اليمن الذي كان بالأمس «سعيدًا» أضحى اليوم ساحة مفتوحة لمختلف الطوائف والتنظيمات الإرهابية التي وَجدت فيه أرضًا خصبة لممارسة نشاطاتها وتصدير أفكارها لدول الجوار، فمنذ ما يزيد على العقد واليمن في مد وجزر مع تنظيم القاعدة، الذي له تواجده في بعض المحافظات اليمنية، لكنَّ السؤال الذي يطرح نفسه هو عن السر وراء الفترة الزمنية (المتطاولة) للقاعدة على أرض اليمن، هل هو نتيجة القوة الفاعلة للقاعدة في اليمن؟ أم هو نتيجة ضعف القوى الأمنية؟ أم لغياب الخطط الاستراتيجية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى اجتثاث هذا التنظيم؟! أم أن هناك أمورًا يتطلب تحقيقها بقاء القاعدة وعدم استئصالها؟!. تنظيم القاعدة الذي وُلِد في أفغانستان بإشرافٍ غربي وبذلٍ عربي على الرغم من كونه ولد في أفغانستان إلا أنه لم تعد له فيها تلك القوة، ولم تعد له تلك الجلبة مقارنة مع موطنه الثاني (اليمن)، ولا أظن الحكومة الأفغانية أشد قوة من الحكومة اليمنية، ولا أظن الدعم الغربي (الأمريكي) لليمن في مواجهة القاعدة يقل عنه في أفغانستان، ومع ذلك لا تزال القاعدة -حسب وسائل الإعلام- تتجذر وتتمدد في اليمن، وتنكمش في أفغانستان، وحينما نتكلم عن القدرة العسكرية لليمن فإننا نتذكر قيام الوحدة اليمنية عام (1990م) التي ما أتت إلا نتيجة الإمكانات العسكرية التي استطاعت حسم الموقف، ثم لا ننسى كذلك وقوف تلك الإمكانات بوجه الحراك الجنوبي الذي لم يُكتب له النجاح، ولم يحقق شيئًا على أرض الواقع، وبناء على هذين الإنجازين نتساءل عن الأسباب التي جعلت تلك الإمكانات العسكرية تعجز عن حلحلة تنظيم القاعدة في اليمن، وفي ضوء هذين الإنجازين (تحقيق الوحدة وقمع الحراك الجنوبي) اللذين حققتهما الحكومة اليمنية (السابقة) تبرز إلى الواجهة مسألة تنظيم القاعدة ليتشكل حولها سؤال عريض عن السر وراء بقائه وتمدده وعدم قدرة الحكومة اليمنية السابقة على اجتثاثه، ولعلنا في هذا المقام نستحضر تجربة المملكة في التعامل مع الإرهاب الذي طالها ذات يوم، لكنها استطاعت بفضل الله أن تتغلب عليه فاختطت لنفسها مسارين في التعامل معه: الأول، مسار الحزم مع مرتكبي الأفعال الإرهابية ومن يغذيها، الثاني، مسار التعامل بأسلوب المناصحة مع المغرر بهم، ويبدو أن الحكومة اليمنية السابقة لم تأخذ بهذين الأسلوبين وبالتالي لم تستفد من تجربة المملكة؟! ولذلك وتفسيرًا للفترة الطويلة التي أمضتها القاعدة على أرض اليمن فإنني أراها لا تخرج عن احتمالين: الأول، أن تواجد القاعدة في اليمن ليس بتلك الضخامة التي تصورها وسائل الإعلام خاصة في عهد الحكومة السابقة؛ فهو لا يعدو كونه (أي التواجد) خلايا مجهرية قليلة وخاملة لا تشكل خطرًا على اليمن. الثاني، أن التنظيم موجود وله ممارساته الإرهابية بحق اليمن ومواطنيه، لكنَّ استمرار تواجده أمر كان يصب في مصلحة الحكومة السابقة؛ كونه حقق لها التعاطف الدولي، وضمن لها استمرارية تدفق الدعم المالي والسياسي في مواجهة التنظيم.. ما يُقال عن تنظيم القاعدة يُقال عن تنظيم الحوثيين الذي تراخت معه الحكومة السابقة لحاجة في نفسها حتى نما وكبر فأصبح قابلًا للانفصال، ولذا فالمؤمل من الحكومة اليمنية (الجديدة) أن تضع حدًّا نهائيًّا للغز تنظيم القاعدة إن رأت أنه يُشكِّل خطرًا حقيقيًّا عليها؛ فتوظف الإمكانات العسكرية التي حققت الوحدة وقمعت الحراك الجنوبي توظيفًا يضمن اجتثاثه، أو تضع التنظيم في حجمه الطبيعي غير المبالغ فيه وبذا تَفك لنا شفرة تشاغل الحكومة السابقة بمكافحة الإرهاب طوال تلك المدة. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain