موضحا في سياق حديثه عن واقع الثروة السمكية، وكذا المشاكل والعوائق التي تواجه هذا القطاع الاقتصادي الهام بحكم خبرته الطويلة بهذا المجال في إطار اللقاء التالي: بداية كيف تنظر الى الاستثمار في القطاع السمكي.. ولماذا غاب هذا القطاع عن اهتمام الجهات كثيراً؟ - حقيقة الاستثمار في القطاع السمكي يعد من أهم القطاعات الاستثمارية الناجحة في بلادنا بما تمتلكه بلادنا من شريط ساحلي يتجاوز الألفي كيلومتر, وعلينا كرؤوس أموال وطنية ان نسهم في تنشيط هذا المجال، وتحقيق التنمية المستدامة والإسهام الفاعل في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي عبر إيجاد فرص عمل للكثير من الأيدي العاملة، ودعم الاستهلاك المحلي في مجال الأسماك بدلا من استيراد اللحوم والدجاج المثلج بمليارات الريالات, فالأجدى ان نعمل على توسيع هذا المجال في السوق المحلي وبما يسهم في تطويره. مشجع ومحدود ما جدوى الاستثمار في القطاع السمكي؟ - مقومات النجاح لفرص الاستثمار في القطاع السمكي كثيرة ولكن شرط وجود التسويق الصحيح والترويج لهذه الفرص الاستثمارية على الصعيد المحلي والخارجي. ولهذا غاب الكثير من التجار ورؤوس الأموال المحليين بالاستثمار في القطاع السمكي لعدم وجود خبرة ودراسات للجدوى الاقتصادية، ولهذا هناك عدد محدود من تجار الأسماك في السوق المحلي. رغم ان الاستثمار السمكي واسع ومتعدد منها البيع المباشر للأسماك للسوق المحلي أو التصدير، وكذا الصناعات السمكية مثل مصانع تجهيز وتغليف الأسماك وصناعة القوارب وسفن الصيد، وصناعة وبيع أدوات ومعدات الصيد، ومصانع تعليب الأسماك، ومشاريع مسحوق زيت السمك، ومصانع تمليح وتجفيف الأسماك، وتصنيع البرادات وغرف التبريد، ومصانع الثلج، والورش البحرية وغيرها، وهي متاحة وتحتاج لدعوة جادة من قبل وزارة الثروة السمكية للاستثمار في ذلك، وتقديم الدعم والتشجيع. دور رسمي غائب بالنسبة للدعم والتشجيع من الجهات المعنية، هل لمستم ذلك؟ وما الامتيازات التي تقدم للمستثمر المحلي في ذلك؟ - كما تعلم ان الدعم والتشجيع في بلادنا غائب تماما لأي مستثمر وطني، بل وهناك من يعمل ويسهم بتطفيش وهجرة رأس المال المحلى الي خارج البلد, وهذا الأمر انعكس على التنمية المحلية المختلفة وأدى الى ركود الاقتصاد الوطني. وإذا كنا نحن نواجه العديد من الإشكالات ولم نلمس أية امتيازات أو تسهيلات كمستثمر محلي, حيث تفرض علينا المبالغ الباهضة في الضرائب وكذا صندوق النظافة وغيرها في بعض المرافق الحكومية الأخرى, واعتقد ان كل ذلك أساء لبلادنا امام أي مستثمر أجنبي في القطاعات المختلفة، أدى إلى عزوفه عن الاستثمار في اليمن. يعني لا يوجد أي دور لوزارة الثروة السمكية؟ - دور وزارة الثروة السمكية يبدو غائبا تماما في ذلك وخصوصا بشان الاستثمار السمكي في السوق المحلي، وانعكس سلباً على الاقتصاد الوطني، ويعود ذلك لعدم وجود إرادة ورؤية وطنية مسؤولة، وغياب إستراتيجية على المدى البعيد في القطاع السمكي الذي يعتبر أهم مورد اقتصادي وثروة لا تنضب إذا تم التخطيط لها واستغلالها جيداً, ولهذا وصل القطاع السمكي في بلادنا الى أسوأ الحالات, وبدأت الثروة السمكية تقل وفي طريقها للنضوب لأنها تنهب عن طريق الجرف العشوائي من قبل السفن الأجنبية التابعة لمختلف الدول التي تقوم بعملية الصيد والجرف العشوائي في المياه الإقليمية اليمنية بطريقة مخالفة للقوانين وقواعد الصيد البحري، امام مرأى ومسمع من الجهات الحكومية دون ان تحرك ساكناً سوى التصريحات الإعلامية المنافية للواقع. معاناة كبيرة الكثير يؤكد ارتفاع سعر الأسماك بالسوق المحلي ورخصها بالأسواق الخارجية رغم انها تصدير يمني كيف تفسر ذلك؟! - بالنسبة لنا هذه هي المعاناة الحقيقية لأننا وكما ذكرت سابقا لا تتوفر في الحكومات الإرادة السياسية الصادقة تجاه هذا القطاع، وليس هناك إدراكا لأهمية هذا المورد الاقتصادي الهام للبلد وإدارته بالمعنى الذي يجب، واتضح ان العشوائية هي من تسير دفة القطاع السمكي وأكثر المرافق الحكومية, الأمر الذي انعكس سلبا على المستهلك المحلي بارتفاع بعض الأسعار لأن هناك مبالغ مالية تفرض على الجمعيات السمكية تقدر بنسبة 9 % بالإضافة الى عدم وجود من ينظم عملية التصدير للأسماك التي تعتمد على العشوائية في الاصطياد والجرف, وبيع الأسماك اليمنية في السوق الخارجي بأسعار اقل كلفة من البيع للمستهلك في السوق المحلي, نحن نشتري بسعر اعلى من السعر الخارجي بالإضافة الى أجور النقل التي تثقل كاهلنا وغيرها من الاسباب. مشروع استثماري مؤخراً تم افتتاح أسواق ومطاعم عالم البحار المركزية للأسماك، ممكن تحدثونا عن هذا المشروع الاستثماري؟ - يأتي هذا المشروع الاستثماري اولا وبما يسهم في التنمية الوطنية، وان تكون الأولوية في الاستثمار بالوطن ليعود بالنفع على الاقتصاد الوطني. وامتدادا لمشروع آخر في محافظة ذمار, و يعد المشروع في أمانة العاصمة الأول من نوعه والأحدث والأكبر والبالغ تكلفته بأكثر من 300 مليون ريال وتم افتتاحه رسميا من قبل وكيل وزارة الثروة السمكية في سبتمبر 2014م، والذي يحتوي على 20 محلا تجاريا لبيع انواع ومختلف الأسماك “جملة وتجزئة” وبقدرة استهلاكية بأكثر من 70 طنا في الشهر الواحد , ويوجد الى جانب ذلك مطعم خاص بالأحياء البحرية تم تجهيزه بأحدث الوسائل والمعدات الفنية الحديثة, ووجود فرن آلي متطور يعمل بواسطة الكهرباء ويشوى مئات الكيلوهات من الأسماك في الساعة الواحدة. ويهدف هذا المشروع الذي يوفر أكثر من 200 فرصة عمل بالمقام الأول الى تغطية أمانة العاصمة بمختلف وأنواع الأسماك، وهناك دراسة لتوسيع هذه التجربة في أمانة العاصمة وبعض المحافظات, ونحن نضطر الى استيراد الكثير من الأسماك من دول القرن الأفريقي وتحديداً من اريتريا والصومال. اصطياد وجرف عشوائي ولكننا نمتلك اكبر شريط ساحلي..؟! - لا غرابة في ذلك هناك العديد من الاسباب في مقدمتها وضع الصيادين اليمنيين الذي لم يجد الاصطياد معهم نفعاً ولمسافات بعيدة في المياه اليمنية , وهذا يعود كما ذكرت للجرف العشوائي للأسماك، وإتباع التفجيرات البحرية أدى الى هروب الثروة البحرية، وعمل على تقليلها , ولهذا الطبيعي ان نستورد الأسماك من دول قرن أفريقيا لأنها حافظت على هذه الثروة وأدركت أهميتها الاقتصادية. حماية الثروة البحرية ولكن ما الذي يجب على الدولة تجاه ذلك؟ - ما يجب على الجهات المختصة هو حماية الثروة البحرية من الجرف العشوائي وفرض اتباع الأساليب والطرق العملية في الاصطياد، والحفاظ على مصائد الأسماك باعتبارها ثروة وطنية ومنتجا استهلاكيا وغذائيا حيويا، أمام التهديد لها بالانقراض بجرف صغار الأسماك , وضبط وردع كل من يقوم بتلك الجريمة بحق ثروة قومية لكل أبناء الوطن. بالإضافة الى دعم وتوعية الصيادين وتقديم النصح والإرشادات، مع ضرورة توفير كافة المستلزمات الضرورية والمتمثلة بأدوات الصيد، وتسهيل عملية الإقراض من البنوك، ومساعدتهم في التامين المهني للصيد. وبالنسبة للمستثمرين في القطاع السمكي فلابد من إيجاد ثلاجات مركزية للتخزين، ووسائل نقل كبيرة للأسماك، مما يخفف الكثير من المشاكل امام المستثمر المحلي، والعمل على تشجيعية وتوفير أدنى تلك الوسائل التي تسهم في تطوير وتوسيع الاستثمار السمكي في السوق المحلي. تأثيرات متعددة ما تأثيرات الأوضاع الراهنة وانعكاسها على الوضع الاقتصادي؟ - بلا شك ان كل الإحداث السياسية والأمنية انعكست سلباً على الوضع الاقتصادي بشكل كبير، والكل بات متخوف الى حد ما من ذلك , ومايكتنف المشهد السياسي والأمني الراهن في البلاد له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة مما أدى بالنسبة لنا الى ضعف الشراء للأسماك سواء من تجار الجملة أو التجزئة نظرا للظروف المعيشية لشرائح واسعة من المجتمع اليمني. طموحات كبيرة ما طموحاتك كرجل أعمال ومستثمر في القطاع السمكي؟ - طموحاتنا كبيرة في توسيع الاستثمار في القطاع السمكي، ليس على المستوى المحلي ولكن على المستوى الخارجي، وتحديداً إلى بعض الدول العربية ودول شرق آسيا، واستطعنا فتح علاقات كبيرة مع بعض الشركات الأجنبية وبمواصفات وجودة عالية في التصدير, ولكن ما يعيق كل تلك الطموحات غياب دور الجهات الرسمية في دعم الكثير من المؤسسات والشركات السمكية في وسائل الصيد والنقل والتسهيلات في التصدير, حيث الواقع يعيق الكثير من الطموحات الاقتصادية في ظل الأوضاع التي يمر بها الوطن. تشجيع الاستثمار السمكي في نهاية هذا اللقاء.. ما الرسالة التي تريد ايصالها للجهات ذات العلاقة؟ - ما نريد ان نؤكده لوزارة الثروة السمكية هو أن تهتم بهذا المورد الاقتصادي والثروة الهامة التي وهبها الله لليمن، والعمل على صيانتها وحمايتها من كل الأعمال العشوائية التي تهدد انقراضها، وإيجاد آلية فاعلة لاستغلالها الاستغلال الأمثل بما يعود بالنفع على التنمية المجتمعية والخدمية لكل أبناء اليمن, مع الاهتمام بدعم وتشجيع الاستثمارهو المحلي في مجال الأسماك بما يسهم رفد الاقتصاد الوطني، وتوفير الآلاف من فرص العمل من أجل القضاء على البطالة في أوساط الشباب. وعلى الجميع أن يتقوا الله بمستقبل الوطن.