د. طلال سليمان الحربي عندما أعلنت وزارة العمل مع مطلع العام الميلادي الحالي 2013 عن نيتها إصدار أنظمة جديدة وتطبيق أنظمة قديمة لتنظيم سوق العمل وتصويب الأخطاء, أتت غالبية الردود على هذا الإعلان بين أمرين أولهما مهاجمة هذه الأنظمة وانتقادها قبل صدورها, والأمر الثاني هو الفكرة أن هذه الأنظمة الجديدة ستبقى حبراً على ورق أو ستطبق لفترة ثم تذهب إلى درج النسيان, وإن اختصر الأمر الاول على كل من هو مستفيد من عدم تنظيم سوق العمل ومن ليس من مصلحته التصحيح والتصويب, فان الأمر الثاني جمع بين أصحاب النظرية الأولى وبين من فعلاً يريد التصويب والإصلاح لكن تجاربه السابقة لم تزرع في نفسه الثقة بتعديلات وزارة العمل. بين هذا وذاك وحين صدرت الأنظمة الجديدة أو تم العمل بصرامة بالأنظمة القديمة فقد ظهر الأمر وبان, وبالتالي انتقلنا الى المرحلة الثانية وهي ما بين إلغاء أو تعديل, لا أميل الى استخدام مصطلح مراكز القوة المستفيدة من الخلل في تطبيق الأنظمة والتقيد بها ولكن يجب أيضا أن نقر أن هناك تحالفات بدأت بأخذ شكل مراكز القوة, الغريب أن مبدأ الاستفادة من الخلل والأخطاء في تطبيق أنظمة وزارة العمل جعلنا نسمع من هؤلاء المستنزفين لموارد المملكة مطالباتهم بأن يقنن الخطأ ويصبح نظاماً شرعياً, ومحاولاتهم كثيرة لكنهم أبداً لم يحاولوا أن يصوبوا الأوضاع وان يبحثوا عن طرق جديدة تحقق لهم مصالحهم وبنفس الوقت لا تخالف النظام. ان وضع العمل والعمالة في المملكة لدينا وصل الى مرحلة من الخطورة ليس فقط في جانب استنزاف موارد المملكة وتزايد الأعداد غير الشرعية للعمالة, بل ايضاً تعدى ذلك الى خطورة على الأمن الداخلي بل وخطورة من الأمن الخارجي أيضاً, كذلك تأثيرات سلبية على أمور عديدة أخرى في المملكة كتنظيم المدن والأسواق والطرق والبيئة والصحة, وحتى السياحة الداخلية, الأعداد المهولة من العمالة الأجنبية التي أصبحت كالفيروس تؤثر في مختلف نواحي الحياة اليومية في المملكة أمر لم يعد ينفع معه سياسة التأجيل أو الاحتواء. من حقنا ومثل أي دولة في العالم أن يُنظم هذا المجال وأن يعرف كل من يريد القيام بأية أعمال مبنية على أنظمة العمل أين حدوده وما هي المساحات المشروعة له, ليس في العالم كله دولة لديها تجاوزات في مجال العمالة كما لدينا, وحين يطلب رئيس وزراء الهند من حكومة المملكة تمديد فترة التصويب الى ستة شهور فانه إقرار أن وضع مواطنيهم داخل مملكتنا غير قانوني ولا صحي, وطلبهم مستهجن وغريب ودليل على ما وصلنا إليه من مرحلة تحتاج فعلاً لكل أنواع العمليات الجراحية لاستئصال الفيروسات الضارة. نشد على أيدي وزارة العمل وقراراتها بل ونطالب بعدم منح أي مهلة إضافية بعد انتهاء المهلة التي منحها سيدي خادم الحرمين الشريفين بأصالته العربية وإنسانيته المرهفة, مع التركيز على ضرورة الانتباه والتأكد من مراعاة ظروف عامة أخرى قد تضر بمن هو ليس مخالفاً للأنظمة.