الدوحة- قنا: بأمعاء خاوية يخوضون معركتهم في سبيل الحرية ويحدوهم الأمل بأن تلقى قضيتهم اهتماماً متزايداً من القمة العربية الرابعة والعشرين المقررة في الدوحة الشهر الجاري، تلك هي قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال المضربين عن الطعام للمطالبة بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري ووقف الاعتداءات والاقتحامات لغرف وأقسام الأسرى في سجون الاحتلال. ومع اقتراب موعد القمة العربية بالدوحة، دعا عدد من القيادات الفلسطينية، القمة العربية لأن تعمل على حل قضية الاسرى المضربين عن الطعام من خلال تدويل أزمتهم وإجبار إسرائيل على الإفراج عنهم وعدم المماطلة في تلك القضية بالذات باعتبارها قضية إنسانية ولا بد أن تكون خارج مجال المفاوضات بين الجانبين. وكان نادي الأسير الفلسطيني قد أعلن أنّ عدد الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون إسرائيل قد ارتفع إلى 11 مضرباً مع انضمام سبعة معتقلين إلى سامر العيساوي وأيمن الشراونة وجعفر عز الدين وطارق قعدان الذين ينفذون الإضراب عن الطعام منذ مدة طويلة. وبدأت " معركة الأمعاء الخاوية " من داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية في 17 أبريل 2012، حيث امتنع 1600 أسير فلسطيني عن تناول وجبات الطعام لذلك اليوم وأعادوها إلى إدارة السجون في خطوة أطلقوا عليها "معركة الأمعاء الخاوية" التي فضلوا فيها الجوع على الخضوع للسياسات الإسرائيلية التعسفية. وتعددت الأسباب التي من أجلها أعلن الأسرى في سجون الاحتلال إضرابهم عن الطعام منها إنهاء سياسة الاعتقال الإداري والعزل الانفرادي وإعادة التعليم الجامعي والتوجيهي ووقف الاعتداءات والاقتحامات لغرف وأقسام الأسرى، والسماح بالزيارت العائلية وخاصة لأسرى قطاع غزة ووقف العقوبات الفردية والجماعية بحق الأسرى. وقال وزير شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين عيسى قراقع، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية، إن قضية الأسرى والمعتقلين ستطرح على جدول أعمال القمة، مشيراً إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيطلع الزعماء العرب خلال القمة على واقع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال وكذلك على حال الأسرى الفلسطينيين جميعاً. وأضاف قراقع أن الرئيس عباس سيطالب خلال القمة بالتدخل لإنقاذ حياة الأسرى المضربين عن الطعام منذ ما يناهز أربعة أشهر دون أي استجابة من قبل سلطات الاحتلال، مشدداً على أن حياة هؤلاء الأسرى باتت مهددة. وأوضح أن القمة العربية ستبحث دعم تدشين صندوق عربي لدعم برنامج تأهيل وتدريب الأسرى المفرج عنهم من خلال إدخالهم في برامج التأهيل المهني والتدريب لمساعدتهم في التغلب على المشكلات التي يواجهونها فور خروجهم من معتقلات الاحتلال، من خلال البحث عن عمل ومقاومة ظروف الحياة الصعبة في الأراضي المحتلة. ولفت وزير شؤون الأسرى والمحررين إلى أن هذا الصندوق تم إقراره في العراق برعاية الجامعة العربية وسيطرح على القمة المقبلة من أجل الموافقة عليه وبدء تنفيذه بشكل رسمي برعاية الجامعة العربية. يشار إلى أن العراق استضاف المؤتمر الدولي للتضامن مع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي في الفترة ما بين 11-12 ديسمبر الماضي، تنفيذاً لقراري قمتي سرت رقم 504 عام 2010 وبغداد رقم 551 عام 2012، وتم خلال المؤتمر الاتفاق على إنشاء صندوق إعادة تأهيل الأسرى المحررين. ورفض الوزير الفلسطيني ما يتردد بأن قضية الأسرى قضية إنسانية ويجب فصلها عن مسار المفاوضات، مشدداً على أن القضية " سياسية في المقام الأول " ولا بد أن يكون أي حل أو مفاوضات بين الجانبين يشمل هذه القضية باعتبارها إحدى أهم قضايا الخلاف. وأضاف قراقع أن الرئيس محمود عباس أكد في أكثر من مناسبة أن أي عودة للمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي سيتم فيها طرح قضية الأسرى باعتبارها قضية سياسية وطنية وليست قضية إنسانية فحسب. واختلف الدكتور هاني المصري الكاتب والمحلل السياسي مع تصريحات وزير الاسرى والمحررين الفلسطيني، مؤكداً ضرورة فصل قضية الأسرى عن المفاوضات باعتبارها قضية إنسانية في المقام الأول " ويجب على الدول العربية والمجتمع الدولي بوجه عام النظر إلى قضية الأسرى باعتبارها قضية إنسانية تحتاج إلى حل سريع للغاية " . وطالب المصري، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية، القمة العربية المقبلة في الدوحة بأن تتخذ قرارات صارمة تجاه قضية الأسرى الفلسطينيين خاصة هؤلاء المعتقلين المضربين عن الطعام احتجاجاً على اعتقالهم الإداري المنافي لكافة القوانين والأعراف الدولية. وشدد على ضرورة اللجوء إلى المؤسسات الدولية، الأممالمتحدة ومجلس الأمن، من أجل طرح قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بالإضافة إلى اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية عن طريق اتهام القادة في إسرائيل بتهمة جرائم الحرب التي تجري بشكل يومي ضد الشعب الفلسطيني. وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربى قد دعا مجلس حقوق الإنسان والصليب الأحمر الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية المعنية إلى التحرك السريع والفعال لنصرة قضية المعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وأعرب العربي عن قلقه البالغ على مصير المعتقلين الفلسطينيين، داعياً إلى إجراء تحقيق دولي فى ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين. وأكد على ضرورة إطلاق تحرك عربي ودولي فعال من أجل إنقاذ حياة الأسرى الفلسطينيين ونصرة قضيتهم إزاء ما يعانونه في سجون الاحتلال الإسرائيلي من تعذيب ومعاملة غير إنسانية وانتهاكات لحقوقهم وهو ما يشكل مخالفات خطيرة لالتزامات إسرائيل باتفاقيات جنيف والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الأسرى والمعتقلين. وشدد الأمين العام على التزام جامعة الدول العربية بمواصلة جهودها مع الجهات الحكومية الفلسطينية المعنية ومنظمات المجتمع المدني من أجل التخفيف من معاناة هؤلاء المعتقلين وإطلاق سراحهم. ويقول الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين السابق إن معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها الأسرى في سجون الاحتلال هي معركة الأمة بكاملها " فقد اعتقلوا وهم يدافعون عن مقدساتها وكرامتها وشرفها، فهي تتحمل بذلك مسؤولية عظيمة بعلمائها وحكامها وشعوبها بنصرتهم والتضامن معهم بكل أشكال التضامن، وموآزرتهم وإسنادهم في مطالبتهم بحقوقهم، لأنهم يضحون بحريتهم في سبيل قضيتهم وأمتهم ووطنهم". ودعا التميمي، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية القمة العربية المقبلة في الدوحة إلى اتخاذ قرارات صارمة في قضية الأسرى، مشدداً على أن الأسرى الذين يضربون عن الطعام في سجون الاحتلال يمثلون الربيع العربي الفلسطيني الراغب في تحقيق الحرية لشعبه متزامنا مع ما يحدث في عدد من البلدان العربية حالياً. وحمل التميمي سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن أي إضرار بالأسرى أو مساس بحياتهم وقال " قبل ذلك يجب علينا وعلى الأمة كافة تحريرهم من قيود الأسر بكل الوسائل الممكنة "، مطالبا بتدويل قضية الأسرى باللجوء إلى المحاكم الدولية المختصة لملاحقة ومعاقبة إسرائيل على اختطافهم خلافاً للقوانين والاتفاقيات الدولية والزج بهم في معتقلات النسيان، فهذه الخطوة من أهم الخطوات التي ستضع حداً لسلطات الاحتلال الإسرائيلي ولجرائمها ضد الشعب الفلسطيني. وشدد التميمي في نهاية تصريحه على أن إنهاء سياسة الاعتقال الإداري والإفراج عمن صدرت بحقهم أحكام البراءة هي مطالب شرعية يطالب بها الفلسطينيون، ويأملون أن تكون القمة العربية بالدوحة بداية لموقف عربي جديد تجاه قضيتهم.