بالأمس أُعلن عبر وسائل الإعلام عن قرار القضاء المصري الإفراج عن الرئيس «المخلوع» حسني مبارك، وذلك بعد صدور قرار إخلاء سبيله من قضايا قتل المتظاهرين وبعض قضايا الفساد المالي، مما أدى بالنيابة العامة إلى سرعة توضيح الأمر بأن مبارك سيبقى محبوساً على ذمة قضايا أخرى، وذلك قبل أن تكون هنالك ردة فعل في الشارع المصري ويحدث ما لا يحمد عقباه. والغريب هنا أنه وبعد قرار الإفراج عن مبارك في القضايا «الجوهرية» من قتل وفساد، ما هي التهم المتبقية؟ ألم يدفع فاتورة الشيشة لدى المقهى المفضل لديه؟ أم أن موكبه قد تعدى السرعة القانونية ذات مرة؟ لا يمكن تصور صمت الشارع المصري عن عدم تحميل رأس النظام المخلوع نصيب الأسد من التهم المنسوبة إليه، ولربما ستشهد مصر مواجهة جديدة، ولربما قريبة بين فلول النظام والشعب المصري الأبي. ومن ناحية أخرى أستغرب الخبر «القضائي» الآخر الذي تصدر تغريدات عالم الإعلام الجديد، ألا وهو صدور قرار بحبس النائب الكويتي السابق وزعيم المعارضة في الكويت مسلم البراك والملقب من قبل مؤيديه ومحبيه ب «ضمير الأمة»، وذلك بحبسه لمدة «خمس سنوات مع الشغل» بتهمة التعدي على «الذات الأميرية»، وأرى أن القضاء ربما قد يكون حقق العدالة من وجهة نظره «إن صحت التهمة طبعاً»، ولكن هل حققت المحكمة بحكمها الاستقرار للكويت على المدى البعيد؟ لا أعتقد. نعم القضاء لا يرى المصالح الأخرى، سياسية كانت أم إعلامية، ويفترض أن القضاء لا يرى سوى الحكم وتحقيق العدالة، ولا ندري إن كان الحكم سوياً سليماً -كما عهدناه دائماً في الكويت الشقيقة وقضائها- أم أنه تشوبه الشوائب والشبهات؟ كما صرح بذلك البراك ومؤيدوه، وبأي حال من الأحوال فإنني أرى أنه كان من الأجدر بالنيابة العامة الكويتية و»مقيمي الدعوة الجنائية» التريث والتفكر والنظر إلى مصلحة الوطن الشاملة أولاً دون تهور أو استعجال، ونحن بلا شك لم ولن نرضى بأي تطاول على رموز الكويت، وعلى رأسهم سمو أمير دولة الكويت، مهما كانت المسببات، إلا أنني أيضاً «كنت وما زلت» من المؤمنين والمؤيدين لنظرية The Big Picture، وعلى أن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع دائماً، فهل نرى تغييراً في المسار؟ لا أدري.. ولكنني أترككم بهذه الدعوة الصادقة بأن يجنب الله الكويت الشقيقة كل «فتنة» و «مفسدة». الرأي الأخير... إنها أنباء متناقضة، فطاغية الأمة يكاد أن يفرج عنه، وضميرها يكاد أن يسجن، نعم هي من مفارقات الربيع العربي «بوجهه الآخر»، والذي بدأ يتحول باشتداد درجة حرارة المناخ «الطبيعي والسياسي» من ربيع عربي جميل إلى صيف عربي حار. (بيع الحكومات كبيع المخدرات كلاهما مربح ومحرّم). إلى اللقاء في رأي آخر...