صدر عن قطاع المكتبة الوطنية فى هيئة أبوظبى للسياحة والثقافة كتاب "الهند .. تكوين العالم الهندى - الإسلامى" من تأليف أندريه وينك، وترجمة عبدالإله الملّاح، وذلك فى ثلاثة أجزاء موسوعية يتناول الأول منها الهند فى مطالع العصور الوسطى والتوسع الإسلامى (من القرن 7-11م)، ويتحدث الجزء الثانى عن سلاطين الدولة المملوكية والفتح الإسلامى (من القرن 11-13م)، فيما يتناول الجزء الثالث موضوع المجتمع الهندى – الإسلامى (خلال الفترة من 14-15م). ويقدّم الجزء الأول من الكتاب تحليلا لعملية التحول الكبيرة وطويلة الأمد التى رافقت أسلمة المناطق التى أسماها العرب "الهند"، أى الهند وأجزاء كبيرة من المناطق النائية الداخلة فى نطاقها، حيث كان لتوسع الإسلام فى الهند منذ القرن السابع وحتى القرن الحادى عشر للميلاد، أثر تجارى واسع النطاق، وكانت هيمنة تجارة الشرق الأوسط الإسلامى فى مطلع الحقبة الوسيطة قد استمدت من موقعها المتوسط ما بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، مما جعلها واسطة التبادل بينهما. كما أنّ توسّع الإسلام فى تجارة البر والبحر قد أثر عميقا فى تشكل الدول الإقليمية فى شبه القارة الهندية، شأنه فى ذلك شأن التوسع الصينى فى عهد أسرتى التانغ والسونغ. وكان نمو اقتصاد عالمى وتطوره فى المحيط الهندى وحوله- حيث الهند فى وسطه والشرق الأوسط والصين قطباه الديناميكيان – قد حدث بفضل تكامل اقتصادى واجتماعى وثقافى فى أنماط آخذة بالاتساع والتعقيد تحت رعاية الإسلام. ويعالج الجزء الثانى من الكتاب الفتح الإسلامى فى الحقبة ما بين القرن الحادى عشر والقرن الثالث عشر الميلادى، حيث يقدم تحليلا للأشكال التنظيمية المستجدة فى الدولة الهندية المسلمة فى هذه القرون، وأنماط الهجرة التى نشأت ما بين الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجنوب آسيا، والتطورات البحرية فى المحيط الهندى والتحول الدينى، كذلك فإن المنظور الدينى المقارن والتاريخى العالمى المبين هنا على أساس التفاعل الدينامى بين المجتمعات البدوية والزراعية جدير بأن يثير الاهتمام لدى جميع المؤرخين المعنيين بآسيا فى هذه الحقبة. ويمضى الجزء الثالث للدراسة مصطحباً القارئ فى رحلة تبدأ من غزوات المغول إلى حقبة العصور الوسطى وبواكير العصور الحديثة فى أواخر القرن الخامس عشر ومطالع القرن السادس عشر، ويخترق هنا مجالا جديدا بتركيز الانتباه على دور الجغرافيا، وبالأخص التفاعل بين المجتمعات البدوية والمستقرة والبحرية. ويقدم على هذا النحو صورة لعالم الهند والمحيط الهندى عشية اكتشاف البرتغاليين الطرق البحرية، وهو عالم من دون معايير ثابتة، ويتسم بدوام التقلبات الجيوفيزيائية، والمدينية البدائية والمضطربة، ونخب سريعة الزوال ومتنقلة ذات أصول بدوية، وجماعات تجارية فى الشتات، وطبقة فلاحية عرضة للجوع والأمراض، كانت حياتها مقامرة بانتظار موسم الأمطار.