هي فكرة مبتكرة وغريبة، عائلة عراقية من جنوبالعراق معجونة بالفن فرقت الهجرة أفرادها في أربع عواصم أوروبية لكن الكويت جمعتهم من خلال معرض عائلي في قاعة بوشهري، ورغم أن الفنانين الأربعة: فيصل وعفيفة وعبدالإله العيبي وآذار جابر (ابن الثانية) ينتمون إلى عائلة واحدة، إلا ان أعمالهم لا تعرف صلة القربى فلكل منهم اسلوب مميز وتجربة مختلفة. يبدو الفنان فيصل العيبي، وكأنه شاعر يقف على أطلال بغداد القديمة، تنم لوحات فيصل اللعيبي عن ذاكرة حديدية لاقطة لعالم بغداد القديم من خلال تجسيد دافئ للأسواق والحوانيت وبعض المهن كالجزار والحلاق وبائع الفاكهة، وينثر في مشهده التشكيلي العبارات التراثية مثل «الدَيْن ممنوع»، و«الحسود لا يسود»، وبعض مفردات التراث. كل هذا يرسمه فيصل بألوان متوهجة ونابضة بالحياة، وكأنه لا يريد لهذا الموروث القديم أن يخبو، ورغم أن فيصل يعيش بعيدا عن بغداد، إلا أن كل لوحة من أعماله تثبت كم هو متشبث بجذوره هذا الفنان. نساء عفيفة لا يحتاج المتلقي لكثير من الوقت ليكتشف، وهو يشاهد لوحات عفيفة اللعيبي أن المرأة هي هاجسها الدائم، لا ترسم اللعيبي نساءها بمقاييس مثيرة لتروج لوحاتها في الغرب الذي تعيش فيه، نساء اللعيبي أشبه بصندوق إنساني تختفي وراء ملامح النساء فيه كثير من المشاعر والأحاسيس الإنسانية، الجمال وتناسق الجسد كما في لوحة لاعبة الباليه، هرموني الموسيقى في لوحات النساء العازفات، لحظات التأمل والتفكير والحلم في إسقاط غامض لواقع المرأة العراقية وربما العربية. تعبر اللعيبي عن كل هذا من خلال ضربات لونية تزيد المشهد التشكلي جاذبية، ومن خلال نثر مجموعة من الأشكال الصغيرة في خلفية اللوحة كالمكعب والحقائب لتضفي غموضا رمزيا، أعمال عفيفية لا ترسم المرأة بقدر ما تحتفي بها. الموروث الديني بينما تجسد أعمال الفنان عبدالإله اللعيبي عالم كربلاء بكل ما يحمله من قدسية تلمحها في المساجد والأماكن المقدسة والأضرحة وبائعة الخضار وطريق الذهاب إلى الأماكن المقدسة والمساجد، إنها لوحات تعبر عن رؤى إيمانية من خلال تجسيد الموروث الديني. وتجسد منحوتات آذار جابر الرخامية كثيرا من التعبيرات الإنسانية من خلال الاتصال المرئي والتقني الممزوج بالتقاليد الكلاسيكية، الأقنعة التي رسمها لوالده وخاليه فيصل وعبد الإله وأجزاء الجسد العاري المتناقض الاطراف تشي بالغموض ورغبة في الانعتاق. الكويت تجمع العائلة تشير عفيفة اللعيبي التي أقامت معرضها الأول بالكويت منذ عامين ويومها تم طرح فكرة إقامة معرض مع شقيقها فيصل وعبد الإله وتم ضم ابنها آذار إلى الثلاثة، وبالفعل احتضنت بوشهري الفكرة من خلال معرض عائلي يجمعهم، تقول عفيفة: كل واحد منا يعيش في دولة أوروبية، فأنا أعيش في هولندا وفيصل في لندن بينما يستقر عبدالإله في السويد ويعيش آذار في بلجيكا، ورغم أننا عائلة واحدة إلا ان المتلقي سيلاحظ اختلاف تجربة وأسلوب وموضوعات كل منا. وعن عالمها التشكيلي تؤكد عفيفة أن الفكرة تأتي أولا، فأنا لا أملك الريشة إلا عندما تكون هناك فكرة اقوم برسمها على الورق، وبعد أن تنضج أبدأ بالرسم، وعن طغيان المرأة في أعمالها تقول اللعيبي إنها ترسم المرأة ليست كمجرد وجه جميل، ولكن فكرة ومن خلال رسم المرأة أسعى إلى جماليات معينة. م.ح