صدق البرلمان اليوناني مساء أمس على ميزانية تقشف جديدة للعام 2013، على أمل إنقاذ البلاد من إفلاس سريع وضمان استمرار الدعم من الجهات الدائنة للبلد وهي الإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وبعد تظاهرة معارضة للتقشف لم تجمع الكثير من الحشود مساء الأحد أمام البرلمان بدعوة من النقابات، صوت 167 نائبا من أصل 300 بالموافقة على هذه الميزانية في ختام مناقشات محتدمة. إلا أن المعضلة المطروحة على النواب هي ذاتها التي يواجهونها منذ بدء أزمة الديون عام 2010، وهي الخيار ما بين الموافقة على مدخرات بقيمة تسعة مليارات يورو خلال العام 2013 وللسنة السادسة على التوالي من الانكماش، أو المجازفة بدفع البلاد التي باتت خزنتها فارغة إلى التعثر عن دفع مستحقاتها في مهلة سريعة نسبيا. وحصلت الميزانية على 167 صوتا من أصل الأصوات ال168 لنواب الأحزاب الثلاث المشاركة في الائتلاف الحاكم وهي حزب الديمقراطية الجديدة اليميني وحزب باسوك الاشتراكي وحزب اليسار الديمقراطي ديمار. وصوت 128 نائبا من أحزاب المعارضة ضد الميزانية، فيما امتنع أربعة عن التصويت، من أصل 299 نائبا كانوا حاضرين، بحسب التعداد الرسمي. وبذلك يكون رئيس الوزراء انتونيس ساماراس نجح في الإبقاء على تماسك ائتلافه بعد أختبار أول لدى التصويت قبل أربعة أيام على قانون نص على إجراءات تقشف مشددة لأربع سنوات إضافية، وأقر بغالبية ضئيلة قدرها 153 صوتا. وقال ساماراس لدى خروجه من البرلمان "قمنا بالخطوة الثانية الحاسمة، والآن حان وقت النمو والانتعاش"، في إشارة إلى عملية تصويت أولى الأربعاء على مدخرات بقيمة 18 مليار يورو بحلول العام 2016. كان وزير المالية يانيس ستورناراس قد أكد أن إقرار ميزانية التقشف الجديدة ستسمح بصرف قروض من الإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي "في الوقت المناسب". وتنتظر اليونان بفارغ الصبر الحصول على حصة من القروض المقررة لها تقارب 31,2 مليار يورو لمساعدتها على مواجهة مستحقاتها في وقت نفدت منها السيولة، فيما تجمد الجهات الدائنة الدولية هذا المبلغ منذ يونيو لإرغام البلاد على إقرار برنامج صارم لإصلاح الميزانية. وأعلن ستورناراس أمام النواب "إننا بحاجة إلى هذه الحصة، لأن وضع احتياطي الدولة وصل إلى حدوده، وفي 16 نوفمبر سيتحتم تسديد سندات خزينة بقيمة 5 مليار يورو". كما تلقت خطة التقشف دعم زعيم حزب باسوك الاشتراكي ايفانغيلوي فينيزيلوس الذي تراجع حزبه كثيرا بعدما صادق على خطط التقشف المتتالية منذ العام 2010. وقال "إن اليونان باتت منهكة" داعيا إلى تسوية مشكلة الدين عشية اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل. أما فوتيس كوفيليس زعيم حزب ديمار فقد صوت هو أيضا على الميزانية بعدما امتنع عن التصويت على قانون التقشف قبل أربعة أيام. وأبدى زعيم المعارضة اليكسيس تسيبراس رئيس حزب سيريزا "يسار راديكالي" مخاوف حيال وضع الدين وقال "إن الدين لا يحتمل، وحدها -المستشارة الألمانية انجيلا ميركل- تعتقد ذلك" مجددا عرضه "شطب الديون مع إقرار بند خاص بالنمو". وقبل أيام قليلة من الإضرابات والاحتجاجات ضد التقشف المقررة عبر أوروبا في 14 نوفمبر والتي ستطاول بصورة خاصة بلدان جنوب أوروبا، دعا تسيبراس إلى "حل شامل من اجل شطب قسم كبير من ديون هذه البلدان". وتظاهر 15 ألف شخص بحسب الشرطة بهدوء مساء الأحد في أثينا أمام البرلمان في ساحة سينتاجما التي تشهد تظاهرات حاشدة منذ عام 2010 ضد خطط التقشف التي تعاقبت في اليونان لقاء الحصول على قروض من الإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وتجمع مساء الأحد كان بعيدا جدا عن أجواء التظاهرات التي جرت الأسبوع الماضي ضد القانون الإطار بمشاركة سبعين ألف شخص. وقالت أولجا ب. (35 عاما) وهي معلمة للغة الإنجليزية في مدرسة عامة تراجع صافي راتبها الشهري إلى 960 يورو "إننا هنا لنؤكد أننا لن نستسلم". ويجتمع وزراء المالية في دول منطقة اليورو الاثنين في بروكسل لبحث وضع اليونان وتصحيح ميزانيتها وتطور وضع ديونها. وتنتظر منطقة اليورو قبل الإفراج عن الجزء المطلوب من المساعدة، تقرير خبراء الجهات الثلاث الرئيسية الدائنة لأثينا "الإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي" الذي يتناول إجراءات الادخار الجديدة التي اتخذتها اليونان ومسار دينها الذي يرتفع بشكل هائل مبتعداً عن الهدف المحدد له بحلول العام 2020 وقدره 120% من إجمالي الناتج الداخلي.