قال تقرير نظرة جديدة إلى النمو الاقتصادي نحو مجتمعات عربية منتجة وشاملة نشره البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية اليوم: إن الأسباب الكامنة وراء الربيع العربي تتضمن انحراف نموذج التنمية وتفكك العقد الاجتماعي اللذين قام بموجبهما المواطنون العرب بمقايضة الحريات السياسية مقابل الحصول على الوظائف… والإعانات المتنوعة… وتدني الضرائب والحصول على مساعدات من الدولة. "وقد أدت السياسات الاقتصادية إلى جانب ضعف هيكليات الحوكمة الديمقراطية والاقتصادية إلى انحراف المحفزات الاقتصادية عن مسارها وإلى ممانعة أنماط التحول الهيكلي لاستحداث فرص العمل اللائق." وأضاف أن التحولات المستمرة في المنطقة العربية تبرز "المقايضة المغلوطة بين الحقوق الاقتصادية والحقوق السياسية.. فعلى الإصلاحات الاقتصادية أن تتماشى جنبا إلى جنب مع الإصلاحات السياسية." وأشار إلى أن المنطقة العربية "سجلت أدنى المعدلات من حيث النمو في دخل الفرد الواحد ومن حيث حرية التعبير والمساءلة" مما يعكس عدم انخراط المواطنين في وضع السياسات. وأشار التقرير (وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز) إلى أن أغلبية المكاسب في مجال التوظيف تركزت في قطاع الخدمات حيث ارتفعت حصة هذا القطاع من التوظيف بنسبة عشرة في المئة خلال السنوات العشرين الماضية وانخفضت حصة قطاع الزراعة بمعدل 20 في المئة لكنه ما زال يوظف 30 في المئة من العمال في شمال إفريقيا و22 في المئة في الشرق الأوسط . ورغم الإصلاحات في دول المنطقة وجهود تعزيز فعالية القطاع الخاص إلا أن التقرير قال إن المنطقة العربية لا تزال "من بين المناطق الأقل تنافسية على المستوى العالمي. وقد فشلت الإصلاحات في معظم الأحيان في ضمان تكافؤ الفرص في السوق… كما بقيت معدلات الاستثمار منخفضة." وأشار إلى أن المنطقة تسجل "أعلى معدل بطالة لدى الشباب على الصعيد العالمي حيث يبلغ 23.2 في المئة بالمقارنة مع المعدل العالمي البالغ 13.9 في المئة." وتسجل المنطقة أيضا أعلى معدل للبطالة لدى الشابات في العالم بنسبة 37 في المئة. وكشف التقرير عن أن المنطقة العربية تسجل أعلى معدلات الهجرة لدى المتعلمين وأصحاب المهارات مشيراً إلى أن معدلات البطالة في العديد من دول المنطقة لدى الشباب المتعلمين تساوي بل وتتخطى معدلاتها لدى الشباب الأقل تعلما، كما أن العمال المتعلمين لا يتقاضون أجرا أعلى بكثير من العمال الأقل تعليما. وفي مجال التعليم شارف معدل تعليم الإناث على اللحاق بمعدل تعليم الذكور ويبلغ عدد الطلاب في المنطقة 80 مليون طالب.. لكن رغم المكاسب المهمة على مستوى التعليم قال التقرير إن الطلاب العرب لا يحتلون "مراتب عالية في جداول التصنيف الدولية لا سيما الطلاب في الدول التي تؤمن الاستخدام في القطاع العام بشكل أو بآخر." وأوضح التقرير تأثر المستوى التعليمي وحوافز التعليم بنوعية الاقتصاد وقال إن "الاقتصاديات القائمة على النفط تتيح القليل من المحفزات التعليمية أمام الباحثين عن عمل نظرا إلى أهمية الجنسية في الحصول على وظيفة". "أما في الاقتصاديات غير القائمة على النفط فيعتبر التعليم عنصرا أساسيا يخول للباحثين عن عمل إيجاد وظيفة محلية أو الهجرة إلى بلد آخر. وبالتالي يتمتع الطلاب في هذه الاقتصاديات بمعدلات اعلى من حيث التحصيل العلمي." ولم تكن المشكلة في العالم العربي في نقص المهارات وإنما في عدم وجود طلب في سوق العمل على المهارات. وأشار التقرير إلى أن من غير المرجح أن يهتم أصحاب العمل العرب "بإتاحة فرص التدريب أمام العمال لأن قضايا مثل استقرار الاقتصاد الكلي والفساد والضرائب والتمويل تسترعي انتباههم أكثر من مسألة النقص في المهارات." وانتقد التقرير وضع الضمان الاجتماعي في دول المنطقة وقال إن التغطية في هذا المجال "غير ملائمة وغير هادفة". وقال إن أغلبية نظم الضمان الاجتماعي تغطي عمال القطاع العام والقطاع الخاص المنظم وتستثني الفئات الأخرى من العمال. وأشار إلى أن ارتفاع معدلات العمل غير المنتظم وتراجع معدلات مشاركة المرأة في سوق العمل إلى جانب تزايد معدلات البطالة يسهم في الحد من التغطية في مجال الضمان الاجتماعي. وسجلت دول مجلس التعاون الخليجي زيادة في الإنفاق الصحي على الفرد بشكل ملحوظ على مر السنين إلا أنه في بعض الدول العربية مثل مصر ولبنان والسودان وسوريا واليمن تتم تغطية أكثر من نصف النفقات الصحية الإجمالية من أموال المواطنين الخاصة. وحذر التقرير من أن من المتوقع أن تسجل المنطقة العربية ادنى معدلات النمو الاقتصادي حتى عام 2015 بالمقارنة مع جميع مناطق العالم بعد أمريكا اللاتينية.