«لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك!» هذا شعار رفعته احدى الشبكات العربية، رفعت خلف المسؤولين فيه لافتة كبيرة كتبت عليها العبارة في اول المقالة، وطبعا الكثير من الناس لا يعرفون ما هذه العبارة ولا من كتبت له! في تدريسي لطلبتي خلال السبعينات والثمانينات علوم الحديث النبوي ومصطلحه وإصدار رسائل فيه، كنت ادرسهم معرفة درجة الحديث (الصحيح الحسن الضعيف الضعيف جدا الموضوع وغيره)، وذلك من خلال معرفة ضعف المتن (النص) وركاكة الفاظه وضعف السند من رواته، وتحذيرهم العمل بالضعيف والموضوع. دواوين رجال (رواة) الحديث كثيرة لا تعد ولا تحصى، يعرفها المتخصصون، قد حفظت لنا اعداد رواة الحديث منذ العهد النبوي الى الخلافة الراشدة، ثم انتقالا الى عصور الاسلام المختلفة بممالكها وانتقال الرواة الى الامصار المختلفة بعد اتساع رقعة دولة الاسلام، فكانت هذه المدونات التي شملت الرواة ومن درسوا على ايديهم، اي النفوس كلها وبصورة منظمة، كانت هناك مثل الهيئة المدنية، وقد احصت كل اولئك الرواة، ولم يضع اسم اي محدِّث كان او راوٍ، سواء كان هذا الراوي ثقة ثبت او ثقة او وضَّاعا (كذابا) او مدلسا او ضعيفا او وهما في روايته او خرفا في آخر عمره.. او.. الشاهد ان هذه العبارة الموضوعة بالخط العريض الكبير «لولاك لولاك لما خلقت الافلاك»! حديث ينسب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ان الله سبحانه قاله عنه وهو من الاحاديث الموضوعة اي المكذوبة على نبينا! وقد اورده العجلوني في «كشف الخفاء» 214/2، والصغاني في «الموضوعات» ص 52، والشوكاني في «الفوائد» ص 326، والالباني في «سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة» 282/1، والسيوطي في «اللآلي المصنوعة» 272/1. ومعلوم ان الكذب على نبينا بنسبة او رواية او استشهاد ونشره بين الناس هو اكذب الكذب. يقول عليه السلام: «ومن حدّث عني بحديث يرى انه كذب فهو احد الكاذبين» رواه مسلم. وقال: «إن كذباً عليّ ليس ككذب على احد، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار». رواه مسلم. لقد كثر في الآونة الاخيرة الاخذ والاستشهاد بالضعيف من الحديث والموضوع منه، وترك الناس الاحاديث الصحيحة الكثيرة واستغنوا عنها بهذا المكذوب الذي كافحه الرواة العدول من المحدثين واساتذة الحديث في كل العصور، حتى وصلتنا السنة النبوية (الاحاديث) نقية صافية من كل هذا الدخيل النشاز والعدو الخفي، الذي طارده العلماء في كل الامصار والعصور، فرحمة الله عليهم على ما قدموا لهذا الدين الخاتم. والله المستعان. *** النشاط سنة. «استدفع الفراغ والعطالة وبطلٌ من يقتل البطالة» أحمد شوقي د. محمد بن إبراهيم الشيباني [email protected]