أوقفت السلطات الفرنسية الثلاثاء أربعة أشخاص في إطار التحقيق حول شبكة ترسل مقاتلين متشددين إلى شمال مالي، وذلك تزامنا مع الحملة العسكرية التي تقودها فرنسا ضد معاقل المتشددين هناك، والتي استرجعت من خلالها مدن غاو وتمبكتو وكيدال. وتثير هذه العملية العديد من التساؤلات حول المخاوف الأمنية لدى السلطات الفرنسية من عمليات انتقامية محتملة، خصوصا بعد التهديدات التي أطلقها متشددون في شمال مالي بضرب "فرنسا في الصميم"، منذ اليوم الرابع للعمليات العسكرية الفرنسية. وجاءت تصريحات وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس لتأكيد هذه المخاوف، إذ قال لتلفزيون بي أف أم وإذاعة مونت كارلو إن العملية التي نفذتها الإدارة المركزية للاستخبارات الداخلية الثلاثاء على ارتباط ب"اعتقال شخص قبل بضعة أشهر" على الحدود بين النيجرومالي. وعلى الرغم من "عدم وجود تهديد مباشر" بتنفيذ اعتداءات في فرنسا، حسب تصريح المسؤول الفرنسي، إلا أن التحذيرات التي أطلقها الرئيس فرانسوا هولاند منذ أسبوعين بضرورة رفع حالة التأهب تخوفا من أعمال إرهابية، تأتي لتضفي مزيدا من المخاوف في هذا الصدد. وكانت تقارير إعلامية فرنسية قد أشارت إلى أن السلطات الأمنية اتخذت مزيدا من الإجراءات الاحترازية مثل تشديد الرقابة على وسائل النقل العمومية ومحطات القطارات والمطارات والمباني العمومية وحماية تجمعات الأشخاص". وذكرت مجلة "لوبوان" الفرنسية الواسعة الانتشار أن المنتديات والمواقع الألكترونية التابعة لمجموعات متشددة، والداعية إلى ضرب المصالح الفرنسية، تشهد إقبالا ملفتا للانتباه، خصوصا في ظل الحملة العسكرية الفرنسية في شمال مالي. x عناصر من الجيش الفرنسي في مالي وتزايدت مخاوف الفرنسيين بعد المحاولة الفاشلة التي نفذتها قوات فرنسية خاصة لتحرير رهينة فرنسي كان في قبضة حركة الشباب الصومالية المتشددة، والتي أعدمت على إثرها الحركة الرهينة دني اليكس. متشددون فرنسيون ومن جانب آخر حذر وزير الداخلية مانويل فالس في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية، "الفرنسيين الساعين إلى الجهاد"، مشيرا إلى أن أجهزة الاستخبارات أحصت منهم "العشرات في سورية"، إضافة إلى "بعض الأفراد في الساحل". وتطرح مسألة وجود خلايا لمتشددين فرنسيين داخل التراب الفرنسي هاجسا إضافيا لباريس، التي تبرر عمليتها العسكرية في شمال مالي بدحر المجموعات المتشددة في الساحل الإفريقي لوقف خطر انتشارها وتهديدها للمصالح الفرنسية والغربية. وكشفت مصالح الأمن الفرنسية في الفترة الأخيرة النقاب عن خلايا لمجموعات متشددة تخطط لتنفيذ ضربات داخل التراب الفرنسي من بينها عناصر كانت تنوي التوجه إلى سورية لمساعدة المعارضة المسلحة في حربها ضد نظام الرئيس بشار الأسد، إضافة إلى عناصر أخرى كانت متجهة إلى منطقة الساحل. هناك على الأرجح حفنة من الفرنسيين موجودون في الساحل تم توقيف اثنين خلال الأشهر الماضية وفي هذا الشأن أوضح وير الداخلية الفرنسي أن "هناك على الأرجح حفنة من الفرنسيين موجودون في الساحل" مشيرا إلى أنه "تم توقيف اثنين خلال الأشهر الماضية" فيما كانا يسعيان للتوجه إلى الساحل من أجل القتال وهما الموقوف الذي قاد إلى العملية الثلاثاء و"آخر في مالي"، مضيفا أنه "يجري تعقب هذه الشبكة منذ بضعة أشهر". ومن جانب آخر قررت فرنسا في نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي طرد عدد من الدعاة والأئمة المتشددين الأجانب. وتندرج هذه الخطوة في إطار ما وصفته السلطات الفرنسية "تجنب التوجه نحو التشدد ومكافحة الإسلام المتشدد والجهادية العالمية". مساعدات استخباراتية جزائرية وموازاة مع تشديد الخناق على العناصر المتشددة داخل فرنسا، انتقلت القوات الفرنسية إلى تنفيذ المرحلة الثانية من خطتها العسكرية ل"الإطاحة بمجموعة من أخطر قادة التنظيمات المسلحة وتدمير مخازن السلاح"، حسب قولها. ونقلت صحيفة الخبر الجزائرية واسعة الانتشار أن السلطات الأمنية الفرنسية طلبت الاستفادة من معلومات حول رؤوس تنظيم القاعدة في منطقة الأزواد شمال مالي، طبقا للاتفاق الأمني الذي وقعته الجزائر في 2010 مع مالي في إطار ما يعرف بدول الميدان. وأضافت الصحيفة أن المرحلة الثانية التي أمر بإطلاقها الرئيس فرانسوا هولاند خلال زيارته الأخيرة لمالي، تتضمن "تنفيذ غارات جوية دقيقة ومركزة" ضد قيادات المجموعات المتشددة. ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني قوله إن هذه العملية العسكرية "لن تنجح إلا بالحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات الدقيقة والحساسة التي يوجد أغلبها لدى الجزائريين وجزء منها لدى الأمن الموريتاني".