أنا وجيلي لم نجد حظنا من اللعب، فقد ولدت وقضيت فترة الطفولة في قرية نورها من النجوم والهلال لفترة أسبوعين في الشهر.. ونهارها خلوة ثم مدرسة ثم عمل في الحقل بحسب المراحل السنية.. ولهذا وعندما يحول أحفادي برامج التلفزيون.. لا أعترضهم وإنما أظل في مكاني أتفرج معهم على برامج الأطفال (طيور الجنة) وتوم وجيري.. وأضحك من مقالب توم في جيري ومقالب جيري الصغير في توم.. والمرأة الساحرة صاحبة (المقشاشة) أو بلغة هذا العصر المكنسة الطائرة.. وصارت لي الآن معرفة واسعة وثقافة ببرامج الأطفال وعلى العكس مني فإنهم لا يطيقون أخبار القصف والتفجيرات وتظاهرات الربيع العربي وأخبار المآسي والحروب والفيضانات والحرائق. وهذه الأيام صرت أربط بين قصص توم وجيري وبعض الأحداث التي تجري في عالم السياسة والصراعات بين الجماعات السياسية سواء حكومات ومعارضات أو كليهما من صراعات الداخل.. ففي كل صراع بين جماعتين يمكن أن نرى ونشاهد ونحلل تداعيات تلك الصراعات.. أهدافها وأساليبها ووسائلها.. فبمثلما يصاب توم بالإعباء والنصب جراء مقالب جيري عليه رغم صغر حجمه وقلة حيلته.. فإن المتصارعين يصابون بالنصب والتعب والإعياء جراء المطاردة والمقالب.. وتدخلات الساحرة ومكنستها الطائرة.. ولكن في نهاية الصراع يفوز جيري على توم بذكائه الوقاد وحركته السريعة. توم يتمتع بغباء شديد رغم مظهره العام وشنباته التي تشير إلى الوقار وحيله العديدة التي تكون مفضوحة لدى جيري الصغير المتكبر الذي يدبر لتوم في كل مرة وموقف مكيدة تجعل منه مضحكة للأطفال ويلوذ جيري بالفتحة الصغيرة التي تعتبر المدخل الآمن له بعيداً عن بلوغ يد توم عليه.. عموماً أنا أستمتع جداً لمغامرات جيري مع توم ومقالبه عليه مما يظهر حجم الغباء الذي يتمتع به (توم) في كل مطاردة تقع بينهما.. لاسيَّما إذا اتلف توم أدوات الساحرة ومعدات بيتها.. وهكذا أشعر بأنني صرت تماماً مثل أحفادي وحفيداتي الصغار.. أهو تعويض على ما فات والعوض على الله.