القاهرة: محمد عبد الرءوف وسط مراسم كنسية حزينة، شيع آلاف الأقباط أمس أربعة من ضحايا الاشتباكات الطائفية التي شهدتها مدينة الخصوص بمحافظة القليوبية قبل يومين، فيما واصلت الشرطة المصرية أمس القبض على المشتبه في تورطهم في الأحداث التي راح ضحيتها أربعة أقباط ومسلم واحد وأصيب فيها 7 أشخاص، بحسب إحصاءات وزارة الصحة المصرية. وعقب انتهاء مراسم التشييع هاجم مجهولون المشيعين باستخدام الحجارة وقنابل المولوتوف. ووصل الاعتداء إلى باب الكاتدرائية المرقسية الرئيس، فيما ترددت أنباء عن مقتل شخص واحد في اشتباكات أمس. وكانت مدينة الخصوص التابعة لمحافظة القليوبية (شمال القاهرة) قد شهدت اشتباكات طائفية أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص (بينهم أربعة مسيحيين)، وإصابة أربعة آخرين، أول من أمس، مما أدى لتوتر طائفي بين مسلمي ومسيحيي المدينة. ورأس الأنبا رفائيل سكرتير عام المجمع المقدس أمس القداس الجنائزي على جثامين الضحايا في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية (شرق القاهرة)، وسط غياب لافت للبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، الذي أعلنت الكنيسة الليلة قبل الماضية أنه سيقطع زيارته لمدينة الإسكندرية ويعود لرئاسة القداس الجنائزي. وحضر القداس الجنائزي أمس آلاف الأقباط الذين رددوا هتافات تطالب بالقصاص للضحايا وأخرى تطالب بإسقاط النظام، ومنددة بسياسات جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي لها الرئيس محمد مرسي. وبذل الأساقفة والقساوسة جهدا كبيرا لتنظيم القداس والسيطرة على المشيعين الغاضبين، فيما تناوب عدد من كبار الأساقفة على قراءة صلوات وترانيم كنسية، وتواصلت هتافات المشيعين الغاضبين المطالبة بالقصاص وإسقاط النظام. وقال الأنبا رفائيل سكرتير عام المجمع المقدس في كلمته خلال القداس: «في هذا المشهد الرهيب، نودع لحمنا ودمنا»، مضيفا: «نحن نؤمن بعدالة السماء.. وأن دماء الشهداء لا تنسى أمام الله.. ولن نغادر مصر.. وليس بسفك الدماء تنمو البلاد وتحكم الحكومات»، وختم الأنبا رفائيل كلمته قائلا: «نصلي من أجل أن ينتهي هذا المسلسل السخيف في مصر». وعلمت «الشرق الأوسط» أن أسرة القتيل المسلم في الأحداث، أحمد شعبان، قررت نقل الجثمان إلى مسقط رأسه بأسوان لدفنه هناك. وعقب انتهاء مراسم التشييع وخروج الجثامين في طريقها إلى مثواها الأخير، حاول مئات الأقباط تنظيم وقفة احتجاجية أمام الكاتدرائية تعقبها مسيرة إلى وزارة الدفاع لتقديم مذكرة إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي تطلب من الجيش حماية الكنائس، فأطلق مجهولون عليهم وابلا من الحجارة وزجاجات المولوتوف ورد الأقباط بالمثل، فيما سمع دوي إطلاق خرطوش دون أن يعرف مصدره، وأطلقت قوات الأمن المركزي قنابل الغاز المسيل للدموع لفض الاشتباكات. وقالت مصادر كنسية إن الاشتباكات أمام الكاتدرائية أسفرت عن سقوط قتيل على الأقل يدعى بيشوي وصفى يونان (23 عاما) أصيب بطلق حي في الرقبة ونقل إلى المستشفى القبطي. من جانبه، قال أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار خلال مشاركته في القداس: «ما حدث مهزلة بكل المقاييس»، مضيفا ل«الشرق الأوسط»: «الشعب المصري أذكى من أن تمر منه هذه المؤامرة لحرق مصر»، وأضاف: «جئت اليوم لأني مصري لأشارك أشقائي في الوطن المصريين الأقباط مصابهم، وهذا واجب كل مصري»، وأضاف: «الشعب على وعي بالمؤامرة الحالية، وأنا متفائل بالأيام المقبلة». وعلى صعيد التحقيقات، استمعت نيابة الخصوص لأقوال المصابين وشهود الأحداث، الذين أكدوا في أقوالهم أن الحادث وقع أثناء قيام طفلين في سن الثانية عشرة بكتابة اسميهما ورسم شعار النازية على سور معهد أزهري، ثم تدخل رجل مسيحي في منطقة مجاورة لينهرهما فنشبت مشادة تطورت إلى مشاجرة قام على أثرها قريب المسيحي بإخراج طبنجة وإطلاق أعيرة نارية أصابت أحدهم وهو الطالب المسلم ولقي مصرعه في الحال وتطورت الاشتباكات على أثرها لتمتد إلى العائلات المسلمة والمسيحية بالمنطقة. وأوضحت المعاينة احتراق ثلاثة منازل بشكل كامل وثلاث سيارات أضرمت فيها النيران من جوانبها الأربعة، بالإضافة إلى تحطيم حضانة أطفال وصيدلية واشتعال النيران في واجهة وبوابة كنيسة «مارجرجس» القريبة من مكان الأحداث، كما كشفت المعاينة أن عددا من المحلات التجارية قد نهبت أثناء الأحداث، حيث تسلل إليها البعض واستولى على محتوياتها.