فكرة ممتازة وتنظيم جيد وبرنامج حافل، هذا الذي أتقنت صياغته الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء من أجل تحقيق النجاح المطلوب للأيام الثقافية العمانية في كل من القاهرةوالإسكندرية التي تشهد افتتاحها الرسمي بعد غد الأحد في دار الأوبرا المصرية الجديدة من خلال فيلم وثائقي يبرز منجزات السلطنة في عهد السلطان قابوس على مختلف الصعد المحلية والدبلوماسية والثقافية والسياسية، مع التركيز على النهج الرامي لبناء الإنسان واعتباره المكون الحقيقي في الرقي بأي مجتمعٍ كان،الى جانب معرض فوتوغرافي يظهر تقاسيم الجمال والبيئة والمناخ والإنسان، يعرض ثلاثمئة وخمسين لوحة تجسد معالم الحياة والطبيعة العمانية التقطتها عدسات لفنانين عمانيين تحمل تفاصيل دقيقة للبيئة المعمارية والحضارية،الى جانب معرض للكتاب يضم الكثير من الإصدارات في مختلف مجالات الكتابة،مع التركيز قليلاً على الإصدارات الشخصية ذات البعد الوجداني . مؤسسة الأهرام الصحفية تحتضن فعاليات ندوة "عمان الحاضر والماضي"التي تشهد تقديم خمس أوراق حول رؤية العالم الآخر لعمان بجغرافيتها المتميزة، ولمحات من الأدب العماني، والمسرح العماني، كما يقدم الباحث في الشؤون السياسية ورئيس الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء، الدكتور محمد العريمي، ورقة عن "الوسطية في النظام السياسي العماني«، وهي الندوة التي يديرها الأديب أحمد الفلاحي مقدما مداخلة معمقة حول تاريخية العلاقات العمانية المصرية وجذور التعاون والمحبة وعلائق الإرث الثقافي والأدبي بين البلدين . أمسية "للسرد والشعر"في اتحاد كتاّب مصر بالقاهرة، ثم "يوم عمان المفتوح"في "ساقية الصاوي"الذي سيكون أشبه بكرنفال وطني من أبرز فعالياته ما ستقدمه الناقدة والكاتبة المسرحية آمنة الربيع والفنانة التشكيلية بدور الريامية فناً أدائياً يحمل عنوان "صلاة من الربع الخالي"الذي ينتقل بين عدة أزمنة، مستحضراً بعضاً من الأماكن عبر استخدام خاصية "الفيديو آرت"تسعى من خلاله الفنانتان إلى طرق ومعالجة بعض القضايا الاجتماعية عبر "الإسقاطات"الفنية الأدبية حيث رمزية الصحراء ورغبة الإنسان في البحث عن الأمل والحلم والخيال الآمن والحب والجمال، حيث تم التصوير فوق رمال صحراء الربع الخالي فضلاً عن استخدام الموسيقا العمانية والرقصات الشعبية والأهازيج الخاصة . اللوحة المصممة لتكون "شعاراً"للأيام الثقافية العمانية في كل من الإسكندريةوالقاهرة، جمعت بين رموز ومعالم الثقافة والحضارة في البلدين حيث تلتقي شجرة اللبان بتمدد فروعها مع الأهرامات الثلاثة الشهيرة الحاملة أسماء ملوك الفراعنة الثلاثة خوفو وخفرع ومنقرع العائدين إلى الأسرة الرابعة منذ 2613 قبل الميلاد . المنطقة الفاصلة في الفضاء "الفني"للشعار تظهر صورة معبرة لرحلات الإنسان العماني عبر "ناقته"في القوافل التاريخية القديمة التي امتدت إلى شرق البسيطة وغربها، وهو يقود قوافل "اللبان"والتجارة، حيث كانت ثمار شجرة اللبان "أيقونة"مقدسة في عصور قديمة لتعطير الكنائس والمعابد،كما كانت هدايا ملكية فاخرة إلى الفراعنة مثلما يرد باستفاضة في الكتابات الفرعونية والمسيحية . جمعية الكتّاب والأدباء تستحق الثناء على مثل هذه الجهود التي تسهم في تسويق الحضارة العمانية، وتعزز من الروابط بينها وشقيقاتها الأخريات من خلال النمط المقولب علمياً ضمن إطار ما يسمى "السياحة الثقافية"الذي لم يأخذ ما يستحقه من اهتمام ورعاية بالقدر الكافي حتى الآن رغم تنظيم مؤتمرات وندوات سابقة عن هذا النمط المهم الذي تتميز عمان بالعديد من مقوماته ومفرداته القابلة للتسويق على نطاقات واسعة، خاصة في ظل استمرار محاولات التوثيق التي تشهدها لذاكرتها التاريخية في الداخل والخارج، ومع وجود العديد من الجهود الناجحة لاستكشافات أثرية ذات قيمة حقيقية تؤكد حقيقة مفادها أن عمان لم تكن يوماً دولة عابرة للتاريخ بقدر ما هي صاحبة إسهامات مشهودة تستوجب التوقف عندها وتسجيلها في أقل تقدير . فعاليات أيام عمان الثقافية في القاهرةوالإسكندرية كانت تصلح بامتياز لترويجها سياحياً في بلدان أجنبية ربما لا تعرف الكثير عن حضارة عمان والعمانيين، وكان يمكن تنظيمها من خلال وزارة السياحة أو بالشراكة فيما بين الناقل الوطني والفنادق والمنتجعات العاملة سواء في مسقط أو خارج حدودها . [email protected]