دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    الهلال يصعق الأهلى بريمونتادا مثيرة ويقترب من لقب الدورى السعودى    قيادي حوثي يفتتح مشروعًا جديدًا في عمران: ذبح أغنام المواطنين!    "الغش في الامتحانات" أداة حوثية لتجنيد الطلاب في جبهات القتال    شاهد.. جثامين العمال اليمنيين الذين قتلوا بقصف على منشأة غازية بالعراق في طريقها إلى صنعاء    شاهد.. صور لعدد من أبناء قرية الدقاونة بمحافظة الحديدة بينهم أطفال وهم في سجون الحوثي    العثور على مؤذن الجامع الكبير مقتولا داخل غرفة مهجورة في حبيل الريدة بالحج (صور)    حقيقة فرض رسوم على القبور في صنعاء    بأمر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي ...الاعدام بحق قاتل في محافظة شبوة    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    الرئيس الزُبيدي يطالب بخطط لتطوير قطاع الاتصالات    الذهب يصعد متأثراً بآمال خفض اسعار الفائدة الأميركية    فتيات مأرب تدرب نساء قياديات على مفاهيم السلام في مخيمات النزوح    السلطة المحلية تعرقل إجراءات المحاكمة.. جريمة اغتيال الشيخ "الباني".. عدالة منقوصة    أبطال أوروبا: باريس سان جيرمان يستضيف بوروسيا دورتموند والريال يواجه بايرن في إياب الدور قبل النهائي    البرلمان العربي يحذر من اجتياح رفح جنوب قطاع غزة    فارس الصلابة يترجل    صورة.. الهلال يسخر من أهلي جدة قبل الكلاسيكو السعودي    عودة نجم بايرن للتدريبات.. وحسم موقفه من صدام الريال    السياسي الوحيد الذي حزن لموته الجميع ولم يشمت بوفاته شامت    مبابي يوافق على تحدي يوسين بولت    التشكيل المتوقع لمعركة الهلال وأهلي جدة    مسيره لطلاب جامعات ومدارس تعز نصرة لغزة ودعما لطلاب الجامعات في العالم    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    تعاون حوثي مع فرع تنظيم القاعدة المخيف في تهديد جديد لليمن مميز    مليشيا الحوثي تقتحم قرية بالحديدة وتهجّر سكانها وتختطف آخرين وتعتدي على النساء والأطفال    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    القاعدي: مراكز الحوثي الصيفية "محاضن إرهاب" تحوّل الأطفال إلى أداة قتل وقنابل موقوتة    رغم تدخل الرياض وأبوظبي.. موقف صارم لمحافظ البنك المركزي في عدن    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمام الحكومات فرصة لإجراء إصلاحات تسهل التوظيف وتضع شبكات أمان : مجموعة البنك الدولي :نصف سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ممن بلغوا سن العمل إما عاطلون عن العمل أو غير ملتحقين بالتعليم
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 06 - 2012

أمام الحكومات فرصة لإجراء إصلاحات تسهل التوظيف وتضع شبكات أمان
مجموعة البنك الدولي :نصف سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ممن بلغوا سن العمل إما عاطلون عن العمل أو غير ملتحقين بالتعليم
المصيرأون لاين/تقارير أقتصادية/البنك الدولي :
أكثر من نصف سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ممن بلغوا سن العمل إما عاطلون عن العمل أو غير ملتحقين بالتعليم، كما أن معدل النساء غير الملتحقات بسوق العمل ومعدل البطالة بين الشباب يعد الأعلى على مستوى العالم.
وحين يتعلق الأمر بحماية أشد المواطنين فقرا فإن شبكات الأمان الاجتماعي التي ترعاها الحكومات تقدم حماية غير كافية وتساعد على بقاء الكثيرين في براثن الفقر جيلا بعد جيل. فشبكات الأمان تُستبعد بالدعم الذي غالبا ما يفيد الأثرياء أكثر مما يستفيد منه الفقراء ويخلق تشوهات اقتصادية ملموسة تخفض الطلب على العمالة. ويحلل تقريران جديدان أصدرتهما مجموعة البنك الدولي هذين التحديين الصارخين اللذين يهددان سلامة الاقتصاد في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا .
ويعالج تقرير الوظائف من أجل رخاء مشترك: حان وقت العمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أسباب ارتفاع مستويات البطالة ويطرح مقترحات لزيادة الديناميكية في الاقتصاد بغرض خلق مزيد من الوظائف. أما تقرير الطريق قدما نحو شبكات الأمان الاجتماعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيستعرض السبل التي يمكن من خلالها إعادة توجيه الموارد نحو شبكات الأمان التي تتيح للفقراء النجاة من براثن الفقر والإسهام في التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
وعن هذين الموضوعين تقول إنغر أندرسون، نائبة رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "الدعوة إلى العدالة الاقتصادية والاجتماعية ترتبط ارتباطا وثيقا بالحاجة إلى مزيد من المساواة في الحصول على الفرص الاقتصادية ومزيد من شبكات الأمان الفعالة... وباقتناص هذه الفرصة التاريخية وتغيير قواعد اللعبة جذريا، يمكن للمنطقة إرساء ركائز النمو الاشتمالي، وتزويد الفقراء بالوسائل التي تتيح لهم الخروج من براثن الفقر."
ولا توفر أسواق العمل بالمنطقة حاليا سوى القليل من الوظائف الجيدة للقليل من العمال المحميين الذين يهيمن عليهم الكبار سنا والذكور. أما الشباب والنساء فيتحملون عبء انعدام الكفاءة في أسواق العمل. وللأسف تسجل المنطقة رقمان قياسيان على مستوى العالم: فثلاثة من بين كل أربع نساء في سن العمل في المنطقة خارج قوة العمل، وربع الشباب يبحث عن عمل ولا يجده.
ويتطلب حل هذه المشكلة، كما يرى أحد التقريرين، يجب التحرك في ثلاثة مجالات. أولا، يجب تحسين مناخ الأعمال أمام القطاع الخاص كي يتسنى له تهيئة وظائف جيدة في المستقبل. فالمنطقة تضم أقدم الشركات والمديرين في العالم بما يعكس غياب "الهدم الخلاق"، وهي عملية تحل فيها شركات جديدة أكثر إنتاجية محل شركات قديمة أقل كفاءة، ولعبت دورا مهما في البلدان السريعة النمو في أوروبا الشرقية وآسيا. ومن شأن تقليص العراقيل أمام دخول الشركات السوق وخروجها منه خلق قطاع خاص يتسم بالنشاط وهو ما يشجع على الاستثمار والابتكار وفي النهاية يزيد من الطلب على العمالة.
ثانيا، يؤكد التقرير على ضرورة إجراء إصلاحات في مختلف أنظمة التعليم بالمنطقة كي يتسلح الشباب بالمهارات المطلوبة للقطاع الخاص. ويستلزم هذا تحسين الإدارة العامة لنظام التعليم والتركيز على مهارات القرن الحادي والعشرين. ثالثا، تحافظ سوق العمل وسياسات الحماية الاجتماعية بالمنطقة على الحماية القوية لعدد قليل من العمال، أغلبهم من الكبار سنا والذكور، في حين يجد الأغلبية العظمى من العمال أنفسهم دون أي حماية. فالمنطقة بحاجة إلى التحرك لحماية دخل الجميع، بحيث يستطيع المواطنون تغيير وظائفهم بحثا عن وظائف أكثر إنتاجية دون المخاطرة بموارد رزقهم. وقد خلقت الانتفاضات العربية طلبا على الإصلاح وأتاحت فرصة ممتازة للحكومات كي تعالج هذه القضايا القديمة.
ويتوسع تقرير إضافي عن شبكات الأمان بالمنطقة في هذه النقطة الأخيرة مركزا الضوء على ضرورة إعادة توجيه الأموال العامة من الدعم إلى شبكات الأمان.
وعن هذه الأوضاع، يقول ستين يورجنسن، مدير قطاع التنمية البشرية بإدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي "لم يعد النظام القديم الذي كان يحمي القلة المحظوظة، بينما يشتري الاستقرار بالدعم الشامل، مرغوبا أو قادرا على الاستمرار... إن صياغة عقد اجتماعي جديد يستجيب للمطالبة بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية مطلوب لإطلاق الإمكانيات البشرية الهائلة في المنطقة ومساعدة الفقراء، ليس فقط على البقاء بل أيضا على الازدهار."
وإلى جانب كونها مبعثا للإحباط، فإن هذه المعدلات العالية من البطالة تتحول إلى مستويات عالية من الضعف. ومازال يوجد في المنطقة أعداد كبيرة من المواطنين ممن يعيشون تحت خط الفقر بما يصل في كثير من الأحيان إلى ربع عدد السكان. ويعاني الأطفال الأشد فقرا من ارتفاع مستوى سوء التغذية في كل من البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل بالمنطقة، وهو ما يمكن أن يتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها، حيث تقل قدرتهم على التعلم وتزيد مخاطر تسربهم من الدراسة. ومن التبعات الأوسع نطاقا انخفاض إنتاجية البالغين وظهور أجيال محصورة داخل دائرة الفقر.
وتخصص بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جزءا كبيرا من موازناتها الوطنية للدعم. وفي حين أن للدعم أثرا إيجابيا على الفقر، فهو يفيد الأغنياء أكثر مما يستفيد منه الفقراء، ويخلق عبئا ثقيلا على عاتق المالية العامة. ولدعم الوقود بشكل خاص أثر سلبي على أسواق العمل، إذ أنه يجعل الاستثمار في الماكينات الجديدة وتشغيلها أرخص من تعيين عمالة جديدة. ولا تترك تكلفته العالية مساحة كافية لشبكات الأمان الاجتماعي الموجهة مثل التحويلات النقدية المباشرة. ويلتزم البلد المتوسط بالمنطقة بإنفاق 5.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي على الدعم وشبكات الأمان، لكن 90 في المائة من هذه النسبة يذهب إلى الدعم الشامل للوقود والغذاء. ومن جانب آخر، فإن بلدانا أخرى على المستوى نفسه من الدخل تنفق 1.3 في المائة في المتوسط من إجمالي الناتج المحلي على شبكات الأمان الاجتماعي. إن نقص الإنفاق على شبكات الأمان بالمنطقة يعني أن ثلث الفئات الأشد فقرا في المجتمع لا تتمتع بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية.
وكانت الأراضي الفلسطينية أول من أجرى إصلاحات واسعة لتوحيد النظام المجزأ لشبكات الأمان الاجتماعي وتحسين استهداف الفقراء بالتوسع في التحويلات النقدية. ويصل نظامهم الموحد الآن إلى 97 ألف أسرة بتحويلات نقدية موجهة، وقد سمح بتخفيف أثر أزمتي الغذاء والوقود بالتوسع في المدفوعات لأشد المواطنين ضعفا. ويمكن إجراء إصلاحات مماثلة في جميع أنحاء المنطقة، إلا أن أول خطة حيوية هي الحصول على ثقة الجماهير. ومن شأن ذلك أن يمهد الساحة للإصلاحات التي تغير قواعد اللعبة وتشجع المنافسة، وتوفر فرص العمل، وتعيد توجيه الموارد العامة الثمينة للأشد احتياجا، وتسمح للإمكانيات البشرية الهائلة في المنطقة أن تتحول إلى مصدر للنمو والرخاء المشترك. وكما هو الحال مع إصلاح مناخ الأعمال وأسواق العمل، فإن الصحوة العربية تتيح إمكانية تحقيق عدالة اجتماعية حقيقية، وذلك بوصول النقود إلى أيدي الفقراء وإلغاء الدعم العام الذي يفيد الأثرياء والأقوياء.
72469 وظائف لازدهار الجميع: وقت العمل قد حان في الشرق الاوسط وشمال افريقيا
الملخّص التنفيذي
الوظيفة شرط أساسي لرفاه الفرد، فهي توفّر لقمة العيش والشعور بالكرامة. وهذان العنصران على نفس القدر من الأهمية. كما أن الوظيفة شرط أساسي للرفاه الجماعي والنمو الاقتصادي. لكن القواعد والحوافز التي تحكم أسواق العمل في دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا أدّت إلى نتائج غير فعّالة وغير منصفة على المستويين الفردي والجماعي، ذلك لأن الانحرافات الكامنة فيها حالت دون تحقيق إنتاجية أكبر في استخدام رأس المال البشري وأدّت إلى تفشّي الشعور بالغبن والاستبعاد، وهو ما كان الربيع العربي تعبيرًا صارخًا عنه.
تملك منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا حصة كبيرة من الموارد البشرية غير المستغلة إذ تسجّل المعدّل الأعلى في العالم من حيث بطالة الشباب، والأدنى من حيث مشاركة الإناث في القوى العاملة. يرتبط هذا الواقع أيضًا بقلّة الوظائف المرغوبة، أي تلك التي تدرّ دخلًا مرتفعًا أو تؤمن تغطية الضمان الاجتماعي. ذلك لأن وظائف القطاع الخاص هي ذات قيمة مضافة متدنية إجمالاً، في حين يستمر القطاع العام بتقديم غالبية الوظائف النظامية. بالإضافة إلى ذلك، تكشف الفروق الكبيرة في الأجور وانخفاض نسبة التنقل بين الوظائف والاختلافات الجغرافية البارزة والمستمرة في نتائج التوظيف عن عدم كفاءة أسواق العمل في المنطقة من حيث توزيع رأس المال البشري. من ناحية أخرى، يعكس الوصول إلى الوظائف المرغوبة في معظم الأحيان شروطًا معيّنة كالجندر أو مكان الولادة أو تربية الوالديّن بدلًا من الجهد الفردي. وتترسّخ علامات عدم الكفاءة وعدم المساواة عند النظر في بعض الوظائف الأكثر استقطابًا- كوظائف القطاع العام- التي توفر عائدات فردية عالية لكنها لا تعكس بالضرورة مستويات إنتاجية مرتفعة على الصعيد الاجتماعي. تشير استطلاعات الرأي الأخيرة لمنظمة جالوب إلى أن الغالبية الساحقة من الشباب تفضل العمل في القطاع العام. لذلك، تؤدي الحوافز التي تحرّك العمال إلى دفع أسواق العمل في المنطقة نحو نقطة توازن منخفض الإنتاجية: أي أن الشباب، بهدف زيادة فرص حصولهم على وظيفة في القطاع العام، يميلون إلى تحصيل شهادات التعليم العالي التي لا يحتاجها القطاع الخاص بالضرورة. أما من يسمح له وضعه بالانتظار، فينتظر دوره للحصول على الوظيفة، متوقعًا راتبًا مرتفعًا نسبيًا مقابل إنتاجية فعليّة منخفضة. ونظرًا إلى القيود المالية التي تواجهها بلدان المنطقة وارتفاع نسبة الحائزين على التعليم العالي، لا يمكن اعتبار هذا النموذج نموذجًا مستدامًا يحتذى به للنجاح في سوق العمل.
كثيرة هي الحواجز التي تساهم في إرساء التوازن المذكور أعلاه. فعملية "التدمير الخلاق"- التي رفعت المستوى التكنولوجي في اقتصادات شرق آسيا وأوروبا الشرقية السريعة النمو- محدودة في القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. تعمل بعض الشركات الراسخة بحسب نظام الامتياز والمنافسة المحدودة، في حين تناضل الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة لتحقيق النمو أو الدخول إلى الأسواق. من ناحية أخرى، تشوه إعانات الطاقة أسعار المدخلات النسبية، وبالتالي تعزز الانتاجية المركّزة على رأس المال بدلا من الإنتاجية المركّزة على اليد العاملة. ويساهم إنفاذ القواعد على نحو تقديري والوصول المشروط إلى الائتمان في تقويض المنافسة والدينامية في القطاع الخاص. نتيجة لهذه العوامل، لم تكن جهود إيجاد فرص العمل كافية لمواكبة الضغوط الديموغرافية- كمّا ونوعًا- التي يمارسها الداخلون الجدد إلى سوق العمل، أو لتلبية تطلّعات الشباب الذين يسعون بشكل متزايد إلى تحصيل العلم.
تكرّس القواعد الحالية التي تحكم سوق العمل الواقع الحالي. في بعض البلدان، تدفع القيود المفروضة كالحد الأدنى للأجور والسياسات الصارمة لحماية التوظيف بالشركات نحو العمل بشكل غير نظامي، الأمر الذي يحدّ من فرص نموّها. من جهة أخرى، تؤدي مجموعة شروط التوظيف التي يقدمها القطاع العام إلى انحرافات خطيرة: فهي إذ تؤمّن الرواتب الجيدة عمومًا والفوائد والأمن الوظيفي، تتفوّق على القطاع الخاص في استقطاب العمال المؤهلين.
في ظل غياب الآليات الكفيلة باستقاء آراء الشركات، وتحت وطأة إرث التصنيع الذي قادته الدولة، تستمر أنظمة التعليم بالتركيز على إنتاج موظفين للقطاع العام. وفي حين تسجل منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا أعلى نسبة في العالم من حيث الشركات التي تشكو من عدم كفاية المهارات، لا تزال الحوافز التعليمية والتدريبية التي تشجع تنمية المهارات والكفاءات المستصوبة مشلولة. من ناحية أخرى، تساهم أنظمة المتابعة الصارمة وسياسات القبول المقيِّدة في الجامعات في تكريس منطق الانتقاء بدل تعزيز نوعية التعليم. وينعكس هذا الواقع في أداء المنطقة المخيّب في عمليات التقييم الدولية مثل برنامج التقييم الدولي للطلبة PISA والاتجاهات في الدراسة الدولية في الرياضيات والعلوم TIMSS مقارنة مع مناطق أخرى ذات ناتج محلي إجمالي مشابه. عندما تكون قيمة المهارات النظامية محدودة، تتفوق عوامل أخرى عليها - مثل شبكات المعارف الشخصية –في التأثير على التوظيف، كما قد يطال تأثيرها فرص العمل بصورة غير عادلة.
لقد أظهر الربيع العربي وواقع المنافسة العالمية المتنامية أن هذا التوازن الهش لا يمكن أن يدوم لفترة طويلة – لا اجتماعيا ولا اقتصاديا. والسياسات المتوسطة المدى المتاحة لرفع تحدّي التوظيف البنيوي في المنطقة تقوم كلّها على شرط واحد يقضي بدحض نظام الامتياز لتعزيز شمولية نمو الاقتصاد والتوظيف.
في القطاع الخاص، لا بد من تأمين فرص متكافئة تسمح للشركات كلّها بالتنافس في ما بينها وتحقيق النمو وتطبيق الإصلاحات التي تعزّز فرص الحصول على الائتمانات وتقضي على الانحرافات الحالية في أسعار المدخلات النسبية. في هذا السياق، إن اعتماد تشريعات أكثر اعتدالا لحماية التوظيف إلى جانب نظام خاص يدعم دخل العمال المهجرين، من شأنه أن يحفّز قيام أسواق عمل أكثر ديناميكية. كما أن إعادة ترتيب معايير التوظيف في القطاع العام تخفف من حدة الازدواجية بين القطاعين العام والخاص. أخيرًا، سوف تبرز الحاجة أيضًا إلى إصلاح النظام التقاعدي لمعالجة انعدام الاستدامة المالية الحالية في هذه الأنظمة، وتوسيع نطاق التغطية بأسعار معقولة. يبقى أن إنتاج مجموعة المهارات الضرورية للحفاظ على هذا الاقتصاد الديناميكي الناشئ سيتطلب تحسين الإدارة، بما في ذلك اعتماد طريقة أكثر منهجية في قياس النتائج وزيادة إشراك الأطراف المعنية.
إذا كانت هذه التوصيات بأغلبيتها تبدو معروفة جدًا ومشتركة على نطاق واسع، فما الذي يعيق تطبيق الإصلاحات حتى الآن؟ ما هو العامل المحرّك الكفيل بإطلاق عملية الإصلاح هذه؟
تواجه بلدان المنطقة إرثًا معقّدًا. قبل الربيع العربي، كانت الحكومات تميل إلى الاعتماد على نظام تقاسم الريع بين المناصرين من أقلية نسبية وعلى الإعانات العالمية من السلع الاستهلاكية الأساسية. فكان لهذا التوازن جوانبُ متعددة:
(أ)استجاب التوظيف العام لطلب الطبقتين المتوسطة والعليا على وظائف آمنة ومضمونة، (ب) تركزت فرص الوصول إلى الائتمانات على مجموعة صغيرة جدًا من الشركات التي تتمتع بعلاقات جيدة،
(ج) أدّت القيود المفروضة على الحق في التجمع والاتحاد إلى لجم دور منظمات المجتمع المدني إلى حد كبير، (د) كما أن عدم الوصول إلى البيانات حال دون إجراء حوار مطّلع داخل الحكومة.
إن مطالبة الربيع العربي الحثيثة بالديمقراطية تحمل فرصًا غير مسبوقة لدحض نظام الامتياز هذا والتحرك نحو نموذج تنموي جديد أكثر شمولية. لكن لا يخلو الأمر من بعض التحديات: فالحكومات الناشئة تتعرض لضغوط هائلة لتحقيق نتائج سريعة، الأمر الذي قد يدفعها إلى اتخاذ تدابير شعبوية مكلفة ماليًا تكرّس الانقسامات الحالية. كما قد يرى بعض "البعيدين" منذ فترة طويلة في هذا التحول السياسي فرصة ليعودوا ويصبحوا من المطّلعين الجدد، فتكون النتيجة مجرّد تعاقبٍ للنخب. هذا وتشير بعض الأدلة إلى أنه من الصعب على الحكومات الجديدة أن تعتمد برامج إصلاح طموحة، لأنها تنفيذها سيكون شاقًا في خضم التدهور الحاصل في النمو والإيرادات المالية.
ثمة إجراءات كفيلة بإطلاق الاقتصاد السياسي للإصلاح ودعمه. فمن خلال الاستثمار في مكاسب موثوقة وقابلة للقياس وقريبة، يمكن للحكومات المنطقة أن تعزز مصداقيتها وتمهّد لاصلاحات مقبلة من شأنها أن تخلط الأوراق وتقلب الموازين. وتشمل التدخلات قصيرة الأجل التي قد يكون لها تأثيرًا هاما، ولو كان عابرًا، على الوظائف، البرامج المدروسة جيدًا والتي تهدف إلى تحسين قابلية توظيف الشباب، بالإضافة إلى الأشغال العامة الكثيفة العمالة. إن تنفيذ الإصلاحات التي تحسّن فرص الحصول على الائتمانات يذلل عقبة من أبرز العقبات التي تعوق النمو وإيجاد فرص العمل في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم كما توسّع بشكل تدريجي طبيعي دائرة مناصرة الإصلاح في القطاع الخاص. ومع ذلك، سيكون من الصعب بالنسبة للمنطقة أن ترقى إلى مستوى إمكاناتها العظيمة وأن تتوصل إلى بناء رأي مشترك بشأن موضوع الإصلاحات من دون معلومات واضحة وشفافة وحوار اجتماعي شامل حقًا. وعلى غرار ما حدث تاريخيًا في مناطق أخرى، سوف تتطلب عملية الإصلاح الاستثمار في توافر البيانات، والاستفادة من القوى الاجتماعية الجديدة، بما في ذلك منح دور جديد وأكثر تمثيلاً للنقابات العمالية، واتحادات أصحاب العمل، والمجتمع المدني.
وإن لم يبدأ الإصلاح الآن، فمتى؟
الرسائل الأساسية
الرسالة #1: أسواق العمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تستفيد جيداً من المواهب والموارد البشرية المتوفرة، ما يكبح بالتالي القوة الإقتصادية لدى بلدان المنطقة وشعوبها.
لدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خزان ضخم من الموارد البشرية غير المستغلة، مع معدل بطالة هو الأعلى في العالم بين الشباب والمشاركة الأقل للنساء في القوة العاملة. فالوظائف النظامية وذات الأجر المرتفع قليلة، أما التوظيف الخاص فقليل القيمة المضافة وذلك على نحو ساحق. بصورة عامة، يمكن تمييز أسواق العمل في المنطقة بكونها غير فعالة وغير منصفة ومقتصرة على إنتاجية منخفضة. وتؤكد التفاوتات الكبيرة في الأجور والقابلية المنخفضة للإنتقال إلى وظائف من نوعية فضلى على أنه لا يتم تسخير الرأسمال البشري ليقدّم إنتاجيته القصوى. والحصول على وظائف مرغوبة يتوقف أكثر على الظروف التي تخرج عن سيطرة الفرد ممّا على الجدارة، ما يؤدي إلى توزيع جائر لفرص التوظيف. وأخيراً، مع أنّ معظم الوظائف الأكثر طلباً هي في القطاع العام وتوفّر عائدات فردية مرتفعة، فهي لا ترتبط بالضرورة بالإنتاجية العليا من أجل المجتمع.
الرسالة #2: تغيير القواعد لبناء قطاع خاص ديناميكي يستفيد استفادةً قصوى من الطاقات البشرية في المنطقة
يرتبط نمو الشركات البطيء وقدرتها المحدودة على توليد فرص عمل جيدة بشكل مباشر بالقواعد التي تحكم بيئة الأعمال. فتطبيق القواعد على نحو متفاوت، وكسب الائتمانات على أساس الامتيازات والمعارف، واستمرار حماية الأسواق المربحة بحواجز قانونية وتنظيمية متعددة، كلّها عوامل تراكمت لتخنق المنافسة. لكنّ معالجة هذه المسألة قد تتمثّل بتبسيط جذري لإجراءات الأعمال وقواعدها وجعلها شفافة وسهلة الفهم، وإخضاع السلطات المشرفة عليها للمساءلة. كما يمكن تحسين فرص الحصول على الائتمانات من خلال زيادة المنافسة بين المصارف واعتماد الإصلاحات التنظيمية وبناء الأنظمة المعلوماتية، الأمر الذي يسمح للمصارف بإقراض عدد أكبر من الشركات وصغار المقترضين. من جهة أخرى، إن تخفيض الحواجز التي تقيّد حركة الدخول والخروج إلى الأسواق المحمية تخفيضًا شاملًا يخلق حوافز للاستثمار والابتكار وبالتالي زيادة الطلب على اليد العاملة.
الرسالة #3: السماح بتدفق المهارات نحو وظائف القطاع الخاص المنتجة من خلال إعادة التوازن بين شروط العمل في القطاع الخاص والقطاع العام وإعادة النظر في لوائح العمل وتخفيض الحواجز التي تقف أمام المرأة التي تريد العمل.
يؤدي الاستمرار في تطبيق القواعد الصارمة وفي تقديم شروط توظيف أفضل في القطاع العام إلى كبح تدفّق العمال إلى القطاعات الأكثر إنتاجية في الاقتصاد. تحمي هذه القيود طبعًا أقلية من العاملين الحاليين إلاّ أنها تساهم من جهة أخرى في ارتفاع معدلات العمالة اللانظامية والبطالة، لا سيما بين الشباب والنساء. وتزداد هذه التشوّهات سوءًا مع إعانات الطاقة التي تجعل الاستثمار في الآلات أقل كلفة نسبيًا من توظيف العمال. أما الحل فيكون باعتماد التأمين ضد البطالة وشبكة أمان اجتماعية محددة الأهداف تسمح للحكومات بتخفيف صرامة قواعد العمالة وبالتخلص تدريجيًا من إعانات الطاقة المكلفة. في هذا السياق، ستبرز الحاجة أيضًا إلى سياسات محددة تخفّض الحواجز التي تواجهها النساء الراغبات بالعمل، وتضمن لهنّ بيئة عمل آمنة والدعم في حمل الأعباء المنزلية الإضافية.
الرسالة #4: تعزيز قابلية توظيف الشباب عن طريق سد النقص في المعلومات، وتحسين جودة وصلة المهارات، وبناء الشراكات مع القطاع الخاص في مجال التدريب.
يتركز استثمار الشباب والأسر في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بشكل أساسي على التعليم والتدريب. ومع ذلك، فإن غالبية الشباب لا تستطيع الاستفادة من هذه الاستثمارات أو حتى استخدام مهاراتها. ذلك لأن المهارات المكتسبة هي ذات قيمة وملاءمة منخفضة، ولأن الشباب والأسر لا يولون عامل الجدارة في الحصول على وظيفة أهمية كبيرة. إن اعتماد نظام الجدارة أو ما يعرف "بالجديروقراطية" في الحصول على التعليم والتوظيف، وتوافر المجالات التعليمية المتعددة، وإتاحة خيارات الفرصة الثانية هي عناصر أساسية تدخل في تطوير القوى العاملة المنتجة. والمجتمع الذي يقوم على "الجديروقراطية" يعكس بشكل أوضح حاجات السوق لأنظمة التعليم والتدريب. وهو بذلك، يوجّه الطلب على المهارات "المناسبة" في المجالات "المناسبة"، ويردم الهوة بين حاجات السوق ونواتج النظام التعليمي والتدريب. أخيراً، لا بد من تقييم نوعية التعليم وقيمته في أسواق العمل بشكل منتظم من خلال اختبارات معيارية ومراجعة النتائج بهدف اعتمادها كأساس للإصلاح ولتمكين المستفيدين من خدمات التعليم.
الرسالة #5: اللجوء إلى التدخلات القصيرة الأجل للاستجابة للاحتياجات الفورية، وفي الوقت نفسه، بناء المصداقية وتوافق الآراء من أجل تنفيذ إصلاحات متوسطة المدى.
يتطلب توفير البيئة المناسبة لتنفيذ الإصلاحات إجماعًا واسع النطاق على طبيعة مشكلة التوظيف، وبناء قواعد شعبية شاملة لمناصرة التغيير. أما الخطوات الأولى الحاسمة في هذا المجال فتتلخص بما يلي: (أ) تحسين فرص الوصول إلى البيانات والمعلومات، (ب) إشراك جميع العناصر الاجتماعية الفاعلة في الحوار من أجل الإصلاح (ج) تنفيذ برامج قصيرة الأجل تحقق نتائج ملموسة وتعزز بذلك مصداقية عملية الإصلاح.
إشترك الأن في قائمتنا البريدية
المزيد من : قضايا أقتصادية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.