رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    الوجع كبير.. وزير يمني يكشف سبب تجاهل مليشيا الحوثي وفاة الشيخ الزنداني رغم تعزيتها في رحيل شخصيات أخرى    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    حقائق سياسية إستراتيجية على الجنوبيين أن يدركوها    حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    الزنداني يلتقي بمؤسس تنظيم الاخوان حسن البنا في القاهرة وعمره 7 سنوات    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    تطورات خطيرة للغاية.. صحيفة إماراتية تكشف عن عروض أمريكية مغرية وحوافز كبيرة للحوثيين مقابل وقف الهجمات بالبحر الأحمر!!    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    الضربة القاضية في الديربي.. نهاية حلم ليفربول والبريميرليغ    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل الإمام الشهيد حسن البنا (الرابعة والاربعون)
نشر في أخبار اليوم يوم 15 - 09 - 2012


الحديث القدسي:
أطال أهل الفن القول في تعريف الحديث القدسي ، والفرق بينه وبين القران والحديث النبوي , وخلاصة ما ذكروه في ذلك ، وأولاه بالصواب إن شاء الله:
أن الحديث القدسي إلهام من الله تبارك وتعالى لنبيه في اليقظة أو في النوم صورا من المعاني والمقاصد ، يشعر النبي"صلى الله عليه وسلم" أن الله يأمره بتصويرها لعباده ، فيصورها لهم بعبارة من لفظه هو "صلى الله عليه وسلم" على أنه يرويها عن ربه عز وجل.
ومثاله: حديث أبي ذر الغفاري المطول الذي رواه النووي في أربعينه ، وهو الرابع والعشرون منها:
(يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته محرما بينكم ، فلا تظالموا) الحديث.
وهو بهذا التعريف غير معجز ، ولم يوح به إلى النبي "صلى الله عليه وسلم" بواسطة جبريل عليه السلام ، وليست ألفاظه من عند الله بداهة.
أما القرآن الكريم: فترتسم معانيه وألفاظه في نفس رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بإلقاء الملك ، وينتهي الوحي وقد وعى النبي "صلى الله عليه وسلم" ما ألقي إليه بلفظه ومعناه ، ويبلغه الناس. فيكون معجزا ، لأن لفظه وتركيبه من عند الله .
وأما الحديث النبوي:
فهو تعبير عن الحقائق والمعاني والأفكار التي تفيض بها نفس النبي "صلى الله عليه وسلم" بلفظه هو عليه الصلاة والسلام .. وهو صدق وحق لأنه "صلى الله عليه وسلم" لا ينطق عن الهوى أبدا.
قالوا: ورواية الحديث القدسي صيغتان:
إحداها: أن يقول: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فيما يرويه عن ربه , وهى عبارة السلف.
وثانيتها: أن يقول: قال الله تعالى فيما رواه عنه رسول الله "صلى الله عليه وسلم".. والمعنى واحد.
ولا شك أن الأولى أفضل لأنها لا توهم التشبيه بالقران الكريم.
بين المتن والإسناد:
عرفنا في الفصل السابق كيف أن أئمة هذا الفن - جزاهم الله خيرا - بذلوا منتهى الجهد في تحري أحوال الرواة وشئونهم ، وأن هذا كان مدار ترجيحهم لصدق الحديث وقوته أو ضعفه.
سؤال
ويقول بعض الباحثين: (إنه كان يجب أن تبذل العناية كذلك لتمحيص المتن ، والحكم على قوة الأحاديث وضعفها بما يسفر عنه التمحيص. فقد يأتي بعض المتون وفيه مالا يتفق مع نتائج البحث العلمي , ففي الوقت الذي تصرف فيه الهمة إلى الكشف عن أحوال الرجال ، وتحري شئون الرواة ، يجب كذلك أن نعتني بتطبيق متن الحديث على حقائق البحث العلمي ، والحكم بعد ذلك على الحديث بالميزانين معا لا بميزان واحد).
الجواب
وهذا قول له بعض المبررات ، وفيه كثير من الوجاهة . ويجب أن يكون ذلك من عمل هذا الجيل الممحص النقاد الذي ارتقت فيه وسائل النقد العلمي إلى حد كبير.
ولكن لا يجب أن تفوتنا مع ذلك هذه الملاحظات:
1 - إن اتهام السلف رضوان الله عليهم بإهمال النظر في المتون جملة غير صحيح ، فكثيرا ما كانوا يعنون بهذه النظرة ، ويردون بعض المرويات لهذا السبب ، ويتخذون من عدم انطباق المتن على قواعد الشرع الجلية دليلا على ضعف إسناده ، وعدم نسبته إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ، ووهم راويه , كما رد ابن عباس حديث أبى هريرة رضى الله عنه: (من حمل جنازة فليتوضأ).
وعلل هذا الرد بقوله : (لا يلزمنا الوضوء في حمل عيدان يابسة) , فروح النظر في المتون ، والاستدلال بهاعلى درجة الحديث كانت موجودة إذن.
2 - إن هذا الميزان ميزان اعتباري بحسب العقول والعصور كذلك ، فما نعده نحن اليوم حديث خرافة ، كان يعتبر في بعض العصور الماضية حقيقة من حقائق العلوم والمعارف الرسمية حينذاك.
والشواهد على هذا كثيرة.
وما نعتبره نحن اليوم حقيقة علمية مقررة ، لو ذكر لمن سبقونا لاعتبروا قائله مجنونا ، ولحكموا عليه بالإعدام . وقد فعلوا , وتلك طبيعة التطور العلمي. يوما كنا لنكلف سلفنا فوق ما يطيقون ، وجزاهم الله أفضل الجزاء بما جاهدوا.
أما الأخذ بميزان تمحيص الإسناد ، ومعرفة حال الرواة ، والحكم على درجة الحديث بهذا الاعتبار ، فهو أدق الموازين وأضبطها , لأنه يعتمد على أمور حسية واقعية ، لا يختلف معها النقد الصحيح إلا إذا تدخلت الغايات والأهواء . ومن حسن الحظ أنها لم تتدخل إلا بعد أن تناولت هذا الميزان أطهر النفوس ، وأنقى القلوب ، وأعف الأيدي ، فنفت عنه تحريف الغالين ، وتأويل المبطلين , والحمد لله رب العالمين.
3 - ولهذا كان ما عرف من الأحاديث التي حكم عليها أهل هذا الفن بالصحة مخالف لبعض مقررات العلوم قليلا جدا ، نادرا كل الندرة ، قد أحصى وعرف ، فلم يتعد العشرات إلى المئات إن لم يكن الآحاد , وكثير منها يمكن التوفيق بينه وبين هذه المقررات بضرب مقبول ميسور من التأويل ، والباقي يحمل على أنه رواية بالمعنى لم يدقق فيها الراوي , و (قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ) (يوسف:41) .
وسنعرض لشيء من الأمثلة خلال هذا البحث إن شاء الله .
المتواتر والآحاد
الحديث المتواتر:
هو ما نقل عن عدد من الرواة يحصل العلم بصدقهم ضرورة بأن يكونوا جمعا ، لا يمكن تواطؤهم على الكذب ، يروونه عن مثلهم عن مثلهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم".
ولهذا كان مفيدا للعلم الضروري ، ويجب العمل واختلفوا في تحديد هذا العدد: فمن قائل أربعة ، ومن قائل سبعة ، ومن قائل عشرة ، ومن قائل سبعين , ولم يجمع أهل الفن على عدد معين.
والمتواتر قسمان:
لفظي: وهو ما تواتر لفظه.
ومعنوي : وهو ما تواتر القدر المشترك فيه . وللأول أمثلة كثيرة منها:
حديث (من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار). رواه نحو المائتين.
وحديث المسح على الخفين. رواه سبعون.
وحديث رفع اليدين في الصلاة. رواه نحو الخمسين.
ومن أمثلة الثاني: أحاديث رفع اليدين في الدعاء. وقد روي عنه "صلى الله عليه وسلم" نحو مائة حديث فيها: رفع يديه في الدعاء, ولكنها في قضايا ومواضع مختلفة , فكل موضع منها لم يتواتر ، ولكن القدر المشترك وهو: رفع اليدين في الدعاء تواتر باعتبار المجموع.
والأحاديث المتواترة قليلة طبعا لدقة هذا الشرط ، وتعسر توفره ، خصوصا إذا بالغنا في العدد ، وأخذنا بقول من حددوه بالمائة أو بالسبعين أو نحوها . ولهذا أثر عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه لم يظفر من المتواتر إلا بسبعة عشر حديثا ، فحرف هذا المعنى بعض المغرضين الذين يريدون أن يهربوا من القول بحجية الحديث ، ووجوب العمل به ، وزعموا أن أبا حنيفة مع جلالة قدره في الفقه لم يجد من الأحاديث الصحيحة إلا سبعة عشر حديثا ، فوضع الصحيح بدلا من المتواتر ، للاستدلال على ما يريدون ، وهو زعم غير صحيح ، وقد نبهنا عليه .
الحديث الآحاد :
وأما حديث الآحاد : فهو ما لم يتوفر فيه شرط التواتر السابق.
وجوب العمل بخبر الآحاد :
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مقدمة مسلم:
(نبه مسلم رحمه الله تعالى على القاعدة العظيمة التي ينبني عليها معظم أحكام الشرع وهى : وجوب العمل بخبر الواحد ، فينبغي الاهتمام بها ، والاعتناء بتحقيقها).
وقد أطنب العلماء رحمهم الله في الاحتجاج لها وإيضاحها , وأفردهما جماعة من السلف بالتصنيف ، واعتنى بها أئمة المحدثين , وأول من بلغنا تصنيفه فيها الإمام الشافعي رحمه الله , وقد تقررت أدلتها النقلية والعقلية في كتب أصول الفقه, ونذكر هنا طرفا فنقول: اختلف العلماء في حكمه :
فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول: أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع ، يلزم العمل بها ، ويفيد الظن ، ولا يفيد العلم.
وإبطال قول من قال لا حجة فيه ظاهر:
فلم تزل كتب النبي "صلى الله عليه وسلم" وآحاد رسله يعمل بها ، ويلزمهم النبي "صلى الله عليه وسلم" العمل بذلك.
واستمر على ذلك الخلفاء الراشدون فمن بعدهم من السلف والخلف على امتثال خبر الواحد إذا أخبرهم بسنة , وقضائهم به ، ورجوعهم إليه في القضاء والفتيا ، ونقضهم به ما حكموا على خلافه ، وطلبهم خبر الواحد عند عدم الحجة ممن هو عنده ، واحتجاجهم بذلك على من خالفهم ، وانقياد المخالف لذلك , وهذا كله معروف ، لاشك في شيء منه . والعقل لا يحيل العمل بخبر الواحد , وقد جاء الشرع بوجوب العمل به . فوجب المصير إليه .
وأما من قال : يوجب العلم : فهو مكابر للحس . وكيف يحصل العلم واحتمال الغلط والوهم والكذب وغير ذلك متطرق إليه؟!!
ونقل في الفتح عن ابن القيم ما ملخصه:
(السنة مع القرآن على ثلاثة أوجه:
أحدها : أن توافقه من كل وجه فيكون من توارد الأدلة.
ثانيها: أن تكون بيانا لما أريد بالقرآن.
ثالثها: أن تكون دالة على حكم سكت عنه القرآن. وهذا الثالث يكون حكما مبتدأ من النبي "صلى الله عليه وسلم" فتجب طاعته فيه).
ولو كان النبي "صلى الله عليه وسلم" لا يطاع إلا فيما وافق القرآن لم تكن له طاعة خاصة . وقد قال تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (النساء:80).
وقد تناقض من قال : إنه لا يقبل الحكم الزائد على القران إلا إن كان متواترا أو مشهورا ، فقد قالوا بتحريم المرأة على عمتها وخالتها ، وتحريم ما تحرم من النسب بالرضاعة ، وخيار الشرط والشفعة والرهن في الحضر ، وميراث الجدة ، وتخيير الأمة إذا أعتقت ، ومنع الحائض من الصوم والصلاة ، ووجوب إحداد المعتدة عن الوفاة ، وتجويز الوضوء بنبيذ التمر ، وإيجاب الوتر ، وأن أقل الصداق عشرة دراهم ، وتوريث بنت الابن السدس مع البنت ، واستبراء المسبية بحيضة ، ولا يقاد الوالد بالولد ، وأخذ الجزية من المجوس ، وقطع رجل السارق في الثانية ، وترك القصاص مع الجرح قبل الاندمال ، والنهي عن بيع الكالئ بالكالئ ، وغيرها مما يطول شرحه.
وهذه الأحاديث كلها آحاد ، وبعضها ثابت ، وبعضها غير ثابت ، ولكنهم قسموها إلى ثلاثة أقسام , ولهم في ذلك تفاصيل يطول شرحها ، ومحل بسطها أصول الفقه.. وبالله التوفيق.
أنواع الأحاديث ودرجاتها
علمت مما تقدم أن الحديث يحكم على درجته بأحوال رواته وأحوال الرواة لا تحصى ، وأحوال المتون كذلك , ومن هنا قال السيوطي بعد أن ذكر هو والنووي خمسة وستين نوعا للأحاديث: (ليس هذا آخر الممكن في ذلك فإنه قابل للتنويع إلى مالا يحصى).
ومع ذلك فهذه الأنواع التي لا تحصى لا تخرج عن ثلاثة أقسام: الصحيح ، والحسن ، والضعيف , لأنه إن اشتمل من أوصاف القبول على أعلاها فالصحيح , أو على أدناها فالحسن , أو لم يشتمل على شيء منها فالضعيف. ويتصل بكل قسم من هذه الأقسام بحوث نجملها فيما يلي:-
الحديث الصحيح:
هو ما اتصل سنده ، بنقل العدل الضابط عن مثله ، مع السلامة من الشذوذ والعلل.. وهذا هو الصحيح لذاته.
وهناك الصحيح لغيره وهو: ما لم تتوفر فيه هذه الشروط بأكمل معانيها ، ولكنه اكتسب وصف الصحة لسبب آخر.. كالرواية من غير وجه ، أو تلقي العلماء له بالقبول ، أو الانطباق التام على الآيات المحكمة ، أو بعض أصول الشريعة ، فإن هذه المعاني وأشباهها ترفعه إلى درجة الصحة.
مراتب الصحيح:
إن رتب الصحيح ودرجاته تتفاوت في القوة بحسب تفاوت الأوصاف المتقدمة. فما يكون رواته في الدرجة العليا من العدالة
والضبط وسائر الصفات التي توجب الترجيح كان أصح مما دونه.
ومن المرتبة العليا في ذلك ما أطلق عليه بعض أئمة الفن أنه أصح الأسانيد:
كالزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه , وكمحمد بن سيرين عن عبيدة بن عمر السلماني عن علي.
وكإبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود , وكمالك عن نافع عن ابن عمر.
قال النووي رحمه الله : (والصحيح أقسام:
وأعلاها: ما اتفق عليه البخاري ومسلم
ثم ما انفرد به البخاري
ثم ما انفرد به مسلم
ثم ما كان على شرطهما وإن لم يخرجاه
ثم على شرط البخاري
ثم على شرط مسلم
ثم ما صححه غيرهما من الأئمة.
.. فهذه سبعة أقسام).
ولم تستوعب الأحاديث الصحيحة في مؤلف واحد ، وإن كانت الأصول الخمسة وهى : (صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وسنن أبي داود ، والترمذي ، والنسائي) ، لم يفتها من الصحيح إلا اليسير. كذا قال النووي.
وأول مصنف في الصحيح : موطأ الإمام مالك , وتلاه: صحيح البخاري.
وإذا قيل: أصح شيء في هذا الباب ، فلا يلزم من هذه العبارة صحة الحديث , فإنهم يقولون: هذا أصح ما جاء في هذا الباب
وإن كان ضعيفا, ومرادهم: أرجحه أو أقله ضعفا.
الحديث الحسن:
قال الشيخ تقي الدين بن تيمية:
(أول من عرف أنه قسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف أبو عيسى الترمذى , ولم تعرف هذه التسمية عن أحد قبله. وقد بين أبو عيسى مراده بذلك: فذكر أن الحسن مما تعددت طرقه. ولم يكن فيهم متهم بالكذب ، ولم يكن شاذا ، وهو دون الصحيح الذي عرف عدالة ناقليه وضبطهم).
وأما من قبل الترمذي من العلماء ، فما عرف عنهم هذا التقسيم الثلاثي ، لكن كانوا يقسمونه إلى : صحيح ، وضعيف. والضعيف كان عندهم نوعان:
ضعيف ضعفا لا يمتنع العمل به , وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي.
وضعيف ضعفا يوجب تركه.. وهو الواهي.
أقسام الحسن:
والحسن قسمان :
1 - حسن لذاته: وهو ما اشتهر رواته بالصدق ولم يصلوا في الحفظ رتبة رجال الصحيح.. وهذا تعريف ابن الصلاح.
وقال الطيبي: (الحسن: مسند من قرب من درجة الثقة ، أو مرسل ثقة ، وروي كلاهما من غير وجه ، وسلم من شذوذ وعلة) , وقد تقدم تعريف الترمذي.
ومن ألطف تعاريفه : (ما اتصل إسناده بنقل عدل قل ضبطه عن الصحيح غير شاذ ولا معلل).
وخلاصتها جميعا: أنه أقل من الصحيح ، وفوق الضعيف.
2 - حسن لغيره : وعرفه ابن الصلاح بما كان في إسناده مستور لم تتحقق أهليته ، غير مغفل ، ولا كثير الخطإ في روايته ، ولا متهم يتعمد الكذب فيها ، ولا ينسب إلى مفسق آخر ، واعتضد بمتابع أو شاهد.. فأصله ضعيف ، وإنما طرأ عليه الحسن بالعاضد الذي عضده ، فاحتمل لوجود العاضد ، ولولاه لاستمرت صفة الضعف فيه ، ولاستمر على عدم الاحتجاج به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.