جاءت استقالة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي لتحجب مبادرته الأخيرة؛ إذ كان ينوي أن يرفع إلى البرلمان ملفاً مثيراً للجدل لتصحيح أجور العاملين بالقطاع العام. وكان معلمو وموظفو القطاع العام قد بدءوا إضراباً مفتوحاً منذ 20 فبراير/شباط، وذلك عندما فشل ميقاتي في إرسال ملف تصحيح الأجور - الذي تم الاتفاق عليه سابقاً في مجلس الوزراء - إلى البرلمان للتصويت عليه. فمثل ذلك تحدياً لشرعية الحكومة، وأثار معارضة شديدة من قبل القطاع الخاص، وأدى إلى خروج عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع في أكبر مظاهرات من نوعها منذ عقود. وشهدت جميع أنحاء البلاد خلال الإضرابات العمالية، احتجاجات يومية، واستهداف المؤسسات الكبرى مثل الوزارات الحكومية، ومرفأ بيروت، والمطار. ووفقاً لرولا الروماني، المعلمة بمدرسة ثانوية، مر نحو 16 عاماً منذ إعطائنا زيادة في الرواتب. بالطبع رواتبنا لا تكفي لإعالة عائلاتنا. فزوجي يضطر إلى العمل في وظيفتين حتى يمكننا الحفاظ على أدنى مظهر من مظاهر الحياة الكريمة. وأصبح العثور على وسائل لتمويل عائلة من ثلاثة أشخاص، بينهم ابنة في الجامعة، صعباً أكثر فأكثر مع تصاعد معدل التضخم التراكمي لأكثر من 100 في المئة في هذه الفترة؛ ما يخفض قيمة الأجور بنسبة جذرية. والآن يدور الصراع بين النقابات وجماعات الضغط من القطاع الخاص بشأن كيف يمكن للحكومة تمويل زيادة كبيرة في الأجور ومن في المجتمع سيتحمل ذلك العبء؛ بموازنة قد تتراوح ما بين 1.2 مليار و 1.5 مليار دولارا سنوياً. ويوضح رئيس جمعية موظفي الدولة، محمود حيدر، أنه من غير المقبول تمويل جدول المرتبات من جيوبنا أو جيوب الفقراء. يجب تمويلها من جيوب أولئك الذين كانوا يهربون الأموال على مدى 20 عاماً الماضية. هم المسئولون عن الدَّين العام الذي يشل لبنان الآن. واحتشدت مجموعة ضغط القطاع الخاص - اللجان الاقتصادية - بشدة ضد ارتفاع جدول الأجور على أساس أنه يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الحالية. ويقول رئيس قسم الأبحاث في بنك بيبلوس، نسيب جوبريل، أنه في ظل بيئة الركود الاقتصادي السائد، وانخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر .. إلخ، سيؤدي رفع الأجور إلى أعباء إضافية على القطاع الخاص وعلى الشركات، بل وسيشل النشاط الاقتصادي إلى أبعد من ذلك ويحول دون المخاطرة. زاك بروفي وكالة إنتر بريس سيرفس صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3865 - الأحد 07 أبريل 2013م الموافق 26 جمادى الأولى 1434ه