الهام شاهين زعيمة الأمة!عبر احدى الفضائيات، هددت خالدة الذكر الزعيمة الأممية، نسبة للأمم المتحدة، الهام شاهين بتصعيد قضيتها للمحاكم الدولية، فسقط قلبي في حذائي من 'الخضة'، و'الخضة' لمن لا يعرف هي شدة الخوف في قول، ونتاج شدة الخوف في قول آخر. لدينا في المحروسة موضة جديدة تنافس موضة 'الخنافس' زمان، عندما كان الشعر طويلاً وهائجاً، والحذاء 'بولتاني' مرتفع وضخم في حجم الفيل 'أبو زلومة'، وفتحة البنطال 36 سم، هذه الموضة الجديدة تتمثل في التهديد بتدويل القضايا، على نحو يجعلني أخاف من أن أضغط على قدم راكب في مترو الأنفاق فأجد قضيتي مطروحة على مجلس الأمن. فكل أصحاب المظالم يهددون بتدويل قضاياهم، وهو أمر كان يمثل خيانة وطنية عظمى في عهد ما قبل الثورة. الهام شاهين لا تغرد إذن خارج السرب، وعلى الرغم من أن القضاء المحلي أنصفها وأوقف برنامج الشيخ عبد الله بدر على قناة ' الحافظ'، فإنها ومع ذلك لم تتوقف عن التهديد بتدويل قضيتها، ولم يبق إلا أن تتدخل السيدة هيلاري كلينتون لتعلن أنها تشعر بالقلق إزاء ما يحدث للفنانة الهام شاهين، المقاتلة الشرسة لطيور الظلام، والتي دخلت ساحة الزعامة من أوسع الأبواب، على نحو يوحي بأن من لم يقف معها في محنتها فانه امرؤ فيه جاهلية. أصل الحكاية يا قراء أن الشيخ عبد الله بدر وهو من الدعاة السلفيين تعامل مع الفنانة المذكورة بغشم، وتجاوز وهو يهاجمها في برنامج ' القرآن والسنة' بقناة ' الحافظ' السلفية، وقد سألها: ' كم رجل قبلك واعتلاك باسم الفن؟.. أنت علمت أولادنا وبناتنا الزنا والفجور'، فغضبت الهام شاهين، وهي بصراحة لديها استعداد فطري للغضب والحزن منذ قيام الثورة، ومنذ تنحي الرئيس المخلوع، ومحاكمته، والذي وصفته على قناة 'صدى البلد' وفي حضرة رولا خرسا حرم عبد اللطيف المناوي بأنه رمز كبير. ' المصائب يجمعن المصابينا'، ورولا خسرت على المستوى العائلي خسارة كبيرة، وكان بعلها خالد الذكر احد رجال جمال مبارك، وكان مرشحاً لأن يتم تصعيده من رئيس قطاع الأخبار بتلفزيون الريادة الإعلامية لمنصب وزير الإعلام، فهناك اقتصاد عائلات كاملة لحقه الضرر من جراء سقوط النظام القديم، وقد دخل المناوي التلفزيون والسيدة حرمه تقدم برنامجين فيه، في وقت لا تجد فيه مذيعات كثيرات 'ورك' برنامج أو فقرة، وعندما كثر الكلام عن مجاملة المناوي للسيدة حرمه، وجد لدى السيد البدوي شحاتة رئيس حزب ' الوفد' ما يرفع عنه الحرج فقد فتح قناته على الرحب والسعة لحرم صاحبنا. وفي أيام الثورة كانت رولا في 'الحياة' تندد بالثوار، والمناوي يكمل الرسالة في التلفزيون الرسمي. وسقط النظام فغادر المناوي بقوة الدفع الثوري، على الرغم من تمسك العسكر به، لأسباب ربما يقف عليها من يقرأ مذكراته حول تلك الفترة، وأروع ما كتبه فيها انه عمل على ان يكون تلفزيون البلاد، 'تلفزيون الدولة المصرية'. الشئ الوحيد الذي لا تفرض عليه جمارك ورسوم في مصر الى الآن هو الكلام، ففي واقع الأمر ان المناوي انتقل بالتلفزيون المصري من تلفزيون النظام الى تلفزيون العائلة: 'الأب، والأم، والابن، واحمد عز'. الرمز الكبير وكما غادر المناوي تلفزيون الريادة، فقد غادرت رولا خرسا 'الحياة' فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير لله انقطع وانفصل، ولم يعد هناك ما يبرر لأن يجاملها السيد البدوي شحاتة رئيس حزب 'الوفد'، فانتقلت الى قناة 'صدى البلد'، التي يملكها رجل الأعمال محمد أبو العينين، وفيها التقت مع ضحية للحب العذري مثلها هي الهام شاهين، التي وصفت مصر في لقائها بها بأنها أيام حسني مبار ك كانت أكثر استقراراً، وأكثر تحضراً، وان مبارك كان ولا يزال وسيظل (انظر الى الدقة العلمية) هو رمزاً كبيراً. كانت الهام شاهين في لقاء رولا خرسا 'تتشحتف'، وعندما شاهدتها على هذا النحو مع صاحبتها تذكرت المثل الصعيدي القائل: 'قعد الفقاري تحت رعريعة لجاءت لهم شروة ولا بيعة'.. 'الفقاري' هنا هم قليلو الحظ، و'الرعريعة' شجرة، والمعنى ان قليلي الحظ جلسوا تحت شجرة لعرض بضاعتهم فلا باعوا ولا ابتاعوا. للدقة، فان حالة 'الشحتفة' تتملك الهام شاهين منذ ان تنحي الرئيس المخلوع، فمن يومها وهي تتصرف كمن فقدت بعلها في حادث ' توك توك'، وترك لها 'دستة أطفال'. وبات من الواضح ان الأخت الهام فقدت كنزها الاستراتيجي، وما كادت تهدأ حتى كانت فاجعتها بسقوط الفريق احمد شفيق في الانتخابات، فهاجمت الثورة والثوار، ومن فرط غضبها بدت كما لو كانت موعودة بموقع 'سيدة مصر الأولى'، ولا شك أن شفيق فيه من 'رائحة الحبايب'، فقد وعد بعودة جهاز مباحث امن الدولة، وقال ان مبارك هو مثله الأعلى.. ثكلته أمه. لا أعرف ما الذي يعجب الهام شاهين في حسني مبارك؟.. تماماً كما لا اعرف سر إعجاب قارئ موريتاني بمقالاتي، على الرغم من انه لا يعرف كثيرا من المصطلحات الواردة فيها.. ولا أنا، ومن قبل أرسل لي يسأل عن ' الشحتفة'، وبدون الدخول في تفسيرات غير مفهومة، فانصحه بمشاهدة 'الست أمينة' في تعاملها مع 'سي السيد' في ثلاثية نجيب محفوظ، ليعرف 'الشحتفة' على أصولها، وهي من 'شحتف.. يتشحتف .. شحتفة'.. والله أعلم!. في لقاء 'المصابينا' أعلنت 'المكلومة' الهام شاهين ان 'الحرية التي كنا ننعم بها في حكم مبارك كانت كبيرة.. والآن لسنا أحراراً'، ولم اغضب منها فأنا اقدر ظروفها النفسية، ويبدو انها كانت تنعم بحرية خاصة، لم تمتد لتصل إلي، والناس فيما يعشقون مذاهب!. سب الثوار موقف السيدة الفاضلة الهام شاهين، ذكرني بموقف مماثل جرت وقائعه على بعد خطوات من القصر الجمهوري في مصر الجديدة، إذ كنت واحداً من الآلاف الذين حاصروا القصر في الجمعة الأخيرة من عهد مبارك، وكنا قد استمعنا منذ قليل الى بيان عمر سليمان بتنحي مبارك، فعمت الأفراح الشوارع، وكنت أبحث عن سيارة تقلني الى ميدان التحرير، عندما وجدت سيارة مسرعة، وفتاة تطل منها تشتمنا بأقذع الكلمات وبدا واضحا ان السائق يسرع حتى لا تتعرض للاعتداء عليها. كنت في دهشة لان كلماتها لم تدفعني للغضب، فقد بدت لي مؤمنة بموقفها لدرجة انها تعلنه وسط هذا الطوفان الثوري، وبدا لي أنها ليست مستفيدة من عصر مبارك، فهل كانت الهام شاهين بالفعل ليست مستفيدة من هذا العهد وان موقفها مبدئي ايضاً؟! الهام كانت واحدة من الممثلات اللاتي استعان بهن النظام السابق للدفاع عنه وتشويه الثورة، وتذكرون بطبيعة الحال الفنانة التي ظهرت عبر شاشة التلفزيون تروي قسوة المتظاهرين الذين تسببوا في إغلاق المحلات لأبوابها فلم تستطع ان تلبي نداء ابن أختها وهو ' يتحشتف' ويقول لها ان نفسه في 'ريش'.. وكان مطعم الكباب مغلقاً. في مقابلة لها على 'mbc' في برنامج 'أنا والعسل مع نيسان' وصفت الهام شاهين توفيق عكاشة نجل صاحبة قناة 'الفراعين' بأنه رمز لكل شجاع في مصر، ومن يومها حمدت الله على أنني لست شجاعاً. عكاشة كان قرر التحول بعد تنحي المخلوع، لكن بعض العاملين معه في برنامجه قطعوا عليه الطريق بأن سربوا فيديو عبر 'اليوتيوب' له وهو ينحني ويقبل يد الرائد متقاعد صفوت الشريف، فأعلن في برنامجه انها صورة مفبركة، فدفعوا بلقطة أخرى وهو ينحني ويقبل يد المذكور في محفل آخر، فأعلن انه قبل يده وسيقبل رجليه، وعاد أدراجه كمتبني للثورة المضادة. ولم يكن بإمكان الهام شاهين ان تتحول وما قالته مسجل ومنشور، فعاشت بالأمل، وجاء ترشح شفيق للانتخابات الرئاسية ليجعل لها قضية، فسقط شفيق، فتملكها أمل جديد بإسقاط الرئيس محمد مرسي فيما أطلق عليه الثورة الثانية وكان مقرراً لها يوم 24 أغسطس، فتعاطت حبوب الشجاعة وأعلنت: 'لا اعترف بمحمد مرسي رئيساً ونهايته يوم 24 أغسطس'، لكن مرسي استدار وعزل قادة المجلس العسكري، وشاهدنا الهام شاهين وهي تشيد بموقف الرئيس من قضيتها. قضيتها تمثلت في هذا الشيخ الموتور الذي هاجمها على النحو سالف الذكر في برنامج يحمل اسماً وقوراً 'القرآن والسنة'، وهو هجوم مدان بكل لغات الدنيا، لكن تبدو الأزمة في ان كثيرين ممن ينتمون للثورة اعتبروا ان الهجوم عليها يمثل لحظة فارقة في تاريخ الأمة، ولأن من هاجمها سلفي، ومصر في حالة استقطاب سياسي حادة والكيد هو السياسة المعتمدة من كافة الأطراف، فقد تم بالتالي نسيان مواقف المذكورة التي لا تنسى، وسبها في الثوار، وقولها في مقابلة 'الشحتفة' في وصف مبارك: 'ظلموه كثيرا.. وسوزان مبارك قدمت الكثير'.. وكانت رولا خرسا قد وصفتها ب 'الفنانة الجميلة' ولا نعرف ماذا كان هذا يدخل في سياق الشهادة الزور أم جبر الخواطر، فالهام شاهين أصبحت من القواعد من ا لنساء. حماقة منقطة النظير القوى الأخرى تعاملت على أنها معركة بين الفن والجمال والحرية، وهذه القيم تمثلها الهام شاهين، وبين أعداء الفن والجمال والحرية ويمثلها الداعية عبد الله بدر، وجرى بالتالي تدشين الهام زعيمة للأمة، وللأمم المجاورة، وفي مصر لا تعرف عموم القوى ما ظهر منها وما بطن معنى ان تكون المواقف مبدئية، وبعض القوي المحسوبة على الثورة قد لا تجد ما يمنع من أن تبيع الثورة والثوار والشهداء إذا كان هذا ضروري في معركتها مع تيار الإسلام السياسي. والحكم الاخواني في مصر يمكن ان يبيع كل هؤلاء، بل ويستعين بعضو بلجنة السياسات ضمن الطاقم المحيط بالرئيس محمد مرسي، في سبيل الهيمنة والاستحواذ، وحصار القوى المناوئة. لقد أظهر الشيخ عبد الله بدر حماقة منقطعة النظير عندما سعى لتعزيز موقفه أمام المحكمة، فقدم لها صوراً من أفلام وفي مواضع مخلة، واطلع عليها الصحافيين، وقالت شاهين أنها صوراً مفبركة ولا تخصها. وقد اعتبر المنتمون للتيارات التي تمثل خصماً للإسلام السياسي أنها الحرب ضد الفن، وكما لو كانت الهام شاهين هي العنوان للفن المصري، وكما لو كانت هي نموذج ' السينما النظيفة'. وفي هذه الأجواء فرض البعض الهام شاهين كمحمية طبيعية، وتم تدشينها زعيمة، وانطلقت هي باعتبارها زعيمة لتتهم قناة الجزيرة بالتواطؤ لهدم مصر، باعتبار الثورة معول هدم، وذلك في برنامج 'منتهى الصراحة' على قناة 'الحياة' التي تمثل الاحتياطي الاستراتيجي للفلول. لا بأس، فبإمكاننا أن نلعن خصومنا السياسيين دبر كل صلاة، لكن هذا لا يكون ابدا بتعزيز موقف خصوم الثورة، ومن أساءوا الى الشهداء، ووقفوا بجانب نظام مبارك المجرم. ولا مشكلة عندي في ان تصبح الهام شاهين زعيمة بفضل سياسة ' الكيد' المعتمدة سياسياً، فالمشكلة عندي هي ان تهدد بتدويل قضيتها فأنا أخاف ان يعتبر مجلس الأمن مصر منطقة خطرة، وقد يفرض علينا الحظر الجوي فكيف ألبي دعوة لزيارة جزر القمر؟.. هل أسافر بالتوك توك؟ صحافي من مصر [email protected]