يترقب الفلسطينيون في قطاع غزة، ولا سيما سكان المناطق الحدودية بشدة، ما سيحمله الجمعة 19-12-2008، الذي ينتهي فيه، رسميًّا، سريان اتفاق التهدئة غير المكتوب بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل وسط تصاعد لموجات العنف بين الطرفين. في أول حادث أمني، أعلن الجيش الإسرائيلي أن فلسطينيين أطلقوا، صباح الجمعة، صاروخين انطلاقا من قطاع غزة على جنوب إسرائيل، بعد إعلان الجناح العسكري لحركة حماس انتهاء التهدئة، وقالت ناطقة باسم الجيش الإسرائيلي إن الصاروخين أطلقا من غزة بدون أن يسببا إصابات أو أضرارا. وأعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية حماس بعيد السادسة صباحًا بالتوقيت المحلي (4,00 تغ) انتهاء التهدئة مع إسرائيل رسميًّا، محملة الدولة العبرية "المسؤولية الكاملة" عن ذلك، وأكد الجناح العسكري لحماس أن "العدو الصهيوني لم يلتزم بشروط التهدئة (...) وأطلق الرصاصة الأخيرة على التهدئة وعليه أن يتحمل كافة النتائج". ويترقب الفلسطينيون في القطاع "يوم انتهاء الهدنة"، وسط تصاعد لموجات العنف بين الطرفين، وينظر مواطنو القطاع الذي تحكمه حركة حماس بخشية وريبة لما تحمله الأيام المقبلة من احتمالات تصعيد عسكري إسرائيلي بعد انتهاء التهدئة، فيما أبقت إسرائيل على الإغلاق الشامل لمعابر غزة، في وقت يعاني فيه مليون ونصف المليون نسمة من تراكم لسلسلة أزمات إنسانية ونقص حاد في احتياجاتهم الإنسانية كان أحدثها تعليق وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، المعروفة باسم "أونروا"، توزيع الإمدادات الغذائية بعد نفاد المخزون لديها. ووسط تفاقم أوضاع معيشية وتهديدات إسرائيلية بتصعيد العمليات العسكرية لا يبدي الفلسطينيون كثيرا من التفاؤل لتمديد اتفاق التهدئة لستة شهور أخرى فلا إسرائيل التزمت بها، ولا الفصائل الفلسطينية يشعرون بجدواها. وقالت مؤسسة اوكسفام الدولية إن الفلسطينيين يعيشون "أوضاعًا صعبة ويحاول الكثير منهم في هذه الأوضاع التزود بالاحتياجات الضرورية". ويقول الشاب إسماعيل أبو خليل (19 عاما) من جباليا ويعمل في أحد المحلات التجارية ليوفر لقمة العيش لأسرته المكونة من 9 أفراد، بسبب مرض والده، إن التهدئة يجب ألا تجدد مع إسرائيل؛ لأنها لم تجلب أي شيء للفلسطينيين. ويعتقد أبو خليل أن "الفصائل الفلسطينية التزمت باستحقاقات الهدنة بتعليق إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل ولكن في الجانب المقابل فتحت إسرائيل المعابر التجارية بشكل جزئي وفي أغلب الأيام كانت مغلقة وبالتالي ازدادت أوضاعنا المعيشية تعقيدًا". ويرى معين مهره (38 عاما)، وهو عاطل عن العمل منذ أكثر من 5 سنوات، أن التهدئة كانت غير ناجحة لأنها لم تحسن الأوضاع المعيشية لمواطني القطاع، مضيفا "سواء تحققت التهدئة أم لم تتحقق فالأوضاع كما هي لم تتغير بل تزداد صعوبة للغاية"، مرجحًا أن تنتهي التهدئة وتعود الأوضاع إلى دائرة العنف للفعل ورد الفعل. وشكك مهرة في مساع إسرائيل في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أنه "لا يتوقع أن تعمل إسرائيل أي شيء يصب بمصلحة الفلسطينيين ولكن دائما هم يعملون الأشياء التي تخدم مصالحهم وبدعم العالم الخارجي". تموين "قدر الإمكان" وقال شهود عيان إن سكان مناطق شمال قطاع غزة يسعون للتزود ببعض الاحتياجات الغذائية، استعدادًا لما قد تحمله الأيام المقبلة من تصعيد عسكري إسرائيلي، وتوغلات متوقعة في مناطق سكناهم، إلا أن ظروف حصار غزة المشددة تحول دون تمكن الغالبية منهم إتمام ذلك بالشكل المطلوب. ويشتكى أبو فراس (63 عاما) وهو موظف متقاعد يقطن بلدة بيت حانون الواقعة على خط التماس الشمالي مع إسرائيل من نفاد السلع الغذائية وحتى إن توفرت فإنها بأسعار مرتفعة تفوق قدراته المالية المتواضعة. وتعيش الحاجة آمنه (60 عاما)، وهي أرملة تعيش وحدها في منزلها شمال القطاع منذ أكثر من 6 سنوات، بعدما قتلت إسرائيل زوجها بقصف جوي في عام 2001 وهو عائد من المسجد إلى البيت، وكان زوجها يعمل إمامًا معينًا من وزارة الأوقاف "أوضاعًا صعبة". وتقول "أوضاعنا صعبة للغاية والناس أصبحوا يحرقوا الحطب للطبخ، وأنا أجلس في البيت بدون تيار كهربائي ولذلك أنا أجلس أمام بيتي في الشارع"، وتابعت "أنا لا أؤمن بالهدنة، وعندما أرى الغاز والكهرباء والغذاء في الأسواق بعدها سأؤمن بها، وأنا ضد أي تمديد فوري للتهدئة لأنها تخدم فقط الجانب الإسرائيلي وليس نحن، نحن أناس بسطاء نطلب أمورًا بسيطة وحياة بسيطة".