تنطلق غداً القمة العربية في دورتها الرابعة والعشرين التي تحتضنها الدوحة وسط مخاض عسير تعيشه الأمة العربية، وتحديات جمة فرضتها الثورات العربية التي انطلقت شرارتها قبل نحو عامين من تونس، وامتدت لتشمل بلداناً عربية أخرى. وإذا كانت القمة العربية تعقد في ظل أجواء استثنائية تعيشها الأمة العربية فإنها في الوقت ذاته تأتي مفعمة بآمال الشعوب العربية لتكون قمة مميزة، خاصة وأنها تعقد على الأرض التي عرفت بموقفها الداعم للشعوب العربية في نيل حريتها وكرامتها. قمة الدوحة لن تكون حدثاً عابراً في مسيرة القمم العربية، فهي تعقد على أرض قطر، التي عرفت بمواقفها المتميزة والداعية لتحقيق حرية الشعوب العربية، كما أنها تعقد في ظل دبلوماسية قطرية نشطة، شهد لها الجميع بالتميز والقدرة الفائقة على قراءة الأحداث، لذا فمن حق الشعوب أن تعول على القمة العربية، وأن تعقد عليها الآمال. وإذا كان الموضوع السوري يمثل حدثاً ضاغطاً على مجمل فعاليات القمة العربية، فإن المطلوب اليوم وأكثر من أي يوم مضى، مد يد العون للشعب السوري للخروج من نفق العنف الذي اختاره النظام السوري سبيلاً للوقوف بوجه ثورة أبناء الشعب، وكان لافتاً القرار الذي اتخذ أمس بمنح مقعد سوريا إلى المعارضة، ليكون مدخلاً مهماً ومفصلياً للتعامل مع الثورة السورية على مستوى الجامعة العربية. وبالمثل فإن القضية الفلسطينية ستكون لها حظوظ كبيرة في مجمل نقاشات قادة الدول العربية، خاصة أن عمليات الاستيطان الإسرائيلي تتواصل دون رادع، وبالتالي فإن الموقف العربي يجب أن يأخذ منحى أكثر جدية في التعاطي مع عمليات التهويد والاستيطان الجارية. ولن تغيب عن قمة التحديات والأمل في الدوحة مناقشة آليات إصلاح الجامعة العربية، فالثورات العربية التي فرضت إيقاعها على العديد من الدول العربية تحتاج إلى نظام عربي جامع يكون هو الآخر أكثر قدرة على التعاطي مع تطلعات الشعوب العربية التي سئمت الاستبداد والظلم. ومن نافلة القول التذكير بمقترح إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان، تكون لها صلاحيات واسعة في مراقبة كيفية التعاطي مع هذه الحقوق في البلدان العربية، بما يضمن عدم عودة أنظمة الاستبداد والقهر. إن الشعوب العربية اليوم تنتظر الكثير من قمة الدوحة، لأنها تدرك جيداً أن رئاسة قطر لهذه الدورة لن تكون اعتيادية، فهي تعرف جيداً المواقف القطرية الرائدة والمميزة في دعم تطلعاتها.