القاهرة - دار الخليج برغم تجاربه العديدة في تأسيس "بيت العود" في أكثر من قطر عربي، يؤكد الفنان العراقي نصير شمة، أن "بيت العود" في أبوظبي، هو الأفضل انتظامًا في الدراسة؛ ومن حيث تطور الطلاب؛ حيث من المقرر أن يتخرج فيه طالبان اليوم. هل كان للربيع العربي أثر في الإقبال على بيت العود؟ لم يتأثر "بيت العود" بأحداث الربيع العربي، فقط تأثر انتظام الدراسة في "بيت العود" في القاهرة أيام الثورة، والآن البيت (كامل العدد) ولا نستطيع قبول طلاب جدد، بل إننا افتتحنا "بيت العود" في الإسكندرية بعد الثورة بنحو ثلاثة أشهر، وهو الآن في طاقته القصوى أيضًا، لأن الإقبال كبير جدًا، وأنا أزورهم مرة كل شهر تقريبًا . ما تقييمك لتجربة "بيوت العود" خارج مصر، و"بيت أبوظبي" على وجه الخصوص؟ بيوت العود لها منهاج دراسي، ولا نتركها من دون زيارات متقاربة، وأعتقد أن بيت أبوظبي تحديدًا من أفضل البيوت؛ من حيث انتظام الدراسة، وتطور الطلاب، ويوم 24 يناير الحالي سيتخرج فيه طالبان، أحدهما إماراتي والآخر سوداني، وبالطبع سأكون حاضرًا في حفل التخرج . ما المسار الدراسي الذي يسير فيه الطالب الجديد في "بيت العود"؟ حين يلتحق الطالب ببيت العود يبدأ بالتدريب على عدد من التمارين المختارة، التي أصبحت منهجًا للدراسة في البيت؛ كالتمارين التي وضعها الشريف محيي الدين حيدر، وسالم عبد الكريم، وجميل بشير، والثلاثة كانت لهم الريادة والسبق في مسألة وضع تمارين خاصة لآلة العود، وبعد ذلك يبدأ الطالب بالتمرين على عدد من المقطوعات والمؤلفات لرموز العود من كل أنحاء العالم العربي، وأنا أقوم بتوجيه الأساتذة في بعض التفاصيل، التي تختلف من طالب إلى طالب، وفي السنة الثانية يبدأ الطالب في تجويد المقطوعات الموسيقية، بحيث تكون صالحة للعزف على المسرح، كما أن الطالب يأخذ بنصيب وافر من الاطلاع على المدارس المختلفة للعود، كالمدرسة المصرية أو العراقية أو التركية، وإذا وجدنا فيه ميلا لمدرسة معينة اهتممنا بصقلها عنده، وقد وصل عدد من طلاب "بيت العود" إلى مستوى مكنهم من عزف مقطوعات لبيتهوفن وموتسارت في حفلات تخرجهم . ألم يثر عزف طلاب "بيت العود" لهذه المقطوعات الغربية انتقادات أصحاب الاتجاه التقليدي؟ بالعكس نحن أمام ميزة وليس عيبًا، فهذا العزف للمقطوعات الغربية يثبت قدرة الطلاب الفائقة وتطورهم الكبير، وهو فرصة كي يصافح صوت العود آذان جمهور المدرسة الكلاسيكية الغربية، وهو جمهور واسع جدًا، وأنا عندما عزفت "روسيني" مع الأوركسترا في الأوبرا في مصر، وأيضًا في أبوظبي وصل التسجيل إلى مئات الآلاف حول العالم، لذا أعتبر هذا فتحاً للآلة مادام العازف قد تأسس تأسيساً سليماً ودرس المدارس المختلفة . "بيت العود" متهم بالتقصير في حق المدرسة المصرية الكلاسيكية لحساب المدرسة العراقية؟ هذا الكلام غير صحيح، نحن ندرس في البيت كل مدارس العود، ونؤصل عند الطالب ما يميل إليه، ودعنا نتكلم بصراحة، فالمدرسة التقليدية المصرية لم تعرف فكرة "الصوليست"، إلا في حالات نادرة، وأعلام العود المصري لم يهتموا بالعود بقدر اهتمامهم بالتلحين، لأن الحالة السائدة كانت حالة غنائية، فعبد الوهاب له تسجيلات قديمة يقدم فيها جملا لا تخطر على بال أحد، ولو أعطى للعود ساعتين في اليوم لكان له مع الآلة شأن آخر، والقصبجي اكتفى بالعزف خلف أم كلثوم . كانت الفكرة الغالبة، أن السيادة على المسرح لا تكون إلا للمطرب، والواقع ينفي عن "بيت العود" هذا الاتهام، فلدينا الآن طلاب لا يتجاوزون 16 أو 17 عامًا ويقدمون عزفًا شرقيًا غير مسبوق في قوته ودقته . هل لبيت العود دور في تعليم صناعة الآلة؟ للبيت دور كبير في تعليم صناعة العود، ولدينا قرابة عشر ورش نتعاون معها في تعليم الصناعة، ولدينا أيضًا ورشة مهمة جدًا في بيت أبوظبي، وآخر صانع تخرج من عندنا هو عمرو مصطفى، ومن قبل خرجنا عمرو فوزي، الذي تحول من صناعة الموبيليا إلى صناعة العود، وأصبح مديرًا لورشة بيت العود في أبوظبي . هل ينزعج نصير شمة من النقد؟ أنا مؤمن بأن كل من يعمل تحت الضوء لا بد أن يتعرض للنقد، لكن مع الأسف، ما أتاني النقد إلا ممن ليس لهم مشروع ينشغلون به، وينفقون الكثير من الوقت والجهد في نقد غيرهم ومحاربة نجاحه، ولو أنفقوا هذا الوقت في الاهتمام بفنهم أو بتعليم غيرهم ما يرونه صوابًا لكان أنفع لهم وللفن .