بالتوازي مع العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، دارت حرب إلكترونية شرسة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، والتي دفعت قراصنة إنترنت من جنسيات مختلفة لشن هجمات على مواقع مسؤولين إسرائيليين. وتمكن هاكرز غزة بشكل مؤقت من عرض صور احتجاجية على مواقع شخصية لقادة الاحتلال، والتوعد بالانتقام لأطفال ونساء غزة، وبحسب إحدى القنوات الإسرائيلية، فإن قراصنة المقاومة تمكنوا من نشر بعض التفاصيل الشخصية الخاصة بخمسة وثلاثين ألف مواطن إسرائيلي. وقالت فصائل فلسطينية إنها تمكنت من اختراق خمسة آلاف هاتف متحرك لضباط إسرائيليين يشاركون في العدوان المتواصل بإرسال رسائل تحذيرية لهم. من جانبها، قامت مجموعة من قراصنة الإنترنت تطلق على نفسها اسم "زي كومباني هاكينغ كرو" باختراق عدة حسابات شخصية لسيلفان شالوم، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى مدونته الشخصية وبريده الإلكتروني، وهددت بتسريب رسائله ورقم هاتفه الشخصي، "حسب العربية". وقامت المجموعة أيضاً باستبدال صورة غلاف حسابه على "تويتر" بأخرى تحوي لافتة كتب عليها: "توقفوا عن قتل الشعب أيها الأوغاد". من جانبها، شنت مجموعة قراصنة الإنترنت "أنونيموس" هجوماً على مواقع إلكترونية إسرائيلية رسمية تأييداً لغزة. وانطلقت الشرارة الأولى في تلك الحرب الإلكترونية من موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي على حسابه الرسمي الأربعاء الماضي (14 نوفمبر/تشرين الثاني) أنه "بدأ حملة عسكرية واسعة ضد مواقع ونشطاء الإرهاب في قطاع غزة" إيذانا ببدء العملية العسكرية الإسرائيلية ضد القطاع قبل إصدار أي بيان رسمي أو تصريح صحفي. وتصدت كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) عبر حسابها الخاص على موقع تويتر باللغة الإنجليزية ل"تغريدات" الناطق الإسرائيلي بتغريدات معاكسة من بينها "أيادينا المباركة ستصل إلى قادتكم وجنودكم في كل مكان، لقد فتحتم أبواب جهنم على أنفسكم". ساحة المواجهة وبذلك أصبح الإعلام الاجتماعي ساحة للمواجهة بين الجانبين، وفي هذا الصدد يقول الخبير بالإعلام الاجتماعي اللبناني سفيان ذبيان، لوكالة دويتشه فيله الالمانية، إن الإعلام الاجتماعي، لاسيما تويتر، أعطى مساحة واسعة للفلسطينيين في ظل اعتقادهم بانحياز الإعلام التقليدي الغربي لإسرائيل، لنشر الصورة من على الأرض. ففي هذه المعارك الإلكترونية أصبح المواطن العادي صحفيا، فلم تقتصر المعلومات المنتشرة على وسائل الإعلام الاجتماعي، من تويتر ويوتيوب وفيسبوك، على الصحفيين التقليدين أو الناطقين الرسميين باسم الطرفين بل أصبح كل من لديه حساب متصل بالإنترنت يعمل على نشر المعلومات والصور والأخبار من كل مكان، بشكل أقرب من الصحفيين العاملين مع وسائل الإعلام التقليدية. ومع ذلك فإن ظروف القطاع المحاصر تجعل من الصعب على الفلسطينيين الحفاظ على توازن في حجم المعلومات القادمة من غزة مقارنة بتلك القادمة من إسرائيل، وذلك "بسبب عدم قدرة النشطاء في غزة على البقاء دائما على اتصال بالإنترنت لطبيعة الظروف هناك من انقطاع للتيار الكهربائي، وقرب القصف منهم" وفق قول الخبيرة بالإعلام الاجتماعي، يولا بابياك، في تصريح لوكالة دويتشه فيلله الألمانية. ولكن في ذات الوقت، يحقق النشطاء الفلسطينيون والصحفييون العاملون من قطاع غزة انتشاراً واسعاً على تويتر وفيسبوك، حيث أصبح "الوسم" ( hashtag ) الأكثر انتشاراً حالياً على تويتر هو "غزة تحت القصف" (# GazaUnderAttack ) إضافة إلى وسومات أخرى مثل "غزة" (# Gaza ) وفلسطين حرة (# Free Palestine )، حسب "الجزيرة نت". في حين استخدم الجيش الإسرائيلي الوسم "عامود الدفاع" (# Pillar Of Defense ) الذي حقق انتشارا في بداية العملية العسكرية، لكن سرعان ما سيطرت التغريدات القادمة من غزة على حساب تويتر. ويرى ذبيان أن الحرب الإلكترونية بالدرجة الأولى حرب نفسية لتعزيز المعنويات وفضح الانتهاكات في حال كان هناك تعتيم إعلامي، ويعتبر المحلل لدى شركة "زد كي" للأبحاث، زيوس كيرافالا، أن لهذا النوع من الصراع على الشبكات الاجتماعية معنى كبيرا، حيث تتيح الشبكات إمكانية الوصول لعددٍ كبيرٍ من الناس بشكلٍ سريع، وقد تؤدي إلى تأثيرٍ مضاعف إذا قام الناس بإعادة نشر ما تبثه الشبكة باستخدام خاصية إعادة التغريد " Retweet " والمشاركة " Share ". ويذكر أن الحرب الإلكترونية لا تقتصر على نشر معلومات أو صور أو فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي وإنما تأخذ بعدا أكبر بكثير من خلال قرصنة كل طرف المواقع الإلكترونية للطرف الآخر واختراق حساباته الشخصية على المواقع الاجتماعية. وقد انضمت العديد من مجموعات قراصنة الإنترنت إلى الجانب الفلسطيني في معركته ضد إسرائيل وعلى رأسها مجموعة "أنونيموس" التي هاجمت العديد من المواقع الإسرائيلية، وكذلك مجموعة تطلق على نفسها اسم "زي كومباني هاكينغ كرو" ( ZHC ) التي أعلنت اختراقها حسابات سيلفان شالوم نائب رئيس وزراء إسرائيل على تويتر وفيسبوك ويوتيوب ومدونته على موقع بلوغر وبريده الإلكتروني على جي ميل.