أملاً في إنقاص الوزن واستعادة اللياقة والقوام، يدخل كثير من الناس في دوامة الحميات الغذائية، ويهرعون لتجريب الشرقي منها والغربي، القديم منها والحديث، دون أن يتوصلوا إلى النتائج المتوخاة، ودون إدراكهم أن المشكلة لا تكمن في أنواع الطعام التي يستهلكونها، بل في طريقة التعامل مع هذا الطعام. إذ يمكن لكل شخص أن ينقص وزنه ويتمتع بصحة جيدة عبر تغيير سلوكه الغذائي، ليس على مستوى أصناف ما يأكله ويشربه، بل من حيث طريقة نظره إليه وتعامله معه. فيكفي أن يُحسن تلقي رسائل جسمه، فلا يأكل إلا عند الإحساس بالجوع، ويسمح لأسنانه وأضراسه الاضطلاع بأحد الأدوار التي خُلقت من أجلها، وهي مضغ الطعام وطحنه، ويسترشد بنداءات بدنه حتى لا يأكل ما يفيض عن حاجته. يشكل المتمتعون بلياقة جيدة وقوام مناسب الأقلية القليلة في مختلف المجتمعات حالياً. فمعظم الناس يعانون، إما من زيادة الوزن أو السمنة، أو من مشكلة صحية ما تجعل مسألة القوام الرشيق آخر شيء يمكن أن يفكروا فيه. ولعل نسبة من المصابين بالسمنة وزيادة الوزن يبذلون جهوداً كبيرة ومتواصلة من أجل الوصول إلى الوزن المنشود، فتجدهم يتبعون حميات غذائية قاسية هي أقرب للتجويع منها إلى تنظيم استهلاك الطعام، ويمارسون حصص تدريب بدني مكثفة، لكن النتائج التي يحققونها تبقى مع ذلك أقل من توقعاتهم وطموحاتهم، ما يجعل عدداً منهم يتوقف في منتصف الطريق، أو لا يُتم خطة التخسيس إلى مرحلتها النهائية. استراتيجيات شائعة لا بد من القول، إن بعض الاستراتيجيات الغذائية المتبعة حالياً غير مجدية على نحو مثالي، ومن بينها اضطرار الراغبين في إنقاص أوزانهم إلى أن يصبحوا كائنات شبه عاشبة تكثر من الخضراوات وتواصل تناوُل أطعمة معينة ومملة رغم عدم اشتهائها أو إيجاد أي لذة فيها، وتجوع نفسها احتراماً لهذه الحمية أو تلك. ولعل أكبر دليل على أنها ليست كذلك هي زيادة انتشار السمنة، وزيادة الوزن رغم تزايد عدد الحميات الغذائية في مختلف أنحاء العالم، وإقرار عدد من اختصاصيي الغذاء والتغذية بوجود حميات عالية المخاطر وذات آثار جانبية سيئة على الصحة وعمل وظائف الجسم. ويقول خبراء تغذية أميركيون من عيادات «مايوكلينيك» إن هناك تغييرات أجدى وأفضل يمكن لكل شخص أن يحقق منها استفادة قصوى عند القيام بها، دون اللجوء بالضرورة إلى تغيير ما يشتهيه من طعام وشراب أو تقليله إلى حد التطرف في معاكسة جسمه وترك نفسه يتضور جوعاً التزاماً بتنفيذ حمية من نوع ما. وفي الواقع، يمكن لكل شخص أن يزيح فكرة الحمية عن ذهنه تماماً، ويبدأ في التعامل مع ما يشتهيه من أطعمة بطريقة ذكية، بحيث تكون المعلومات التي يتلقاها الإنسان من جسمه هي بوصلته التي تجعله لا يأكل، إلا إذا تلقى رسائل من جسده تفيد بأنه جائع، ولا يأكل إلا بمقدار ما يحتاجه، فهذا المبدأ هو المفتاح الأساس لإنقاص الوزن. ... المزيد