نيونو (مالي) - رويترز تقدمت قوات فرنسية في عربات مدرعة اليوم الأحد صوب بلدة في وسط مالي انسحب منها متمردون إسلاميون بعد أيام من الغارات الجوية. وتتحرك القوات بحذر خشية قيام مقاتلين مرتبطين بالقاعدة بشن هجمات مضادة بأسلوب حرب العصابات. وأظهرت لقطات تلفزيونية حطام شاحنات صغيرة تابعة للإسلاميين بعضها مزود بأسلحة رشاشة ثقيلة وهي متناثرة بين بنايات مشيدة بالطوب اللبن في بلدة ديابالي. وقال قادة القوات الفرنسية والمالية التي أقامت مركز عملياتها في بلدة نيونو القريبة والتي تبعد نحو 300 كيلومتر شمال شرقي العاصمة باماكو أن مكان المقاتلين الإسلاميين ما زال غير واضح. وقال الكولونيل سيدو سوجوبو قائد العمليات العسكرية لجيش مالي في المنطقة "مبعث قلقنا الرئيسي أن ينضم جزء من السكان للجهاديين. الحرب ضد الإسلاميين ليست سهلة. انهم يأتون ويختلطون مع السكان المحليين." وأضاف أن بعض المقاتلين الإسلاميين حلقوا لحاهم وارتدوا الجينز بدلا من جلابيبهم حتى لا يتم التعرف عليهم من بين السكان المحليين. ونشرت فرنسا 2000 جندي من القوات البرية وتقصف طائراتها مواقع وقواعد للمتمردين منذ عشرة أيام وهو ما ساهم بشكل فعلي في وقف تقدم المتمردين صوب العاصمة. ويستهدف التدخل الفرنسي منع تحالف موسع من المتشددين الإسلاميين من استخدام شمال مالي كأرض للتدريب ومنصة لشن هجمات في أفريقيا وعلى الغرب. وفرض التحالف الإسلامي الذي يضم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وجماعة أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا المحليتين التطبيق الصارم للشريعة الإسلامية في شمال مالي بما في ذلك بتر الأيدي وهدم الأضرحة المقدسة لدى الصوفيين المعتدلين. وفي نيونو وقفت اكثر من 12 مركبة عسكرية فرنسية في ساحة متربة خارج مقر الحاكم الاقليمي. وعمل بعض الجنود على تنظيف أسلحتهم وتجاذبوا أطراف الحديث بجانب حاملات الجنود المدرعة. واشترى اخرون هواتف خلوية وخبزا ومستلزمات ضرورية أخرى من متجر محلي بينما كانوا يتأهبون لتحركهم التالي. وفي باريس قال وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان اليوم الأحد إن القوات الجوية الفرنسية نفذت غارات على أهداف في منطقتي جاو وتمبكتو في مالي في الأيام القليلة الماضية وستواصل هذا العمل في استهداف لمواقع القيادة التابعة للمتشددين الاسلاميين. وقال الوزير في مقابلة تلفزيونية "القوات الفرنسية وخاصة القوات الجوية تقصف معاقل الارهابيين .. يحدث هذا في منطقة جاو وهو الأمر نفسه في منطقة تمبكتو وسوف تستمر الغارات." وتابع لودريان ان القوات البرية لم تسيطر بعد على ديابالي لكنه توقع أنباء ايجابية على هذه الجبهة "في الساعات القادمة." من جهته هون وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس من أراء تقول إن فرنسا تخاطر بالتورط في حرب عصابات اذ تعهد المقاتلون الاسلاميون بتحويل مالي إلى افغانستان جديدة. وقال في مؤتمر صحفي "في أفغانستان لم يكن هناك أي نظام ديمقراطي. هنا يوجد نظام ديمقراطي حتى اذا كان في حاجة إلى سد ثغراته." وأضاف "النقطة المشتركة هي أنها حرب ضد الارهاب." وزادت الأخطار في مالي بشكل كبير الأسبوع الماضي عندما قال مسلحون إسلاميون إن التدخل العسكري الفرنسي هو السبب في الهجوم الذي شنوه على منشأة للغاز في الجزائر المجاورة واحتجازهم لمئات الرهائن. وأنهت القوات الجزائرية أمس عملية دامية لتحرير الرهائن وقالت اليوم الأحد إن من المتوقع ارتفاع عدد القتلى. وذكر موقع إلكتروني موريتاني اليوم أن المقاتل الإسلامي المخضرم مختار بلمختار أعلن المسؤولية باسم تنظيم القاعدة عن الهجوم في الجزائر. ونقل موقع صحراء ميديا عن مختار بلمختار قوله في تسجيل مصور "نحن على استعداد للتفاوض مع الدول الغربية والنظام الجزائري بشرط توقيف العدوان والقصف على الشعب المالي المسلم خصوصا اقليم أزواد واحترام خياره في تحكيم الشريعة الإسلامية على أرض أزواد." وأثار الصراع في مالي وأزمة الرهائن في الجزائر بواعث القلق من هيمنة المتشددين على منطقة الساحل الاوسع نطاقا والتي تعج بالأسلحة التي نهبت من مستودعات الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. ودعا وزير الخارجية الفرنسي خلال اجتماع مع قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ايكواس) في ساحل العاج أمس السبت المجتمع الدولي إلى المساعدة في تمويل بعثة افريقية مفوضة من الأممالمتحدة للإطاحة بالإسلاميين من المنطقة. وسيعقد مؤتمر للمانحين في اثيوبيا في 29 يناير. ويقول خبراء عسكريون أنه يتعين على فرنسا وحلفائها الأفارقة نشر قوات برية سريعا للاستفادة من المكاسب التي تحققت في الأونة الأخيرة ومنع المسلحين من إعادة تجميع صفوفهم في الصحراء. لكن نقص الإمدادات والنقل يعرقل نشر قوات افريقية. ونشرت نيجيرياوالنيجر وتوجو بضع مئات من الجنود في مالي كما توجهت مجموعة تضم 50 جنديا سنغاليا إلى باماكو اليوم الأحد. ومما يبرز مدى التحدي قال دبلوماسيون أن نقص الذخيرة اللازمة للمدافع يحول دون نشر فرقة سنغالية كاملة قوامها 500 جندي. وقال الرئيس التشادي ادريس ديبي اثناء زيارة كتيبة من 600 جندي تشادي تستعد للتوجه إلى النيجر المجاورة أن حكومته ستبذل كل ما في وسعها لضمان انتشار أكبر عدد ممكن من القوات الافريقية في مالي. وقال ديبي الذي تعهد بإرسال 2000 جندي "ليس لان لدينا وفرة في الجنود ولكن لأننا نريد ضمان الحد الاقصى من الجنود على الأرض." وحذرت منظمة هيومن رايتس ووتش أمس السبت من أنها تلقت تقارير عن انتهاكات خطيرة ترتكبها قوات الأمن المالية ضد المدنيين في نيونو بما في ذلك القتل. وأعدم سكان في بلدة جاو في شمال مالي زعيما إسلاميا بارزا أمس انتقاما لمقتل صحفي محلي في وقت سابق أمس مما يزيد المخاوف من العنف الطائفي وعمليات انتقام بعد التحرير.