وقّعت شركات إماراتية عقوداً بمبلغ يصل إلى أكثر من 3،7 مليار درهم إماراتي (نحو مليار دولار) لدعم الإنشاءات النووية في موقع براكة، موقع إنشاء محطات الطاقة النووية السلمية لدولة الإمارات، وقد مُنحت هذه العقود من خلال التعاون المشترك بين مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركة الكورية للطاقة الكهربائية "كيبكو" خلال الأعوام الثلاثة الماضية في إطار سعيهما إلى دعم الصناعة الوطنية . وبحسب المهندس محمد إبراهيم الحمادي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، يبلغ عدد الشركات الإماراتية التي استفادت من البرنامج النووي الوطني حتى الآن نحو 180 شركة تعمل في مجالات مختلفة، كما سجلت مئات الشركات الأخرى لدى المؤسسة والشركة الكورية سعياً للحصول على فرص للتعاون في المستقبل، حيث من المقرر أن ينتهي العمل في البرنامج النووي عام 2020 . قال الحمادي في تصريح خاص ل "الخليج": "نحن نعمل لتطوير برنامج نووي سلمي لإنتاج الكهرباء حسب أعلى المعايير العالمية، وهو ما يتطلب سلسلة توريد واسعة النطاق تدعم تركيزنا على التميز، وتمتلك الإمارات قاعدة كبيرة من الموردين ذوي الخبرة، حيث إن العديد منهم باتوا قادرين على تلبية أعلى معايير السلامة والجودة التي نتطلّبها، بفضل الخبرة المتراكمة لديهم من العمل في مجالي النفط والغاز" . وأشار الحمادي إلى أن العقود التي حصلت عليها الشركات الإماراتية تشمل مختلف المجالات والخدمات، بما في ذلك الجرف البحري وتأمين الصلب والمعادن والأسلاك، وكل ما يتعلق بأنشطة مشاريع الإسكان وبناء الموقع، لافتاً إلى أن المؤسسة تسعى بعملها مع الشركات المحلية إلى الارتقاء بالأنظمة للحصول على شهادة الاعتماد من الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين، التي تؤكد مواكبة البرنامج النووي السلمي الإماراتي مع جميع المعايير الصارمة للسلامة التي وضعتها الجمعية . وأضاف الحمادي: "لطالما كانت التنمية الصناعية عاملاً مهماً في قرار الإمارات بدعم الطاقة النووية السلمية، حيث إن هذه الصناعة الحديثة والتقنية العالية ستساعد في النمو الاقتصادي وتوفّر فرص عمل عديدة وتدعم التنمية في إمارة أبوظبيوالإمارات على المدى البعيد، كما ستدعم شركات الأعمال الإماراتية الحالية، فالبرنامج النووي الإماراتي يسهّل تطوير سلسلة توريد محلية للطاقة النووية السلمية" . ولفت الحمادي إلى أن فريق التطوير الصناعي المكون من المؤسسة والشركة الكورية "كيبكو"، يعمل مع الشركات الإماراتية لضمان تتبعها لأعلى معايير الجودة والمعايير التقنية للمشاركة في المناقصات، كما تعقد المؤسسة بالتعاون مع شركة "كيبكو" منتديات منتظمة للموردين لإبلاغ الشركات المحلية عن الفرص المستقبلية والخطوات المطلوبة للتسجيل في عملية المناقصات لمشاريع مفاعلات "براكة" . يذكر أن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية قد منحت عام 2009 عقد المقاول الرئيس في برنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية، للشركة الكورية "كيبكو"، وهي تعد ثالث أكبر شركة للطاقة النووية في العالم، وشركة رائدة من حيث مستويات السلامة والكفاءة وفعالية المحطات النووية، وفقاً لتقييم الاتحاد الدولي لمشغلي الطاقة النووية، كما تحرز حالياً أعلى الدرجات على مؤشرات برنامج الأداء الذي يعتمده الاتحاد . وقد تم اختيار "كيبكو" بعد عملية تقييم صارمة استمرت لمدة عام قامت بها لجنة مؤلفة من 75 عضواً من أبرز الخبراء، وستقوم "كيبكو"، في إطار عقدها البالغة قيمته 20 مليار دولار (72 مليار درهم)، بتصميم وبناء والمساعدة على تشغيل أربع محطات للطاقة النووية بقدرة 1400 ميغاواط لكل محطة، ويتوقع أن يبدأ تشغيل المحطة الأولى عام ،2017 ومن ثم المحطات الثلاثة الأخرى بحلول 2020 . وقال جون يون بيون النائب التنفيذي لرئيس "كيبكو" ل"الخليج": "نبحث دائماً عن الموردين الذي يضعون السلامة على رأس أولوياتهم ويعملون بشفافية ومصداقية في جميع الأوقات ليقدموا أداءً ذا جودة وكفاءة للمؤسسة، ومن خلال العمل مع المؤسسة لضمان الامتثال لمتطلبات الصناعة النووية، ستحصل الشركات على فرصة لتوفير منتجات وخدمات البرنامج النووي السلمي الذي سيستمر تشغيله 60 عاماً" . ويبلغ عدد الشركات الوطنية العاملة في مشروع الطاقة النووية السلمية بالدولة حتى اليوم نحو 180 شركة، إضافة إلى مئات الشركات التي تستعد للحصول على فرصة أو حصة من المشروع، في ظل امتلاكها للخبرات والكوادر التي تؤهلها لإنجاز مهامها وفق أرقى المعايير والمواصفات العالمية المطلوبة في هذا المشروع الحيوي بالنسبة إلى الإمارات عموماً وأبوظبي خاصة على صعيد سعيها لتنويع مصادر الطاقة . وتخطط أبوظبي إلى إنتاج نحو 25% من الطاقة الكهربائية التي تحتاجها الدولة في ،2020 فيما تلبي الطاقة المتجددة نحو 7% من هذه الطاقة، وبحسب الدراسات المتخصصة، يتم حالياً توليد نحو 14% من الطاقة الكهربائية العالمية باستخدام الطاقة النووية، وذلك عبر 400 محطة طاقة نووية عاملة حالياً موزعة على 25 دولة، ولاتزال هذه المحطات مصدراً موثوقاً للطاقة لأكثر من 50 عاماً . وصرّح الدكتور أحمد الشيخ رئيس مجلس إدارة "دوكاب" ل "الخليج": "تعدّ "دوكاب" الشركة الأولى في العالم المصرّحة لتأمين أسلاك الطاقة والإضاءة بعمر تشغيلي يصل إلى 60 عاماً، أي ما يُطابق العمر التشغيلي لمحطات الطاقة النووية في موقع براكة . ويعد هذا التعاون إنجازاً مهماً بالنسبة لدوكاب الذي تحقّق بعد عامين من الأعمال التطويرية التي أجريناها في مرفقنا بدولة الإمارات . وخلال عملية التطوير والاعتماد، عملنا على نحوٍ وثيق مع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، الأمر الذي من شأنه مساعدتنا على النجاح . ونحن فخورون جداً الآن بتوقيع عقد تأمين الأسلاك لمشروع براكة للطاقة النووية السلمية" . من جهته، قال المهندس سعيد الرميثي الرئيس التنفيذي لشركة الإمارات لصناعات الحديد ل"الخليج": "عملت كل من حديد الإمارات والمؤسسة معاً لأكثر من 18 شهراً للارتقاء بعمليات الجودة لأعلى المعايير العالمية، ونتيجةً لهذا التعاون الوثيق أصبحت حديد الإمارات الشركة الرابعة على مستوى العالم والمعتمدة من ASME لإنتاج حديد التسليح المعتمد والمخصص للإنشاءات النووية . ويعدّ هذا إنجازاً رائعاً لحديد الإمارات ويعكس التزام شركتنا بتطبيق أعلى معايير الجودة التي يتطلبها البرنامج النووي السلمي الإماراتي، وبدون هذا الاعتماد لم نكُن لنحصل على فرصة للمشاركة في هذا المشروع" . وصرّح إيهاب خوري مدير التسويق والمبيعات في شركة تصنيع المعادن الفنية ل"الخليج": "يسر شركة تصنيع المعادن الفنية بأبوظبي أن تكون أول شركة في الإمارات تتعاون مع شركة كورية في تشييد المفاعلات النووية في موقع "براكة" بالمنطقة الغربية، وقد عملنا عن كثب مع خبراء المؤسسة والشريك الكوري لأشهر عدة بهدف نَيل هذا العقد ويشرّفنا الآن أن نكون جزءاً من البرنامج النووي السلمي الإماراتي" . وقد تقدمت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية مؤخراً بطلب رخصة إنشاء المحطتين النوويتين الثالثة والرابعة إلى الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، ويتألف الطلب من 10 آلاف صفحة تتضمن، التقرير الأولي لتحليل السلامة، تقرير تقييم المخاطر المحتملة، التقرير المستقل للتحقق من السلامة، خطة الضمانات الأولية، دليل ضمان الجودة للتصميم والإنشاء لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، خطة الحماية المادية . ويستند طلب رخصة الإنشاء للمحطتين النوويتين الثالثة والرابعة إلى طلب رخصة الإنشاء للمحطتين النوويتين الأولى والثانية في براكة وتحليل السلامة للمحطتين النوويتين التابعتين للشركة الكورية للطاقة الكهربائية "كيبكو" وهما شين كوري الثالثة والرابعة، اللتان حصلتا على التراخيص من المعهد الكوري للسلامة النووية، وتعد هاتان المحطتان بمثابة المحطات المرجعية بالنسبة للبرنامج النووي السلمي الإماراتي . حقائق حول الطاقة النووية يشكل إشعاع صناعة الطاقة النووية أقل من 1% مما نتلقاه من المصادر الأخرى . يستخدم 29 بلداً حول العالم طاقة نووية آمنة وصديقة للبيئة لتوليد الكهرباء . يوجد حالياً 441 محطة طاقة نووية تنتج 14% من الطاقة الكهربائية في العالم . يعتمد 16 بلداً على الطاقة النووية في إنتاج ربع احتياجاتها على الأقل من الكهرباء . يوجد حالياً 61 محطة جديدة للطاقة النووية قيد الإنشاء تتوزع على 15 بلداً . تتوقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنشاء 70 محطة جديدة في العالم حتى 2030 . تنتج حبيبة يورانيوم كهرباء تكافئ إنتاج 474 لتراً من النفط أو طناً من الفحم . تنتج حبيبة يورانيوم كهرباء تكفي لتشغيل منزل أربعة أشهر من دون انبعاث للكربون . ينتج المفاعل النووي تجاري نموذجي نحو 400 متر مكعب من النفايات سنوياً . تعدّ محطات الطاقة النووية من المرافق الأكثر أماناً في العالم . لا يمكن اختراق قلب المفاعل عن طريق انفجار من الخارج، كتحطم طائرة مثلاً . لا يمكن أن ينفجر المفاعل النووي مثل القنبلة، فمستوى تخصيب اليورانيوم منخفض جداً، وهو أقل بكثير من عملية التخصيب المطلوبة لإنتاج الأسلحة النووية . أظهر بحث أجرته حكومة الإمارات أن إنتاج كيلو واط/ الساعة من الكهرباء النووية يكلف أقل من ثلث كلفة الكيلو واط/ الساعة من النفط . إذا وقفت على حدود موقع محطة نووية لمدة عام كامل ستتلقى مستويات إشعاع أقل من ربع الإشعاع الذي تتلقاه من جرّاء تصوير شعاعي واحد للصدر عند الأطباء، أو ثلث الإشعاع الذي تتلقاه في رحلة جوية من باريس إلى نيويورك .